انتخابات العراق... حملات تشهير شرسة

حي الأصمعي في البصرة يحظر تعليق صور المرشحين

TT

انتخابات العراق... حملات تشهير شرسة

بينما تتواصل في بغداد وبقية المدن العراقية حملات التشهير وتمزيق ملصقات الائتلافات والشخصيات المرشحة للانتخابات النيابية العامة المقررة في 12 مايو (أيار) المقبل، قرر سكان حي الأصمعي في البصرة حظر تعليق صور المرشحين احتجاجا على ضعف الخدمات. وتأتي حملات التشهير ضمن سياق تنافسي محموم يعده ساسة ومراقبون هو الأشرس منذ الانتخابات العامة التي جرت عام 2005.
وفي آخر مسلسل حملات التسقيط التي تشنها الائتلافات السياسية ضد بعضها البعض، اضطر ائتلاف «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، أمس، إلى الرد على عقد مبرم، تداولته وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، مع شركة إعلان محلية لتغطية حملة دولة القانون الانتخابية بقيمة 153 مليون دولار أميركي.
ونفى المتحدث الرسمي باسم «دولة القانون»، عباس الموسوي، في بيان، التعاقد مع الشركة ودفع المبلغ المذكور، معتبرا أن ذلك يأتي في سياق «حملات تقودها جهات سياسية لديها وسائل إعلام صفراء».
من جانبه، يتفق القيادي في تحالف القرار ظافر العاني بشأن الطبيعة الشرسة التي رافقت الحملات الانتخابية في دورتها الحالية ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «نعم التنافس هذه المرة أكثر شراسة، ويميل إلى الطعن بالشرف وأثمن ما يملكه الإنسان، فيما كان يتركز في الدورات السابقة على تهم الطائفية والانتماء إلى حزب البعث والتخوين السياسي».
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد حازم الشمري في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «المنحى الشرس هذه المرة سببه بروز شخصيات تسعى لتكرس زعامتها السياسية، العبادي مقابل المالكي، عمار الحكيم مقابل المجلس الأعلى وهكذا». ويلفت إلى أن «المشكلة في كل ما نراه اليوم من تنافس شديد هدفه الاستحواذ على المناصب والسلطة والنفوس وليس خدمة الناس والبلاد». ويعتقد الشمري أن «التطور الهائل الذي حدث في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة في الدورة الحالية، زاد من حدة التنافس الانتخابي الشرس».
بدوره، اعتبر رئيس حزب «المؤتمر الوطني» آراس حبيب أن «المرأة العراقية تتعرض إلى تسقيط سياسي ممنهج».
وقال حبيب وهو عضو في ائتلاف «النصر» الذي يتزعمه رئيس الوزراء حيدر العبادي في بيان صحافي، أمس: إن «الخطورة تكمن في تشويه صورة المرأة العراقية التي بدأت تقبل على الحياة السياسية بكل مفاصلها وتفاصيلها»، مضيفا: «ثمة فرق بين أن يكون النقد ضمن سياق موضوعي وبين التشويه والتسقيط وهو ما بتنا نلاحظه الآن في الحملة الدعائية».
إلى ذلك، قرر سكان «حي الأصمعي الجديد» في مركز محافظة البصرة (580 كيلومترا) جنوب العراق حظر تعليق صور وملصقات المرشحين في شوارع الحي وساحاته، احتجاجا على حالة الفقر الشديد وانعدام الخدمات. ويقع حي الأصمعي الجديد الشعبي والفقير في مركز مدينة البصرة ويسكنه نحو ألفي عائلة. وذكر شاهد عيان لـ«الشرق الأوسط»: أن «الحي يخلو تماما من أي صورة أو ملصق دعائي لأي مرشح أو قائمة انتخابية منذ انطلاق الحملات الدعائية قبل أسبوع ولحد الآن». ويقول: «يجب أن يعلن الحي كمنطقة منكوبة، لا شيء فيه ولا جديد سوى اسمه».
ووجه سكان الحي، أمس، رسالة إلى محافظ البصرة أسعد العيداني، طالبوه فيها باستكمال مشروع المجاري المتلكئ وتبليط شوارع الحي، وهددوا بتحول مظاهراتهم إلى اعتصامات مفتوحة، كما حذروا من أنهم لن يسمحوا لأي مرشح لانتخابات مايو (أيار) المقبل بدخول الحي وتعليق صورهم الدعائية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.