حمل وزير الخارجية الأميركي جون كيري للقيادات الشيعية في العراق، وعلى رأسهم رئيس الوزراء نوري المالكي، تحذيرا شديد اللهجة أمس، مفاده: تقديم تنازلات للمكونات الأخرى (السنة والأكراد) أو فقدان الآمال في سلام دائم في العراق.
وحسب وكالة «أسوشييتد برس» فإن لقاء كيري، الذي وصل إلى بغداد أمس، مع المالكي لم يكن وديا، وهو ما كان متوقعا على ضوء الانتقادات الأميركية الأخيرة لرئيس الوزراء العراقي والتلميحات إلى ضرورة استقالته كخطوة ضرورية لوقف الانتفاضة التي تهدد بتفكيك العراق. وفي هذا السياق قال المالكي الذي يتعرض مؤخرا لانتقادات من قبل مسؤولين أميركيين ويواجه اتهامات باعتماد سياسة تهميش بحق السنة، لوزير الخارجية الأميركي، بحسب بيان لمكتبه، إن مسألة «تكليف مرشح الكتلة الأكبر لتشكيل الحكومة الجديدة ينبغي الالتزام بها».
ورغم مواقف المالكي الأخيرة وإصراره على عدم التنحي، بدا كيري، بعد مباحثاته مع المالكي التي استمرت أكثر من ساعة ونصف الساعة، متشجعا وهو يغادر. وقال: «كان (الاجتماع) جيدا».
وقال مسؤولون عراقيون، مشترطين عدم الكشف عن هوياتهم، إن المالكي طلب من كيري ضربات جوية أميركية ضد مواقع تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) في العراق وسوريا. لكن كيري، حسب هؤلاء المسؤولين، أجاب بالقول إنه يجب أخذ كثير من الحيطة والحذر لضمان أن الضربات لن تؤذي مدنيين وأنها لن تعطي الانطباع بأن الأميركيين يهاجمون السنة.
وحسب بيان مكتب رئيس الوزراء العراقي فإن المالكي أكد لوزير الخارجية الأميركي أن هجوم «داعش» يشكل خطرا على «السلم الإقليمي والعالمي». وقال المالكي لكيري: «ما يتعرض له العراق حاليا يشكل خطرا ليس على العراق فحسب، بل على السلم الإقليمي والعالمي»، داعيا «دول العالم، لا سيما دول المنطقة، إلى أخذ ذلك على محمل الجد».
ووعد وزير الخارجية الأميركي بأن الولايات المتحدة ستوفر الدعم «المكثف» للعراق لمساعدته على مواجهة هجوم المسلحين. وصرح كيري للصحافيين بعد يوم من الاجتماعات في بغداد شملت، إضافة إلى المالكي، وزير الخارجية هوشيار زيباري ورئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم ورئيس البرلماني زعيم ائتلاف «متحدون» أسامة النجيفي، أن «الدعم سيكون مكثفا ومستمرا، وإذا ما اتخذ القادة العراقيون الخطوات الضرورية لتوحيد البلاد فإن هذا الدعم سيكون فعالا».
وكان القادة الشيعة الكبار الذين يمثلون مكونات التحالف الوطني (الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي) اتفقوا في اجتماع مساء أول من أمس على مجابهة المخاطر التي باتت تمثلها «داعش»، وذلك من خلال توحيد الصفوف ودعم الأنشطة التعبوية، لا سيما بعد فتوى المرجعية الدينية العليا بالجهاد الكفائي.
وفي هذا السياق أكد عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون خالد الأسدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «قيادة التحالف الوطني وبعد هذه التهديدات الخطيرة التي تمثلها (داعش) والجهات الداعمة لها عملت خلال هذا الاجتماع على توحيد مواقفها حيال مثل هذه التهديدات»، مشيرا إلى أن «الاجتماع بحث مسألتين هامتين وهما تسهيل الدعم للمتطوعين من أجل رد الهجمة الإرهابية وإعادة تحرير المناطق التي جرى احتلالها من قبل هذه العصابات، أما القضية الثانية فهي البدء بمباحثات مع الأطراف الأخرى من أجل تشكيل الحكومة وفقا للاستحقاقات الدستورية بعد مصادقة المحكمة الاتحادية على النتائج». وردا على سؤال بشأن ما إذا كان كيري قد حمل رسالة من الإدارة الأميركية تنص على تنحي المالكي أو إحداث إصلاحات جذرية في النظام السياسي كشرط للدعم الأميركي، قال الأسدي إن «كيري لم يبحث هذه الأمور مع المالكي وإن الأميركيين باتوا يدركون أن داعش تمثل تهديدا لمصالحهم، والعراق من جانبه يرحب بأي دعم دولي في هذا الاتجاه، غير أن ما عدا ذلك هو شأن داخلي عراقي».
إلى ذلك أكد التيار الصدري أنه لا يسمح «بتفكك الدولة مهما كانت الأسباب والعوامل»، وأن «العمل يجب أن يتجه الآن لدعم القوات الأمنية في محاربة الإرهاب». وقال الناطق باسم كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري جواد الجبوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «مواجهة الإرهاب هي الأولوية الأولى لنا وبالتالي لا ينبغي خلط الأوراق في هذا المجال»، مبينا أن «موقف التيار الصدري من عملية تشكيل الحكومة، التي هي حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع بطريقة فعالة، هو موقف ثابت ولا نساوم عليه، بما في ذلك الموقف من الولاية الثالثة، وهو ما سيجري بحثه عند بدء المفاوضات الخاصة بذلك مع الأطراف الأخرى».
رسالة كيري للقيادات الشيعية في بغداد: تنازلات للسنة أو فقدان الأمل في سلام دائم
المالكي ذكره بوجوب الالتزام بمسألة ترشيح مرشح الكتلة الأكبر لتشكيل الحكومة
رسالة كيري للقيادات الشيعية في بغداد: تنازلات للسنة أو فقدان الأمل في سلام دائم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة