«أكاديمية المملكة المغربية» تخصص الدورة الـ45 لأميركا اللاتينية

TT

«أكاديمية المملكة المغربية» تخصص الدورة الـ45 لأميركا اللاتينية

قررت أكاديمية المملكة المغربية في دورتها الـ45 التي ستنطلق الثلاثاء المقبل، تسليط الضوء على التجارب السياسة والاقتصادية الناجحة في دول أميركا اللاتينية قصد الاستفادة منها، وذلك بعد أن أقر المغرب بفشل النموذج التنموي، الذي اعتمده في تحقيق الإقلاع الاقتصادي والالتحاق بالدول الصاعدة.
وقال عبد الجليل الحجمري، أمين السر الدائم للأكاديمية، إن الدورة المقبلة اختارت موضوع «أميركا اللاتينية أفقا للتفكير» بغرض «اكتشاف عوالم أميركا اللاتينية، التي تبدو غير معروفة بما يكفي، وترسيخ الروابط الفكرية والعلمية والفنية معها»، مشيرا في مؤتمر صحافي، عقده مساء أول من أمس في الرباط، إلى أن «أميركا اللاتينية عرفت تجارب سياسية وتنموية وثقافية فريدة، ونحن نهدف إلى تعزيز التقارب بين المغرب وأميركا اللاتينية على الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية».
وأعلنت الأكاديمية أن الدورة 45 ستعرف مشاركة كبار المثقفين المغاربة والأجانب، من بينهم لويس سولاريس الوزير الأول السابق للبيرو؛ وكريستوفام ريكاردو بواركي السيناتور البرازيلي، ولويس غونزاليس بوسادا الوزير السابق وسفير البيرو لدى منظمة الدول الأميركية؛ وإدغارد ريفيروس ماران نائب وزير العلاقات الخارجية في تشيلي؛ وميلتون كوهن هنريكي ساسو سفير جمهورية بنما لدى إسبانيا.
وحسب الأكاديمية، سينطلق المشاركون في الدورة من ملاحظة مفادها أن «بداية هذه الألفية الثالثة شهدت تغييرا في موازين القوى، ومراكز صنع القرار في الكثير من القطاعات الاستراتيجية في العالم، وسمحت بظهور قوى جديدة من ضمنها أميركا اللاتينية، وهذا يعد ثمرة وعي بدأه المفكرون، الذين طوروا نظريات أصلية حول العصرنة والمعاصرة، من جهة، ومن قبل الكتاب والفنانين الذين تميزوا من خلال أصالة كتاباتهم وإبداعاتهم في جميع مجالات الفن والفكر، من جهة أخرى، حيث استطاعوا جميعهم أن يطوروا معاً مفهوماً جديداً للهوية يأخذ بعين الاعتبار تنوع أميركا اللاتينية».
وذكرت الأكاديمية في بيان أن «بعض البلدان في هذه المنطقة حاولت القطع مع السياسات التي أدت إلى تقهقرها، معتمدة على ابتكار استراتيجيات جديدة، وقد مكنها ذلك من تحقيق أداء مهم من خلال تهيئة الظروف المواتية للتنمية الاقتصادية، التي سهلت توسيع قاعدة الطبقة الوسطى، ونجاح التحولات الديمقراطية، وخفض معدل الفقر وانعكاس تدفق المهاجرين، وبفضل ذلك نجحت الكثير من هذه البلدان في إعطاء نفس جديد لأنشطتها الاجتماعية والاقتصادية، ولنظمها السياسية وحياتها الثقافية»، مستشهدة بثلاثة بلدان هي البرازيل والمكسيك والأرجنتين، التي أضحت اليوم أعضاء بمجموعة العشرين (أغنى 20 دولة في العالم)، في حين لا تزال بلدان أخرى ترزح تحت وطأة الفقر والهشاشة، ولفتت إلى أنه «لا يزال من الصعب تقييم الوضع الحقيقي لبلدان أميركا اللاتينية واختلافاتها بسبب تعقد الأحداث وتنوع تجاربها، حيث تواجه معظم هذه البلدان تحدياً مشتركاً ثلاثياً، يتمثل في تجاوز الإرث الأوروبي الاستعماري، وتجنب الاصطفاف وفق استراتيجيات الولايات المتحدة، واعتماد نموذج بديل مستقل بذاته، لدول المنطقة في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية».
من جهة أخرى، كشف الحجمري أن حفل الاختتام سيشهد توقيع اتفاقية بين مؤسسة أكاديمية المملكة المغربية للتعاون الثقافي وسفارة المغرب في تشيلي بهدف تعزيز حضور المغرب في هذا البلد والتعريف بالثقافة والحضارة المغربية. كما سيجري منح جائزة الأكاديمية لأحد المفكرين أو الأدباء المرموقين احتفاء بما قدموه من عطاء علمي وثقافي مشهود به. مذكرا بأن الأكاديمية مهدت لدورتها المقبلة بسلسلة من المحاضرات حول أميركا اللاتينية، شاركت فيها شخصيات سياسية وفكرية مرموقة، من بينهم الرئيس البرازيلي السابق فرناندو كولور دي ميلو؛ ومارسيلينو أوريخا أغيري، الرئيس الفخري للأكاديمية الملكية للعلوم الأخلاقية والسياسية في إسبانيا؛ وكارلوس أنتونيو كاراسكو، سفير بوليفيا لدى اليونيسكو؛ وأحمد حرزني من المغرب.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.