خلال الأسبوع الماضي، تذكرت الوقت الذي عُيّن فيه ريتشارد كابورن وزيرا للرياضة في بريطانيا ومشاركته، في الأسبوع الأول من عمله، في مقابلة مع الصحافية بهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) كلير بولدينغ، والتي طرحت عليه خمسة أسئلة بسيطة حول الأحداث الرياضية في ذلك الوقت، وأظهرت عن غير قصد أنه لم يكن متخصصا في تلك الموضوعات.
فلم يكن كابورن يعرف أن مارتن جونسون كان قائدا لفريق ليونز البريطاني الآيرلندي المشترك للرغبي، والذي كان يقوم برحلة في أستراليا. كما لم يتمكن كابورن من تسمية فارس واحد سيشارك في مضمار «رويال أسكوت» الشهير للخيول، أو أي لاعب غولف أوروبي آخر غير كولن مونتغومري يتنافس في بطولة الولايات المتحدة المفتوحة. ولم يكن يعرف سوى لاعب تنس واحد في الدور نصف النهائي لبطولة كوينز للتنس. وعندما طُلب منه أن يذكر اسم المدير الفني للمنتخب الإنجليزي للكريكيت، رد متسائلا «الأسترالي؟». لكن المدير الفني للمنتخب الإنجليزي للكريكيت كان دنكان فليتشر من زيمبابوي. وقالت الصحافية كلير بولدينغ بعد ذلك: «لم أكن أنوي إلحاق ضرر تام وكامل بوزير الرياضة المعين حديثا، لكن يبدو أنه قد ألحق الضرر بنفسه وبكل نجاح».
وخرجت الصحف في اليوم التالي لتوجه انتقادات لاذعة لكابورن، فتساءلت صحيفة «ديلي ميرور»: «هل هذا هو وزير الرياضة الأكثر غباء على الإطلاق؟» كما جاء العنوان الرئيسي لصحيفة «ديلي ميل» يقول: «هل أنت غبي بالدرجة الكافية لكي تكون وزيرا للرياضة؟» ولم يقتصر الأمر على كابورن وحده، فعندما تولت هيلين غرانت المنصب نفسه في عام 2013 وضعت في أزمة كبيرة منذ اللحظة التي وجه فيها أحد المحاورين بقناة ميريديان سؤالا عن الفريق الفائز بكأس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم لذلك العام. ويبدو أن غرانت لم تكن على دراية بأن نادي ويغان قد هزم مانشستر سيتي وحصل على اللقب، فردت قائلة: «أوه، هيا، من يساعدني، من هو الفريق الفائز بلقب كأس الاتحاد الإنجليزي؟»، قبل أن تضيف: «مانشستر يونايتد، لأنه الفريق المفضل بالنسبة لي».
ولم تتمكن غرانت من معرفة اسم لاعبة التنس الحاصلة على لقب بطولة ويمبلدون للسيدات أو قائد المنتخب الإنجليزي للرغبي. كما لم تتمكن أيضا من معرفة اسم أكثر لاعب حاصل على ميداليات ذهبية في أولمبياد لندن لذوي الاحتياجات الخاصة (البارالمبية) عام 2012. وإذا لم تكن غرانت على دراية بالهدف الذي أحرزه بن واتسون في الدقيقة الأخيرة وقاد به ويغان للحصول على كأس الاتحاد الإنجليزي على حساب مانشستر سيتي، فلن تعرف بكل تأكيد في أي عام هبط فيه نادي ميدستون يونايتد بطولة الدوري الإنجليزي باسمه القديم. ورغم أنها كانت عضوة بالبرلمان البريطاني عن مدينة ميدستون، ردت قائلة: «العام الماضي؟»، قبل أن تشكو من «هذه الأسئلة الصعبة». لكن إجابتها كانت خاطئة بكل تأكيد، لأن ميدستون كان قد هبط من الدوري الإنجليزي عام 1992.
وبالتالي، من الإنصاف أن نقول إن معايير اختيار من يشغل منصب وزير الرياضة في بريطانيا لم ترتفع بشكل كبير على مر السنين، وعلى الأقل فقد تجنبت وزيرة الرياضة الحالية تريسي كراوتش الوقوع في نفس الفخ الذي وقع فيه بعض أسلافها. يذكر أن كراوتش مُسجلة كمديرة فنية في الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم وعملت في مجال كرة القدم وتصف نفسها بأنها مشجعة قوية لنادي توتنهام هوتسبير. وفي الحقيقة، لا أستطيع أن أتذكر الكثير من زلات اللسان أو المواقف المحرجة التي تعرضت لها كراوتش خلال السنوات الثلاث التي قضتها في منصبها حتى الآن، وحتى الأسبوع الماضي لم يكن هناك الكثير من الأدلة التي تشير إلى أن لديها الكثير من السلطة والقليل من المعرفة.
كانت تلك هي النقطة التي طرحت عندها قضية تخصيص جزء من المدرجات لتكون أماكن وقوف آمنة للمشجعين، ومن المؤكد أن كراوتش قد نسيت أن ناديها المفضل توتنهام هوتسبير قد صمم ملعب وايت هارت لين الجديد على أمل أن يتم السماح بوجود أماكن وقوف آمنة للمشجعين، كما هو الحال في الكثير من الملاعب الأوروبية. ومن المفترض أنها لم تكن تدرك أن ريتشارد أرنولد، المدير الإداري لنادي مانشستر يونايتد، قد أكد أنه كان «يشجع بشكل مستمر» وجود أماكن وقوف آمنة للمشجعين في «أولد ترافورد»، وأن نادي آرسنال يريد الشيء نفسه في ملعب الإمارات، وأن مانشستر سيتي حريص أيضا على القيام بذلك.
وقد تغير الموقف في ليفربول خلال العام الماضي، حيث وافق 88 في المائة من أنصار ليفربول على وجود أماكن وقوف آمنة للمشجعين، وقال نادي ليفربول إنه «سيستمع إلى آراء جماهيرنا ويفكر في تقديم أفضل تجربة ممكنة للذهاب إلى المباريات بأي طريقة قد تحدث». كما أن نادي إيفرتون قد وضع الفكرة في الحسبان في تصميمه للملعب الجديد. ومع كل ذلك، كان من الغريب أن نرى كراوتش وهي تحاول أن تجعلنا نعتقد بأنه «لا توجد رغبة بين الأندية الكبرى في التغيير». فهل حقا هذا صحيح؟ وقد صمم نادي تشيلسي أيضا ملعب ستامفورد الجديد بحيث تكون فيه أماكن آمنة للجمهور الذي يشجع وهو واقف طوال المباراة، وتقدم نادي وست بروميتش ألبيون بطلب من أجل السماح بذلك في ملعبه، لكن طلبه قد رفض.
كما أعربت أندية برايتون وبيرنلي ووستهام يونايتد وكريستال بالاس وهيدرسفيلد وسوانزي سيتي وواتفورد عن تأييدها لتطبيق تلك الفكرة. كما أن ستوك سيتي وساوثهامبتون يدعمان الفكرة بشكل خاص، ويقول نادي بورنموث إنه لا يعارض الفكرة. ورأى نادي نيوكاسل كيف تم تطبيق هذه الفكرة في سيلتيك، وربما يكون ليستر سيتي هو النادي الوحيد الذي لم يتضح موقفه تماماً حتى الآن. هذا هو الوضع بالنسبة لأندية الدوري الإنجليزي الممتاز. أما بالنسبة للأندية الأخرى في دوريات الدرجات الأدنى، فهي أكثر تحمسا للفكرة، وقد أعطت تفويضا من قبل 72 ناديا منذ عام 2013 للمطالبة بوجود أماكن مخصصة للجمهور الذي يريد أن يشجع واقفا، كما أن سياستها المعلنة هي أنه ينبغي منح الجمهور حرية اختيار التشجيع كما يشاء، سواء وهو جالس أو وهو واقف. ومع ذلك، لا يمكن أن يحدث أي شيء من دون أن تتحرك الحكومة، وبصراحة لن يكون ذلك سهلاً في ظل حالة العناد والجهل والازدراء البرلماني المألوف لجمهور كرة القدم.
وتساءلت رابطة مسؤولي سلامة كرة القدم لماذا «اختارت الحكومة تجاهل ما قد يثبت أنه بديل أكثر أماناً». وتكمن فكرة الأماكن الآمنة للمشجعين الواقفين في الاسم نفسه، أي أنها ستكون «آمنة»، ومن المؤكد أنها ستكون أقل خطورة من البديل الآخر وهو وقوف آلاف الأشخاص خلف صفوف من المقاعد البلاستيكية. وعلاوة على ذلك، فسون تعمل هذه الفكرة على تحسين الأجواء وتجعل كرة القدم الإنجليزية أكثر جاذبية. ومن الناحية النظرية، سوف تؤدي إلى انخفاض أسعار تذاكر المباريات. وإذا كانت كراوتش قد أخبرت بهذا الأمر بطريقة سيئة جعلتها تعتقد أن هذه الفكرة لا تحظى سوى بموافقة الأقلية، فيتعين عليها أن تسأل مشجعي نادي توتنهام هوتسبير الذي تشجعه هي شخصيا.
وخلال السنوات الأربع الأخيرة، أظهرت الاستطلاعات التي أجرتها رابطة جمهور توتنهام هوتسبير أن ما يتراوح بين 85 و96 في المائة يؤيدون هذا التغيير، الذي حظي أيضا بموافقة 96 في المائة من مشجعي آرسنال و92 في المائة من مشجعي إيفرتون و86 في المائة من مشجعي ليستر سيتي و96 في المائة من مشجعي هيدرسفيلد تاون، وهكذا. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فلماذا أمضى اتحاد جمهور كرة القدم كل هذه السنوات في الحشد لتطبيق هذه الفكرة؟ أضف إلى ذلك أن طلب نادي وست بروميتش ألبيون قد تقدم به نائب رئيس رابطة مسؤولي سلامة كرة القدم وبدعم من المجموعة الاستشارية للسلامة في النادي - بما في ذلك ممثلو الشرطة وخدمات الإطفاء والإسعاف في وست ميتلاند، وهيئة سلامة الملاعب الرياضية - وهو ما يعني أن هذا العدد الكبير من الناس قد تكون معرفتهم مجتمعة تفوق معرفة عضو بالبرلمان عن حزب المحافظين!
وربما تتغير الأمور عندما يتحدث وفد من نادي سلتيك إلى مجموعة برلمانية تضم جميع الأحزاب في غضون أسبوعين حول التجارب الإيجابية للنادي فيما يتعلق بالأماكن الآمنة المخصصة للجمهور الذي يريد أن يشجع وهو واقف. ومرة أخرى، لست متأكداً من أنني أثق في هذه المجموعة أيضاً. فعندما دعي روي هودجسون إلى البرلمان البريطاني قبل نهائيات كأس العالم الأخيرة، اقترح أحد النواب أنه إذا كان هودجسون يريد النزول بمعدل أعمار لاعبي المنتخب الإنجليزي فيمكن للاتحاد الإنجليزي لكرة القدم أن يفرض حدا أقصى لعمر أي لاعب في المنتخب الإنجليزي بحيث لا يتجاوز 25 عاماً! (وهو الاقتراح الذي كان يعني الإبقاء على تسعة لاعبين فقط من الفريق السابق).
وفي غضون ذلك، ربما تريد وزيرة الرياضة البريطانية أن تقول، بالتزامن مع حلول الذكرى التاسعة والعشرين لكارثة هيلزبره، إن تشجيع الجمهور وهو واقف كان هو السبب في تلك الكارثة. وربما سيكون من اللائق أن تعلن وزيرة الرياضة عن اسم ناد واحد فقط يعارض هذه الفكرة، في الوقت الذي أؤكد فيه أن هناك 92 ناديا يؤيدون هذه الفكرة في حين لم يخرج أي ناد للتعبير عن معارضته. اسمحوا لنا أن نعرف كيف يمكن لشيء مشهود بنجاحه في هذه الرياضة وحقق نجاحا كبيرا في غلاسكو أن يكون غير مسموح به على بعد 120 ميلا إلى الجنوب الشرقي في نيوكاسل!
وزراء الرياضة في بريطانيا... الكثير من السلطة والقليل من المعرفة
المسؤولة الحالية تلوي الحقائق المتعلقة بأماكن الوقوف الآمنة للمشجعين
وزراء الرياضة في بريطانيا... الكثير من السلطة والقليل من المعرفة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة