تفاقم الخلاف بين الحكومة التونسية والاتحاد العام للشغل

TT

تفاقم الخلاف بين الحكومة التونسية والاتحاد العام للشغل

استمرت، أمس، أزمة التعليم في تونس مع تعليق الدراسة في المدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية لليوم الثالث على التوالي.
وتكشف هذه الأزمة، حسب مراقبين، عن حجم الخلاف المتصاعد بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل، النقابة ذات التمثيل الأكبر في البلاد، وذات النفوذ القوي في الشارع. وقد تحولت الأزمة مؤخراً إلى لي ذراع واختبار قوة بين الحكومة والاتحاد، الذي يضم في صفوفه أكثر من 800 ألف منخرط من العمال.
ويطالب المعلمون أساساً برفع أجورهم، وتصنيف مهنة التعليم كمهنة شاقة؛ الأمر الذي يمنحهم التخفيض في سن التقاعد. في حين تدعو نقابة التعليم الثانوي إلى إصلاحات في القطاع، تشمل مناهج الدراسة والبنية التحتية المتداعية في مناطق داخلية عدة.
وبسبب الأزمة، امتنع المعلمون عن التصريح بإعداد اختبارات النصف الأول من العام الدراسي للإدارة، رغم أنه لم يتبق إلا أسابيع قليلة على اختبارات النصف الثاني من العام. ودعت النقابة المعلمين إلى تنظيم وقفات احتجاجية أمام المندوبيات الجهوية للتعليم، مع استمرار تعليق الدروس.
وقال أمين عام الاتحاد نور الدين الطبوبي، إن الاتحاد متمسك بنجاح السنة الدراسية، مشدداً على أن «السنة الدراسية البيضاء خط أحمر».
كما اتهم الطبوبي الحكومة بمحاولة الضغط على الاتحاد في ملفات أخرى عبر أزمة التعليم. ومن جهتها، ترفض الحكومة الجلوس إلى طاولة المفاوضات، قبل أن تتراجع النقابة عن حجب إعداد الاختبارات. وقد وصف وزير التربية، حاتم بن سالم، المطالب المالية لنقابة التعليم «بالتعجيزية».
وبالإضافة إلى أزمة التعليم، تدور خلافات أخرى بين الاتحاد والحكومة، ترتبط أساساً بإصلاحات تشمل القطاع العام والمؤسسات العمومية والصناديق الاجتماعية. وفي هذا السياق، نفذ متقاعدون في تونس أول من أمس مسيرات احتجاج داخل عدد من ولايات البلاد للمطالبة بصرف زيادات في مرتباتهم.
وخرج الآلاف من المتقاعدين في مسيرات أمام المقرات الجهوية للاتحاد العام التونسي للشغل في عدد من الولايات، من بينها باجة، وسوسة، وسيدي بوزيد. وطالب المحتجون بصرف زيادات متأخرة أقرّتها الحكومة لمرتبات منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. كما طالب المتقاعدون بالرفع في الأجر الأدنى بدعوى ارتفاع كلفة المعيشة، والزيادات الكبيرة في الأسعار. وقال كاتب عام الاتحاد الجهوي في سيدي بوزيد «إن هذه الفئة من المجتمع في أمس الحاجة إلى مزيد من الاهتمام نظراً لتدهور المقدرة الشرائية، والحالة الصحية لأغلبهم؛ وذلك تقديراً لما أسهموا به في بناء الدولة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.