وسط القاهرة يتنفس فناً وثقافة بعد افتتاح شارع «الشريفين»

رسم حي وعروض موسيقية على غرار شوارع أوروبا

رسام يمارس هوايته في شارع الشريفين
رسام يمارس هوايته في شارع الشريفين
TT

وسط القاهرة يتنفس فناً وثقافة بعد افتتاح شارع «الشريفين»

رسام يمارس هوايته في شارع الشريفين
رسام يمارس هوايته في شارع الشريفين

حمل الطالب عبد الرحمن ألوانه وأوراقه قاصداً شارع الشريفين وسط القاهرة، بحثاً عن فرصة لتقديم موهبته إلى جمهور الشّارع الذي ارتدى حلة جديدة، بعد أن انتهت أعمال التطوير فيه بالتزامن مع احتفالات مصر بـ«يوم التراث العالمي»، ليتحول الشّارع إلى منطقة مخصّصة للفنون تزدان بها منطقة وسط العاصمة التي تحمل لقب «القاهرة الخديوية».
وفي وسط الشارع الذي يمتد بطول 190 مترا، اتخذ الشاب العشريني مقعده خلف حامله وسط العشرات غيره من الرسامين والنحاتين، وعلى مقربة منهم العازفون والمطربون في عمر الشباب الذين انخرطوا جميعا في الرسم الحي والعزف المباشر، ومن حولهم التف الجمهور الزائر للشارع من المصريين والأجانب، ليشاهدوا ما تخطه فرشهم وما تبدعه أناملهم، في مشهد إبداعي مشابه تماما لما تشهده شوارع أوروبا.
خضع شارع الشريفين لعمليات ترميم في الأشهر السابقة ضمن أعمال تطوير منطقة البورصة التي تقوم بها اللجنة القومية لحماية وتطوير القاهرة التراثية ومحافظة القاهرة ضمن المرحلة الرابعة من مشروع تطوير القاهرة الخديوية، وتمتد منطقة مثلث البورصة في المربع الواقع بين شوارع قصر النيل وصبري أبو علم والقاضي الفاضل وشارع علوي، وتُطوّر بتمويل من عدد من الكيانات الاقتصادية كالبنوك والشركات الواقعة بنطاقه.
وشملت عملية التطوير لتحويله لمنطقة للفنون والثقافة تغيير الأرضيات واستبدالها بطبقة من الحجر بدلاً من الإسفلت، بجانب تغيير ألوان الحوائط وتوحيد لونها باللون السائد في منطقة وسط البلد، وزراعة أحواض لنباتات الزينة، وتغيير أعمدة الإنارة إلى شكل تقليدي مميز، كما تم عمل إضاءات احترافية لكل المباني التراثية المميزة بالشارع، على أن تتم إضاءتهما معاً خلال الليل، وهو ما يعمل على خلق بيئة خصبة للإبداع في الشارع.
ويضم شارع الشريفين تسعة عقارات ذات طابع معماري متميز، منهم مبنى الإذاعة الشهير، وفندق كوزموبوليتان، ومباني البورصة والبنك الأهلي وبنك قناة السويس. ويشمل مخطط التطوير تحويل المحلات المغلقة إلى غاليريهات تعرض أعمالا فنية لشباب الفنانين، ومكتبات لبيع الكتب والصحف، إلى جانب تنظيم فعاليات موسيقية في فضاء الشارع لجذب السياح واحتفاليات للفنون التشكيلية لكبار الفنانين والشباب منهم، وعروض مسرحية ضمن مسرح الشارع، واجتذاب فنون الأداء الشعبي، وتنظيم معارض لمنتجات الحرف اليدوية والتراثية.
على بعد أمتار من مبنى الإذاعة، وفيما بدأ يجذب فنه الذي يخطه عدداً من الجمهور؛ قال عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»: «أشعر بسعادة غامرة لافتتاح هذا الشارع الذي أعتبر هدفه بتجميع الفني والثقافي فكرة عظيمة، فهو شعور رائع أن يكون هناك شارع مخصص لنا كفنانين ومبدعين وموهوبين، لنعرض إبداعنا على الجمهور بشكل مباشر، والتفاعل معهم، ويظهر فننا للجميع بعد أن كنا مهمشين، لذا أنوي الحضور هنا على الدوام بعد أن أصبح يُلقب بـ(شارع الفن)».
شارع الفن، هو عنوان الاحتفالية التي شهدها شارع الشريفين بمناسبة افتتاحه الذي تمّ بالتعاون بين اللجنة القومية لحماية القاهرة التراثية وتطويرها، وجهاز التنسيق الحضاري، ومحافظة القاهرة، وأكاديمية الفنون، وقطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة، ويشارك فيها 50 فناناً شاباً، بينهم موسيقيون وتشكيليون.
ويقول الدكتور خالد سرور رئيس قطاع الفنون التشكيلية لـ«الشرق الأوسط»: «ما يشهده شارع الشريفين اليوم من احتفالية؛ هو بداية للحالة الثقافية التي سيشهدها الشارع في الفترة المقبلة، لتكون به نشاطات فنية وثقافية طوال أيام العام، بعد أن تمت عمليات التطوير، وسوف نعمل على إيجاده بالفعل خلال الفترة المقبلة على غرار ما يحدث في دول العالم المتقدمة».
ولفت إلى أن مشاركة قطاع الفنون التشكيلية في احتفالية «شارع الفن» هي جزء من برنامج يستمر لمدة أسبوع إحياء لليوم العالمي للتراث، شمل فتح المتاحف والمواقع الأثرية للجمهور مجانا بهدف التوعية بإرث مصر الحضاري الفريد، ولفت نظر المواطنين والمؤسسات إلى أهمية الحفاظ على التراث الثقافي المصري خاصة الحرف والفنون التراثية.
وخلال افتتاح الشارع الذي شهده عدد من المسؤولين المصريين، أشار المهندس عاطف عبد الحميد محافظ القاهرة إلى أن القاهرة تسعى لإعادة تأهيل المناطق التراثية وتنميتها وتحويلها إلى مزارات سياحية ومناطق جذب سياحي، إلى جانب وضع برامج توعية للمواطنين من سكان تلك المناطق بأهميتها التاريخية لحثّهم على الحفاظ عليها ودعم جهود تطويرها بحمايتها وحراستها وعدم التعرض لها أو العبث بها.
وذكر المحافظ أنّ القاهرة تعدّ من المحافظات ذات الأهمية التاريخية والتراثية والثقافية على المستوى الإقليمي والعالمي، مشيراً إلى انضمامها أخيراً لشبكة المدن الإبداعية في اليونيسكو لأهميتها التراثية وغناها بالحرف اليدوية التقليدية القديمة، مضيفاً أنّ العاصمة المصرية تعدّ من أهم المواقع التراثية وأثراها على قائمة اليونيسكو، حيث تضم أكثر من 3 آلاف مبنى وموقع تاريخي وإسلامي متميز.



استعادة التراث الحضاري المصري في معرض للحرف اليدوية

منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)
منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)
TT

استعادة التراث الحضاري المصري في معرض للحرف اليدوية

منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)
منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)

في خطوة لاستعادة التراث الحضاري المصري، عبر تنشيط وإحياء الحرف اليدوية والتقليدية، افتتح رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الدورة السادسة لمعرض «تراثنا»، الخميس، التي تضم نحو ألف مشروع من الحرف اليدوية والتراثية، بالإضافة إلى جناح دولي، تشارك فيه دول السعودية والإمارات والبحرين وتونس والجزائر والهند وباكستان ولاتفيا.

المعرض الذي يستمر حتى 21 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يضم معروضات من الجمعيات الأهلية، من مختلف محافظات مصر، والمؤسسات الدولية شركاء التنمية، بهدف «إعادة إحياء الحرف اليدوية والصناعات التقليدية والتراثية، بما يُعزز من فرص تطورها؛ لكونها تُبرز التراث الحضاري المصري بشكل معاصر، يلبي أذواق قاعدة كبيرة من الشغوفين بهذا الفن داخل مصر وخارجها، كما تُسهم في تحسين معيشة كثير من الأسر المُنتجة»، وفق تصريحات لرئيس الوزراء المصري على هامش الافتتاح، كما جاء في بيان نشره مجلس الوزراء، الخميس.

رئيس الوزراء المصري يتفقد أجنحة المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)

ووفق تصريحات صحافية للرئيس التنفيذي لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، باسل رحمي، يقدم المعرض مجموعة من الفنون المصرية المُتفردة، مثل: السجاد والكليم اليدوي، والمنسوجات، والتلّى، ومفروشات أخميم، والإكسسوار الحريمي، والحرف النحاسية والزجاجية، وأعمال التطريز، والخيامية، والصدف، والتابلوهات، والخزف، والجلود، ومنتجات الأخشاب، والخوص، والأثاث، إلى جانب الملابس التراثية، والمكرميات، وأعمال الرسم على الحرير، والبامبو، ومنتجات سيناء، وغيرها.

منتجات متنوعة في أجنحة المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)

وعرض جناح هيئة التراث السعودية، منتجات عددٍ من أمهر الحرفيين المتخصصين في الصناعات اليدوية التقليدية، كما عرض جناح غرفة رأس الخيمة، منتجات محلية تراثية، وكذلك جناح الديوان الوطني للصناعات التقليدية في الجمهورية التونسية.

وأعلن رحمي عن توقيع بروتوكولات تعاون مع عدة دول، من بينها الهند، لتبادل الخبرات والتنسيق في المعارض المشتركة؛ بهدف نشر الصناعات اليدوية والعمل على تسويقها داخل مصر وخارجها، مؤكداً على عقد بروتوكول تعاون مع شركة ميناء القاهرة الدولي؛ لتوفير منصات تسويقية تحت العلامة التجارية «تراثنا» داخل صالات مطار القاهرة الدولي، وإتاحة مساحات جاذبة لجمهور المسافرين والزوار لعرض وبيع منتجات الحرفيين المصريين اليدوية والتراثية.

معرض «تراثنا» يضم كثيراً من المنتجات المصنوعة يدوياً (رئاسة مجلس الوزراء)

كما سيتم توقيع مذكرة تفاهم ثلاثية بين جهاز تنمية المشروعات، والشركة المسؤولة عن تشغيل المتحف المصري الكبير، وكذلك الشركة المسؤولة عن تنظيم عمليات إنتاج وعرض المنتجات الحرفية داخل متجر الهدايا الرسمي بالمتحف لدعم وتأهيل أصحاب الحرف اليدوية والتراثية وتطوير منتجاتهم، تمهيداً لعرضها بعدد من المتاجر في مناطق سياحية مختلفة داخل وخارج البلاد، في إطار تعزيز التكامل بين الجهات الحكومية وشركات القطاع الخاص.