في خطوة من شأنها تلطيف الأجواء في مصر قبيل الاستفتاء على الدستور الجديد، خففت محكمة بالإسكندرية، أمس، الحكم الصادر بحق فتيات من جماعة الإخوان المسلمين منتميات لحركة «7 الصبح»، من الحبس 11 عاما إلى الحبس لمدة سنة مع إيقاف التنفيذ، وأفرجت عن سبع فتيات أخريات «قاصرات». كما قضت محكمة في القاهرة ببراءة 155 من عناصر الإخوان، متهمين بإثارة الفوضى والشغب وممارسة العنف خلال أحداث اشتباكات وقعت في محيط ميدان التحرير قبل شهرين.
يأتي هذا في وقت قررت فيه محكمة جنايات القاهرة التنحي عن نظر محاكمة القياديين بجماعة الإخوان محمد البلتاجي وصفوت حجازي، في القضية المتهمين فيها باختطاف ضابط وأمين شرطة واحتجازهما قسريا وتعذيبهما داخل مقر اعتصام الجماعة في ميدان رابعة العدوية بحي مدينة نصر (شرق القاهرة).
وفي جلستها التي انتظرها العديد من المراقبين في مصر، أسدلت محكمة مستأنف سيدي جابر بالإسكندرية أمس الستار على القضية التي أثارت لغطا في الشارع المصري، واعتبر ناشطون من معارضي جماعة الإخوان «الحكم على الفتيات كان قاسيا، وبخاصة بالنظر إلى سنهن الصغيرة». وقررت المحكمة تخفيف الحكم الصادر بحق فتيات الإسكندرية الـ14 من الحبس 11 عاما إلى الحبس لمدة سنة مع إيقاف التنفيذ. فيما أخلت المحكمة سبيل سبع فتيات أخريات، تحت السن القانونية «قاصرات»، وقررت وضعهن تحت الاختبار القضائي ثلاثة أشهر بإحدى دور رعاية الأحداث.
وقال المستشار شريف حافظ، رئيس محكمة مستأنف جنح سيدي جابر، في منطوق حكمه، إن «المحكمة تود أن ترسل رسالة للقاصي والداني بأن القضاء المصري كان وسيظل دائما بعيدا عن كل الأهواء، ولا يخشى في الحق لومة لائم، ولا يدور بحساباته؛ إلا يوم الحساب الأكبر الذي ستتساوى فيه كل الرؤوس». وأضاف «حكمت المحكمة حضوريا، على المتهمات جميعا، بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع عن التهم الأولى والثالثة والرابعة للارتباط بتعديل الحكم المستأنف، والاكتفاء بحبس كل متهمة سنة مع الشغل والمصادرة والمصاريف، وأمرت بإيقاف التنفيذ، وعن التهمة الثانية بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بالبراءة».
وكان قاضي محكمة استئناف الإسكندرية أمر بإخراج الفتيات من قفص الاتهام أثناء نظر استئناف الحكم بسجنهن، وأجلسهن في المقاعد الأمامية للمحكمة.
وخلال الجلسة رددت الفتيات أناشيد وأغاني خاصة بجماعة الإخوان، وهن ممسكات بورود حمراء في أيديهن. وقال شهود عيان إن «المحاكمة جرت وسط انتشار أمني كثيف ومظاهرات منددة بالحكم.. وإن الفتيات وصلن إلى مقر المحكمة وهن يرتدين ملابس الحبس البيضاء، ويرددن هتافات تطالب بالحرية واحترام حقوق المرأة».
وقال المتحدث باسم هيئة الدفاع عن الفتيات، أحمد الغامري، إن «أربعة من هيئة الدفاع فندوا عيوب الحكم الصادر ضد الفتيات، ومنها بطلان القبض والتفتيش، والتناقض الواضح في أقوال الشهود». وشارك في الدفاع عن الفتيات فريق دولي من المحامين، مكون من المدافع الدولي عن حقوق الإنسان كورتس دوبلر، والمحامي الأميركي ستانلي كوين، والمحامي البلجيكي جورج هنري بوتييه.
وقالت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الأميركية أمس إن «مراجعة الحكم الذي أدان متظاهرات من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي بالإسكندرية تبين حق المتهمات في محاكمة عادلة، وأنه لا توجد أدلة ذات مصداقية في الحكم بتورطهن في جرائم».
وكانت الإسكندرية ومحافظات عدة شهدت أمس مظاهرات نددت بالحكم وطالبت بالإفراج فورا عن الفتيات، كما نظمت احتجاجات في عدد من الجامعات رفضا للحكم. وتظاهر العشرات من أعضاء جماعة الإخوان في سلسلة بشرية خارج المحكمة، للمطالبة بإخلاء سبيل الفتيات جميعهن، رافعين عددا من صورهن ولافتات من بينها «الحرية لحرائر الإسكندرية».
وكانت محكمتا جنح سيدي جابر والأحداث بالإسكندرية استأنفتا في 27 نوفمبر (كانون الثاني) الماضي ثانية جلسات محاكمة 21 فتاة من المنتميات لجماعة الإخوان المسلمين، بينهن سبع قاصرات، بعد اتهامهن بقطع الطريق، والتحريض على أحداث الشغب، على خلفية تنظيمهن فعاليات احتجاجية بكورنيش الإسكندرية، قامت على أثرها جماعة الإخوان بتنظيم العديد من المظاهرات في محافظات عدة اعتراضا على ذلك وتحت عنوان «حرائر مصر خط أحمر».
ووجهت النيابة العامة للفتيات اتهامات بالانضمام إلى جماعة إرهابية، والتجمهر واستخدام القوة، وإتلاف المحال والعقارات، وتكدير السلم العام، وتعطيل مصالح المواطنين أثناء تظاهرهن.
في غضون ذلك، قضت محكمة جنح قصر النيل بالتجمع الخامس بالقاهرة الجديدة، أمس، ببراءة 155 متهما من جماعة الإخوان في قضية اتهامهم بإثارة الفوضى والشغب وممارسة العنف، خلال اشتباكات وقعت بميدان التحرير بوسط القاهرة، خلال احتفالات المصريين بذكرى نصر أكتوبر يوم 6 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وفور صدور الحكم تعالت أصوات الأهالي بالدعاء والتكبير والفرحة، وتحولت قاعة المحكمة إلى ساحة للزغاريد والهتاف، بينما قام بعض الأهالي بالتلويح بإشارة رابعة (كف طويت إبهامها)، وفرضت قوات الأمن كردونا أمنيا حول المحكمة منذ صباح يوم أمس، وتم تأمين قاعة المحاكمة تحسبا لوقوع أي أعمال شغب.
والجدير بالذكر أن وزارة الصحة المصرية أكدت وقتها ارتفاع أعداد القتلى والجرحى خلال اشتباكات يوم السادس من أكتوبر إلى 53 قتيلا، و271 مصابا. وكانت مسيرة جماعة الإخوان، توجهت يوم 6 أكتوبر إلى ميدان التحرير، ووجهت أصابع الاتهام لهم بإثارة الشغب والفوضى في ذكرى الاحتفال بنصر أكتوبر، فوقعت على أثر ذلك اشتباكات مع الأهالي.
وتشهد القاهرة ومحافظات عدة أخرى مظاهرات باستمرار، بدعوة من تحالف دعم الشرعية الداعم للإخوان، منذ أن فضت الشرطة اعتصامين لأنصار الرئيس المعزول في العاصمة المصرية، في أغسطس (آب) الماضي. وأصدر الرئيس المصري المستشار عدلي منصور مؤخرا قانونا يمنع تنظيم مظاهرات أو تجمعات من دون الحصول على تصريح مسبق من وزارة الداخلية.
من ناحية أخري، قررت محكمة جنايات القاهرة التنحي عن نظر محاكمة القياديين الإخوانيين محمد البلتاجي وصفوت حجازي، في القضية المتهمين فيها باختطاف ضابط وأمين شرطة واحتجازهما قسريا وتعذيبهما داخل مقر اعتصام جماعة الإخوان المسلمين بميدان رابعة العدوية.
وأرجع رئيس المحكمة المستشار هشام سرايا قراره إلى استشعاره الحرج، بعد أن طلب دفاع المتهمين من المحكمة أن تنقل الجلسات خارج معهد أمناء الشرطة، حيث قال أحد محامي هيئة الدفاع إنه «من الضمانات الأساسية في المحكمة حياديتها، بألا تحابي طرفا على الآخر، فلا يعقل أن تعقد الجلسة في عقر دار الشرطة»، معتبرا أن انعقاد الجلسة داخل معهد أمناء الشرطة أفقد المحكمة جزءا أصيلا من الحيادية.
وطلب محام آخر من المحكمة التنحي عن نظر القضية، قائلا إن «المتهمين غير مطمئنين، لأن القضية لم تسند إلى دائرة الاختصاص المكاني والرقمي الطبيعيين»، فسأل القاضي البلتاجي فرد عليه «أنا لا أطمئن للمحكمة».
وتضم القضية، إضافة إلى البلتاجي وحجازي، كلا من محمد محمود علي الزناتي، وعبد العظيم إبراهيم، الطبيبين بالمستشفى الميداني لاعتصام رابعة العدوية. وواجه المتهمون، تهمة اختطاف ضابط وأمين شرطة واحتجازهما قسريا وتعذيبهما داخل مقر اعتصام مؤيدي الرئيس المعزول.