موسكو تؤكد عزمها تزويد دمشق بـ«إس 300»

TT

موسكو تؤكد عزمها تزويد دمشق بـ«إس 300»

رفضت موسكو اتهامات غربية بإعاقة عمل بعثة منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في دوما بغوطة دمشق، وأكدت ضرورة إجراء «تحقيق مهني دقيق وموضوعي في مزاعم استخدام الكيماوي». وأشارت إلى عزمها تزويد دمشق بمنظومة صواريخ «إس - 300»، علماً بأن الجيش الروسي يشغل منظومة «إس - 400» في سوريا.
وانتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بقوة، أمس، تحركات «مجموعة البلدان الغربية التي شنت عدوناً على سوريا»، في إشارة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وقال إنها ارتكبت «انتهاكاً صارخاً لأحكام القانون الدولي، وألحقت ضرراً ملموساً بعملية التسوية السياسية للأزمة السورية».
وأفاد بيان أصدره الكرملين بأن بوتين شدد، خلال مكالمة هاتفية أجراها مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، على مواقف موسكو حيال التطورات الأخيرة في سوريا، وزاد أن الطرفين أعربا عن «استعداد لدعم استئناف الجهود السياسية الدبلوماسية من أجل دفع التسوية السورية، في إطار صيغتي جنيف وآستانة».
وتزامن حديث بوتين مع تأكيد وزير الخارجية سيرغي لافروف أن موسكو لا تضع عراقيل أمام عمل بعثة المنظمة الدولية في دوما. وكان لافروف نفى في وقت سابق صحة اتهامات غربية لموسكو بأنها تعمل على «التلاعب بمنطقة الهجوم الكيماوي في دوما لإزالة آثاره»، وقال إن الخبراء الدوليين سيكون بمقدورهم فحص المنطقة والسماع إلى إفادات شهود.
وجدد لافروف، أمس، انتقاد الضربة الثلاثية على سوريا، التي وصفها بأنها ستترك آثاراً سلبية على منظومة العلاقات الدولية. وقال إن «التصعيد حول سوريا يؤثر سلباً في منظومة العلاقات الدولية بالكامل، بالإضافة إلى أنه يطلق حالاً من الفوضى مع انتهاك ميثاق الأمم المتحدة والمواثيق الدولية». وأكد لافروف أن روسيا «تواصل السعي من أجل احترام أراضي وسيادة الدولة السورية». وكرر الإعراب عن استعداد موسكو للنظر في تقديم «كل أنواع المساعدات العسكرية لدمشق، بما فيها صواريخ (إس - 300) في أعقاب التحرك الغربي».
وذكّر الوزير الروسي بأن بلاده كانت تراجعت قبل عدة سنوات، وبطلب من أطراف لم يحددها عن تزويد دمشق بمنظومات «إس - 300»، علماً بأن واشنطن وتل أبيب كانتا عارضتا بشدة تنفيذ اتفاق تم توقيعه منذ سنوات بين موسكو ودمشق. وأوضح لافروف: «لكننا الآن، وبعد العدوان المشين الذي شنته الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، سنبحث كل الخيارات لضمان أمن الدولة السورية».
وتعد هذه أقوى إشارة إلى عزم موسكو إعادة تسليح الجيش السوري، وتزويده تقنيات لم تكن متوافرة لديه. وكان رئيس غرفة العمليات في رئاسة الأركان الروسية سيرغي رودسكوي قال بعد الضربة الغربية مباشرة إن موسكو «لا تستبعد التراجع عن قرارات سابقة بتجميد منح دمشق (إس - 300)».
على صعيد آخر، أكد مسؤول عسكري روسي بارز معطيات تداولتها في وقت سابق وسائل إعلام غربية حول قيام البحرية الروسية بمناورات أجبرت غواصة بريطانية، كانت تتأهب للمشاركة في توجيه ضربة إلى الأراضي السورية، على الابتعاد عن المنطقة. وكشف الأميرال فلاديمير فالويف، الذي قاد أسطول البلطيق الروسي في السنوات بين 2001 و2006، أن البحرية الروسية «نفذت عملية ناجحة في مجال مكافحة الغواصات، ومنعت غواصة بريطانية من طراز (Astute) من ضرب سوريا بصواريخ مجنحة». وزاد أن الأسطول الروسي نجح في البحث والعثور على الغواصة البريطانية في مياه المتوسط، وملاحقتها وثنيها عن الاقتراب من سوريا إلى مسافة تتيح لها ضربها بالصواريخ المجنحة.
وذكر أن الجانب الروسي استخدم في العملية سفناً حربية مختلفة وغواصات وطائرات خاصة لمكافحة الغواصات،ز
من جهته، قال متحدث باسم الحكومة الألمانية الثلاثاء إن ميركل وبوتين بحثا سبل المضي قدما باتجاه عملية سياسية لإنهاء الحرب الدائرة في سوريا. وقال المتحدث باسم ميركل شتيفن زايبرت في بيان: «المستشارة الألمانية والرئيس اتفقا على أن العملية السياسية يجب أن تكون مركز الجهود لإنهاء الصراع الدموي الطويل». وأضاف: «بحثا فرص العمل على ذلك».
ومن ناحية أخرى، قالت ميركل اليوم إن روسيا، باعتبارها حليفا للحكومة السورية، تشترك في تحمل المسؤولية عن هجوم كيماوي في الغوطة الشرقية بسوريا في وقت سابق هذا الشهر لكنها أكدت أنها ما زالت تعتزم مواصلة الحديث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأضافت: «نحن نعلم، فيما يتعلق بالهجوم بغاز سام في سوريا، أن روسيا كحليف (للرئيس السوري بشار) الأسد تتحمل مسؤولية مشتركة، لا شك في ذلك، لكن يظل من المهم استمرار الحديث مع روسيا».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.