تعهد العبادي بضمان الولاية الثانية يثير موجة انتقادات

خصوم سياسيون يتوقعون أن «تصدمه» نتائج الانتخابات

ملصق انتخابي لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في بغداد (أ.ف.ب)
ملصق انتخابي لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في بغداد (أ.ف.ب)
TT

تعهد العبادي بضمان الولاية الثانية يثير موجة انتقادات

ملصق انتخابي لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في بغداد (أ.ف.ب)
ملصق انتخابي لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في بغداد (أ.ف.ب)

أعلن ائتلاف النصر الذي يتزعمه رئيس الوزراء حيدر العبادي أن الأخير سوف يشكل الحكومة المقبلة، مما يعني ضمناً أنه ضمن الولاية الثانية. وقال حسين درويش العادلي، المتحدث الرسمي باسم «ائتلاف النصر» في بيان، إن «العبادي سيشكل الحكومة القادمة على أساس من الاستحقاقين الانتخابي والوطني بما يضمن التكامل الوطني بعيداً عن الاستئثار بالحكم».
وأضاف العادلي أن «العبادي سيلتزم بمنهجه الانتخابي بتحرير الدولة من نظام المحاصصة العرقية الطائفية الحزبية إلى استحقاق المواطنة ونظام الخدمة المدنية تحقيقاً للعدالة وتكافؤ الفرص»، مبيناً أن «العبادي سيلتزم أيضاً بمبادئ مهمة ستشكل نموذجا للحكم الفعال، منها: ضمان مرجعية الدولة ووحدة فعلها ومؤسساتها، وحصر الشرعية والسلاح والسيادة لسلطاتها الشرعية، وإيقاف ظاهرة التداخل بين مؤسسات الدولة والكيانات السياسية لإيقاف التأثير على استقلاليتها وأدائها الوظيفي».
وتباينت ردود الفعل من مختلف الكتل والكيانات المشاركة في الانتخابات التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» حيال هذه التصريحات؛ ففي الوقت الذي عد فيه بعض ممثلي هذه الكتل نتائج الانتخابات سوف تكون صادمة للعبادي طالب آخرون بأن ينفذ العبادي تعهداته السابقة قبل أن يتحدث عن الولاية الثانية. وقال أثيل النجيفي، القيادي البارز في تحالف «القرار» الذي يتزعمه أسامة النجيفي نائب الرئيس العراقي الحالي: «إننا نسأل العبادي عن ضان تنفيذ الوعود التي التزم بها ولم ينفذها في برنامج حكومته الأولى». وردّاً على سؤال عما إذا كان التحالف السني يقبل بولاية ثانية للعبادي، قال النجيفي: «نحن لا نربط أنفسنا بوعود مسبقة قبل أن نسمع منهم كيف سينفذون وعودهم».
في السياق نفسه، يرى عضو البرلمان العراقي عن المكون التركماني حسن توران، أن «الحكومة المقبلة يجب أن تكون ممثلة لكل أطياف الشعب العراقي وتجربة التكنوقراط تجربة فاشلة بامتياز». وأضاف توران: «نؤيد بناء الدولة بعيداً عن المحاصصة، وينبغي التفريق بين تمثيل المكونات العراقية والمحاصصة المقيتة».
من جهتها، ترى النائبة الإيزيدية فيان دخيل إن «المعيارين الذين وضعهما السيد العبادي لأعضاء الحكومة القادمة في حالة تكليفه بتشكيلها، وهما الانتخابي والوطني يلبيان حسب اعتقادي شروط تشكيل حكومة واسعة التمثيل على ألا يؤدي التركيز على رفض المحاصصة إلى حرمان الأقليات في حقها في المشاركة في الحكومة المقبلة، خصوصاً أن هناك الكثيرين من نخب الأقليات ممن تنطبق عليهم شروط القيادة في دولة المؤسسات التي نطمح إلى بنائها».
بدورها، ترى النائبة عن كتلة التغيير الكردية، سروة عبد الواحد، أن «نهاية المحاصصة تكون بتشكيل حكومة الأغلبية إن كانت سياسية أو وطنية»، مبينة أن «هذه المصطلحات لا تغير من الواقع شيئاً». وأضافت: «يتعين على الأحزاب التي ستشارك في تشكيل الحكومة أن تكون لديها جرأة لتحمل المسؤولية»، مشيرة إلى أن «الاستحقاق الانتخابي يجب أن يكون الأساس في تشكيل الحكومة وأي مصطلح آخر يرجعنا للمحاصصة الحزبية».
لكن النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني، شوان داودي، يرى أن «رئيس الوزراء المقبل في العراق يحدده في الغالب العامل الإقليمي والدولي أكثر مما يجري الاتفاق عليه في الداخل»، مبيناً أن «المصالح الإقليمية والدولية تلعب دوراً محورياً في تحديده ولسنا نحن العراقيين».
أما محمد جميل المياحي، الناطق الرسمي باسم تيار الحكمة الذي يتزعمه عمار الحكيم، فيرى أن العبادي «أصبح بعيداً جداً عن الولاية الثانية، فضلاً عن أن نتائج الانتخابات ستشكل صدمة له». وعد المياحي أن «هذه التصريحات لا تعدو أن تكون مجرد محاولات لرفع معنويات جمهوره وجمهوره بالتأكيد سيصوت له لأنه رئيس الوزراء».
من جهته، يرى المرشح المستقل للانتخابات المقبلة عن ائتلاف دولة القانون سامي العسكري أن «تصريح العبادي جزء من الحملة الانتخابية الهدف منها هو التأثير النفسي على الناخب». وأضاف العسكري أن «موضوع رئيس الوزراء المقبل مرهون بعوامل كثيرة غير واضحة حتى الآن في مقدمتها نتائج الانتخابات»، مشيراً إلى أن «من الواضح أن شعبية العبادي ليست كما يتمنى أنصاره ومؤيدوه ولعل زيارته لمحافظتي الديوانية وميسان والحضور الجماهيري المتواضع فيهما مؤشر لغير صالح العبادي».
ولفت العسكري إلى أن «النتائج لوحدها ليست كافية فتحالفات ما بعد الانتخابات هي الأخرى عامل مهم في تقرير الكتلة الأكبر، وفي تحديد مرشحها لرئاسة الوزراء، وبالنسبة لي وعلى ضوء ما هو متوفر من معطيات أجد أن حظوظ العبادي في دورة ثانية ضعيفة جدّاً».
ويرى القيادي في ائتلاف دولة القانون والمرشح في الانتخابات المقبلة، سعد المطلبي، أن «تصريح المتحدث الرسمي باسم ائتلاف النصر، إنما يمثل مصادرة واضحة لإرادة الناخب، واختزالاً للعملية السياسية ولا يتناسب مع مفهوم التبادل السلمي للسلطة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.