المغرب يستهدف النهوض باللغة والثقافة الأمازيغية لدى مهاجريه بالخارج

بنعتيق: تعلمها أضحى من مطالب مغاربة العالم

TT

المغرب يستهدف النهوض باللغة والثقافة الأمازيغية لدى مهاجريه بالخارج

وقع عبد الكريم بنعتيق، الوزير المنتدب المكلف المغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، وأحمد بوكوس عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، اتفاقية شراكة تروم النهوض باللغة والثقافة الأمازيغية لدى المغاربة المقيمين بالخارج أمس في مقر الوزارة بالرباط.
وقال بنعتيق، في كلمة بالمناسبة، إن الإحصاءات المتوفرة لدى الوزارة تبين أن للمغرب 5 ملايين مواطن في العالم، أغلبهم يستقر في أوروبا، ويملك ارتباطاً استثنائياً بوطنه الأم، مؤكداً أن هذه الفئة لديها مطالب ملحة، ومن أهمها تعلم اللغتين العربية والأمازيغية.
وأضاف الوزير المكلف المغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة أن وزارته تجد نفسها في مواجهة هذه التحديات والمطالب بإمكانات بشرية وعلمية متواضعة، معتبراً أن الاتفاقية التي وقعتها الوزارة مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ستتيح فرصة للتكوين، وتأهيل الأطر البشرية للقيام بهذه المهمة، بشراكة وتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني.
وأوضح بنعتيق أن مغاربة العالم يبذلون جهوداً وطنية كبيرة في هذا المجال، لكن «تنقصهم المنهجية البيداغوجية (التربوية) والمضمون العلمي، وفي بعض الأحيان الكتب والأدوات الأخرى»، معتبراً أن تفعيل هذه الاتفاقية على أرض الواقع «واجب وطني وركيزة أساسية لتفعيل الدستور المغربي، الذي نص على أن اللغة الأمازيغية لغة رسمية للمملكة إلى جانب اللغة العربية».
واعترف المسؤول الحكومي بأن علمية تفعيل المقتضى الدستوري لترسيم الأمازيغية «يعرف صعوبات، وهو أمر عادي في كل البلدان من دون استثناء»، مشدداً على أهمية هذا الاتفاق الذي «سيساهم في هذه اللحظة الانتقالية التي تعيشها البلاد، وأن يتقن أبناؤنا مستقبلاً اللغتين العربية الأمازيغية».
وزاد بنعتيق مبيناً أنه إذا نجح المغرب في هذا الورش «سنحقق إنجازاً ديمقراطياً كبيراً، والتنزيل الفعلي على أرض الواقع في كل المناطق المغربية، ما دامت اللغة الأمازيغية هي ملك مشترك لكل المغاربة من دون استثناء»، مشدداً في الآن ذاته على أهمية إدراك هذا البعد ليصبح «حقيقة مرجعية».
وأضاف المتحدث ذاته أن هذا التوجه سيمكن البلاد لتنتقل من «التعامل السياسي الذي كان في لحظة من اللحظات»، مستدركاً بالقول: «هو أمر عادي في كل بلد يعيش مرحلة انتقالية، لنصل إلى التفاعل الوطني الإيجابي ما دام أن الأمازيغية رأسمال أساسي وإرث يؤكد أن هذا الوطن له تاريخ وجذور عميقة يمكن أن يفتخر بها الإنسان، وسيسهم في تقوية الهوية الوطنية والحفاظ عليها»، حسب تعبيره.
من جانبه، اعتبر أحمد بوكوس، عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أن الاتفاقية الموقعة من شأنها تعزيز العمل المشترك بين مؤسسات الدولة وجمعيات المجتمع المدني، والإسهام في نشر اللغة الأمازيغية بصفتها «لغة رسمية لها حقوقها وعلى مؤسسات الدولة أن تقوم بحمايتها ومأسستها».
وأعرب بوكوس عن أمله في توافر «الشروط الملائمة للاستجابة لانتظارات مواطنينا في الخارج»، مؤكداً أن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية عمد إلى «إعداد استراتيجية تدريس اللغة الأمازيغية لفائدة أبناء مغاربة العالم».
كما أشار المتحدث ذاته إلى أن المعهد يملك ما يكفي من التجربة والممارسة للمساعدة في منهاج تدريس اللغة الأمازيغية، مسجلاً أنها «ستسهم في تكوين مؤطرين تابعين لجمعيات المجتمع المدني، وستستفيد من الممارسات وما تم اكتسابه على مستوى المجتمع المدني في الخارج».
وذهب بوكوس إلى أن هذه المبادرة والرؤية القائمة على المقاربة التشاركية بين المعهد والوزارة والمجتمع المدني «ستسهم في تقوية الروابط الرمزية المتعلقة بوجدان الإنسان وهويته الوطنية والروابط الاجتماعية والثقافية والسياسية».
ويأتي توقيع هذه الاتفاقية في إطار تفعيل المقتضيات الدستورية، التي تعتبر الأمازيغية لغة رسمية للمملكة إلى جانب اللغة العربية، ورصيداً مشتركاً لجميع المغاربة، ورافداً من روافد الثقافة المغربية. كما تندرج في إطار مقاربة تكاملية ومندمجة تروم التجاوب مع انتظارات وتطلعات مغاربة العالم، خصوصاً الحفاظ على هويتهم الوطنية في بعدها الأمازيغي.
كما تهدف الاتفاقية، حسب الموقعين عليها، إلى إرساء وتعزيز آليات التعاون والتنسيق المشترك بين الطرفين في كل الجوانب، التي تخدم قضايا مغاربة العالم، مع دعم المبادرات والتدابير التي يمكن أن تتخذ لفائدتهم في هذا الشأن.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».