المظاهرات تجتاح المدن الأرمينية ضد تنصيب سركيسيان الموالي لموسكو

المعارضة تتكلم عن «تلاعب» دستوري وتنادي بـ«ثورة مخملية وعصيان مدني»

محتجون يغلقون مداخل المباني الحكومية في العاصمة يريفان (أ.ف.ب)
محتجون يغلقون مداخل المباني الحكومية في العاصمة يريفان (أ.ف.ب)
TT

المظاهرات تجتاح المدن الأرمينية ضد تنصيب سركيسيان الموالي لموسكو

محتجون يغلقون مداخل المباني الحكومية في العاصمة يريفان (أ.ف.ب)
محتجون يغلقون مداخل المباني الحكومية في العاصمة يريفان (أ.ف.ب)

يشارك آلاف المتظاهرين منذ أكثر من أسبوع في تحركات احتجاجية في مدن أرمينية عدة، تلبية لدعوة النائب وزعيم المعارضة نيكول باشينيان، الذي طالب بـ«بدء ثورة مخملية» ودعا إلى «عصيان مدني». ويتهم المعارضون الرئيس السابق سيرج سركيسيان الذي أنهى ولايته الرئاسية الثانية والأخيرة، بالسعي إلى البقاء في الحكم، بعدما انتخبه النواب الثلاثاء رئيسا للوزراء، بموجب تعديل دستوري مثير للجدل.
وقال باشينيان لوكالة «الصحافة الفرنسية»، إن «الآلية التي نلجأ إليها هي آلية العصيان المدني».
وأضاف أن «الثورة المخملية ليست مطلبا نتوجه به إلى السلطات؛ بل هي تحرك للشعب الذي يريد أن تكف كل مؤسسات الدولة عن الامتثال لسيرج سركيسيان، والوقوف إلى جانب الشعب، بما فيها الشرطة».
ووسط احتجاجات كبيرة وتنظيم مسيرات بيريفيان واعتصامات أمام المباني الحكومية، تطورت المظاهرات التي اندلعت قبل أيام إلى مواجهة مع الشرطة أوقعت جرحى.
وبالأمس اعتقلت الشرطة أكثر من 180 متظاهرا كانوا يحاولون قطع طرق في العاصمة، في اليوم الثامن من الاحتجاجات. وسار مئات المتظاهرين في شوارع يريفان رافعين أعلاما أرمينية ولافتات كتب عليها «سركيسيان ديكتاتور»، وحاولوا وقف حركة السير. وحاول متظاهرون أيضا قطع الطريق الرئيسية في غومري، ثاني مدن البلاد.
وقال المتحدث باسم الحزب الجمهوري الحاكم إدوارد شارمازانوف للصحافيين: «نحترم حق المواطنين في التجمع؛ لكننا نرفض المطالبة باستقالة رئيس الوزراء». ونددت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في بيان بـ«الاعتقالات التعسفية» للمتظاهرين.
وفيما يشهد هذا البلد الصغير في القوقاز مظاهرات هي الأكبر في السنوات الأخيرة، أعاد البرلمان، الثلاثاء، انتخاب الرئيس السابق الذي يتولى الحكم منذ 2008، والتف بفضل إصلاح دستوري، على حظر الترشح لولاية ثالثة، من خلال العمل على انتخابه رئيسا للوزراء، في خطوة ستعزز قبضته على السلطة. ووافق البرلمان على تولي سركيسيان (63 عاما) المنصب الجديد، بتأييد 77 صوتا ومعارضة 17 صوتا، وذلك بعد أن انتهت ولايته الرئاسية الثانية والأخيرة الأسبوع الفائت.
ودانت المعارضة انتخاب سركيسيان باعتباره يفتقد «الدعم الشعبي». وحاصر متظاهرون مداخل أكثر من 10 مبان حكومية، من بينها مقرات وزارة الخارجية والمصرف المركزي. لكن الحزب الجمهوري الحاكم تجاهل الاحتجاجات. وقبل بدء إجراءات انتخابه، لام سركيسيان المعارضة على محاولة إيقاف مسيرة البلاد. وقال إن «البراكين الخامدة لا يجب أن تثور إذا ما أردنا العيش في أرمينيا مزدهرة، في دولة قانون. والبراكين لن تثور إذا لم يثرها أحد».
وبدأت المظاهرات الجمعة الماضي في يريفان، وامتدت منذ ذلك الوقت إلى ثاني أكبر مدينتين أيضا في أرمينيا، غيومري وفانادوز. واضطرت الشرطة الاثنين إلى استخدام قنابل صوتية لتفريق متظاهرين حاولوا عبور حواجز من الأسلاك الشائكة بالقوة، سعيا للوصول إلى مبنى البرلمان. وأعلنت إصابة 46 شخصا بجروح طفيفة بينهم النائب باشينيان.
وبانتخابه رئيسا للوزراء، سيظل سركيسيان على رأس السلطة في بلاده، بعد أن بات منصب الرئيس فخرياً منذ التعديل الدستوري في 2015، الذي جعل أرمينيا جمهورية برلمانية يتولى فيها رئيس الوزراء السلطة التنفيذية. لكن المعارضة اشتكت من انتهاكات واسعة في مراكز الاقتراع، ما دفع الآلاف للاحتجاج في مسيرات في الشوارع. وأوضح مراقبو مجلس أوروبا أن الاستفتاء شابه مزاعم شراء أصوات وتصويت متكرر على نطاق واسع، ضمن مخالفات أخرى.
وتؤكد المعارضة أن هذا التعديل هدف فقط إلى إبقاء سيرج سركيسيان، الضابط السابق في الجيش والموالي لروسيا، رئيسا منذ 2008، بعدما كان رئيسا للوزراء في 2007 - 2008. وأقسم الرئيس الجديد أرمين سركيسيان، الذي لا تربطه صلة قرابة بسلفه، اليمين، الأسبوع الماضي.
وطوق نحو ألف من المتظاهرين، فترة وجيزة في وقت مبكر الأربعاء، مقر إقامة سركيسيان في وسط العاصمة الأرمينية، قبل أن يسيروا في أنحاء المدينة، على وقع هتافات: «أرمينيا من دون سيرج»، منظمين تجمعات في أمكنة مختلفة بالعاصمة. وخلال اجتماع أمام جامعة يريفان، دعا زعيم المعارضة باشينيان الطلبة إلى الالتحاق به. وقال: «أنتم شبان، لستم سجناء، اخرجوا وانضموا إلينا».
وفي تصريح لوكالة «الصحافة الفرنسية»، قال المتظاهر أطوم (26 عاما)، إن «الناس غاضبون جدا، لم يعد في وسعهم تحمل حكم سركيسيان». وأكدت الطالبة إيرينا دافتيان، أنها تركت دروسها الجامعية للالتحاق بالمظاهرات. وقالت: «جيلي، أصدقائي وأنا، ضد سيرج سركيسيان وضد هذه الحكومة». وتابعت بأن سيرج «يمسك بالسلطة منذ 10 سنوات وبوسعنا جميعا أن نرى أن ذلك لم يؤد إلى نتيجة جيدة».
ودان المتحدث باسم الحزب الجمهوري، ونائب رئيس البرلمان إدوارد تشارمازانوف المظاهرات التي وصفها بـ«أجندة المعارضة المصطنعة والمزيفة». ودعت وزارة الداخلية من جانبها في بيان «منظمي المظاهرات إلى وقف هذه التحركات غير الشرعية»، محذرة من أنهم سيضطرون إلى «تحمل مسؤولياتهم» إذا تدخلت الشرطة.
من جانبه، هنأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الأرميني بانتخابه. وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئيس الروسي: «نرصد الأحداث الجارية في أرمينيا، ونأمل في أن يبقى كل شيء في إطار القانون».
وقد أدخل سركيسيان الذي يعتبر مواليا لروسيا، بلاده في الاتحاد الأوروبي - الآسيوي، وهو اتحاد اقتصادي وجمركي ترأسه موسكو.
وفي تصريح لوكالة «الصحافة الفرنسية»، قال المحلل السياسي غويلا فاسادزي، إن «أكثرية ساحقة من الأرمينيين تريد تغييرات سياسية». وأضاف أن «فرص تحول المظاهرات إلى ثورة، ضعيفة؛ لكن إذا أخفقت السلطات في الاستجابة لمطلب الشعب، فلن يتأخر انفجار ثورة».
من جهته، اعتبر المحلل الآخر ستيبان سفايان أن «حجم المظاهرات يثبت أن الغضب قد ازداد في السنوات الأخيرة»؛ لكن «المعارضة تفتقر إلى الإمكانات السياسية لإرغام سركيسيان على الاستقالة».



تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

شارك آلاف الأفغان، الخميس، في تشييع وزير اللاجئين خليل الرحمن حقاني، غداة مقتله في هجوم انتحاري استهدفه في كابل وتبنّاه تنظيم «داعش»، وفق ما أفاد صحافيون في «وكالة الصحافة الفرنسية».

يقف أفراد أمن «طالبان» في حراسة بينما يحضر الناس جنازة خليل الرحمن حقاني بمقاطعة غردا راوا في أفغانستان 12 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

وقتل حقاني، الأربعاء، في مقر وزارته، حين فجّر انتحاري نفسه في أول عملية من نوعها تستهدف وزيراً منذ عودة حركة «طالبان» إلى السلطة عام 2021.

وشارك آلاف الرجال، يحمل عدد منهم أسلحة، في تشييعه بقرية شرنة، مسقط رأسه في منطقة جبلية بولاية باكتيا إلى جنوب العاصمة الأفغانية.

وجرى نشر قوات أمنية كثيرة في المنطقة، في ظل مشاركة عدد من مسؤولي «طالبان» في التشييع، وبينهم رئيس هيئة أركان القوات المسلحة، فصيح الدين فطرت، والمساعد السياسي في مكتب رئيس الوزراء، مولوي عبد الكبير، وفق فريق من صحافيي «وكالة الصحافة الفرنسية» في الموقع.

وقال هدية الله (22 عاماً) أحد سكان ولاية باكتيا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طالباً عدم كشف اسمه كاملاً: «إنها خسارة كبيرة لنا، للنظام وللأمة».

من جانبه ندّد بستان (53 عاماً) بقوله: «هجوم جبان».

أشخاص يحضرون جنازة خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين والعودة في نظام «طالبان» غير المعترف به دولياً العضو البارز في شبكة «حقاني» (إ.ب.أ)

ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم، إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان، إلا أن الفرع المحلي لتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا يزال ينشط في البلاد، وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان»، وكذلك أقلية الهزارة الشيعية.

وخليل الرحمن حقاني، الذي كان خاضعاً لعقوبات أميركية وأممية، هو عمّ وزير الداخلية، واسع النفوذ سراج الدين حقاني. وهو شقيق جلال الدين حقاني، المؤسس الراحل لشبكة «حقاني»، التي تنسب إليها أعنف هجمات شهدتها أفغانستان خلال الفترة الممتدة ما بين سقوط حكم «طالبان»، إبان الغزو الأميركي عام 2001، وعودة الحركة إلى الحكم في 2021.