رحلات تستكشف الريف الإنجليزي بالقوارب

مشهد من «كولن فالي بارك»
مشهد من «كولن فالي بارك»
TT

رحلات تستكشف الريف الإنجليزي بالقوارب

مشهد من «كولن فالي بارك»
مشهد من «كولن فالي بارك»

كانت القنوات المائية في زمنٍ ما عبارة عن ممرات مائية تؤدي وظائف معينة، لكن بعد أن تراجعت الحاجة الوظيفية إليها بدأت في السنوات الأخيرة تُستغل سياحياً كما هو الحال في بريطانيا.
فهذه الأخيرة تتوفر على قنوات يعود تاريخ بعضها إلى أكثر من مائتي عام، يتمتع العديد منها بتصاميم هندسية تشهد على عصرها الذهبي في العهد الفيكتوري، كما تشهد على دورها الفعال خلال الثورة الصناعية. ففضل كبير يعود لهذه القنوات في جعل بريطانيا قوة تجارية عظمى خلال القرنين الثامن عشر وبداية التاسع عشر. بعد الحرب العالمية الثانية تراجع دورها إثر تراجع أساليب التجارة التقليدية، لكن في الستينات من القرن الماضي شنّ بعض الجمعيات حملة لإعادتها إلى الحياة وفتحها أمام الناس. وهكذا بدأ عهدها السياحي والترفيهي من خلال أنشطة وفعاليات تقام بها، بدءاً من التنزه بالمراكب الصغيرة والتجديف إلى الصيد والسير بالدراجة أو على الأقدام على ضفافها. ولا تقتصر متعة التنقل بالقوارب بالنسبة إلى السائح على المناظر الطبيعية والمطاعم المترامية على ضفافها فحسب، بل تشمل مفاجآت أخرى مثل مسرح العرائس العائم «ذا بابيت ثياتر»، الذي انطلق منذ نحو 40 عاماً ولا يزال يجتذب الأطفال والكبار على حد سواء.
- بعض أهم القنوات
- قناة «غراند يونيون كانال» التي تربط مدينة لندن بقلب مقاطعة برمنغهام النابض، التي يُطلق عليها اسم فينسيا بريطانيا. تبدأ الرحلة من «بادينغتون» غرب لندن وتمر عبر القرى والمدن الصناعية لتصل إلى قلب الريف بخضرته الزاهية والذي ينتهي عند متنزه «كلون فالي ريجيونال بارك» Colne Valley Regional Park.
- رحلة ممتعة تأخذك عبر الريف إلى مدينة «أوكسفورد» حيث واحدة من أقدم الجامعات والمعالم الأثرية. هنا ستستمتع بتجربة فريدة تستكشف فيها مجموعة من المقاهي المترامية على الجوانب. تأخذ الرحلة السائح عبر قناة أكسفورد، وتمر بمحاذاة قرى «كوتسولد» وما بها من أراضٍ زراعية شاسعة، وهو ما يعطي فكرة عن الريف الإنجليزي كما رسمه السائح في ذهنه وهو يتابع الأفلام أو يقرأ الروايات الرومانسية.
- قناة Denham Deep Lock «دنهام ديب لوك» بمنطقة باكنغهامشاير، معجزة هندسية تتمثل في عمق يبلغ 11 قدماً، وهو ما يجعلها الأكثر عمقاً في سلسلة القنوات المتعددة في المنطقة. رغم عمقها، يسهل على القوارب اجتياز مختلف مستوياتها المائية بسهولة بفضل تصميم القناة.
- أما إذا كنت ستكتفي بقنوات لندن، فيمكنك الاستمتاع بالأكشاك والمحلات التجارية على جوانب سوق «كامدن» المعروفة، قبل الخروج في رحلة عبر قناة «ريجينت كانال» تستخدم فيها أولاً حافلة لندن النهرية تمر وسط المساحات الخضراء المورقة بشمال لندن وصولاً إلى منطقة «ليتل فينيس»، التي يُعتقد أن الشاعر والرئيس السابق روبرت بروانينغ أطلق عليها هذا الاسم إعجاباً بها. على ضفتيها يوجد العديد من المنازل ذات الطراز الجيورجي والفيكتوري. كما توجد بها جزيرة «براونينغ» الصغيرة، وهي مقر لأنواع عديدة من الطيور المائية فضلاً عن محلات ومبانٍ واقعة على ضفتي القناة، منها معرض للفنون وفندق. بعدها ستتوجه الرحلة إلى منطقة بادنغتون لتنتهي بحديقة حيوان لندن. ولأنك ستشعر بالجوع بعد هذه الجولة النهرية، فإنك لا بد أن تُنهي يومك بوجبة دسمة يُوفرها واحد من المطاعم أو المقاهي الموجودة على امتداد تلك القنوات المائية. نذكر منها مطاعم «ووتر سايد كافيه» و«ذي ووتر واي» بواجهتيهما العريضتين والممرين الطويلين على القناة، و«فينغ شانغ برينسيس» الصيني العائم القريب من منطقة «بريمورز هيل» المعروف بارتياد المشاهير له. يمكن أيضا زيارة مطعم «نارو بوت» الذي يطل على قناة «ريجينتس كانال» بمنطقة إيسلنغتون.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».