مئات الإصابات في مواجهات «جمعة حرق العلم» على حدود قطاع غزة

إسرائيل تقول إن جنودها تصدوا لمحاولات تسلل ومنعوا الإضرار بالسياج الأمني

محتجون فلسطينيون في «جمعة حرق العلم» خلال المواجهات مع الجنود الإسرائيليين شرق خانيونس أمس (أ.ب)
محتجون فلسطينيون في «جمعة حرق العلم» خلال المواجهات مع الجنود الإسرائيليين شرق خانيونس أمس (أ.ب)
TT

مئات الإصابات في مواجهات «جمعة حرق العلم» على حدود قطاع غزة

محتجون فلسطينيون في «جمعة حرق العلم» خلال المواجهات مع الجنود الإسرائيليين شرق خانيونس أمس (أ.ب)
محتجون فلسطينيون في «جمعة حرق العلم» خلال المواجهات مع الجنود الإسرائيليين شرق خانيونس أمس (أ.ب)

قُتل فلسطيني وأصيب مئات، أمس (الجمعة)، خلال مواجهات عنيفة اندلعت على الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة، في الجمعة الثالثة على التوالي لـ«مسيرات العودة الكبرى»، التي أطلق عليها اسم «جمعة حرق العلم»، في إشارة إلى حرق المتظاهرين العلم الإسرائيلي، ورفع العلم الفلسطيني في مناطق حدودية مع الجانب الإسرائيلي.
وتوافد الآلاف من الفلسطينيين في قطاع غزة إلى الحدود الشرقية والشمالية للقطاع منذ ساعات الصباح، حيث أقدم بعضهم على حرق العلم الإسرائيلي، وصور رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه أفيغدور ليبرمان، إلى جانب الرئيس الأميركي دونالد ترمب. كما نصب المتظاهرون ساريات للعلم الفلسطيني بطول 25 متراً في 5 مناطق رئيسية تشهدها المواجهات.
وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة مقتل إسلام حرز الله (28 سنة) برصاصة في البطن شرق مدينة غزة، في حين أصيب 968 متظاهراً بجروح متفاوتة خلال المواجهات على طوال حدود قطاع غزة، بينهم 16 من الطواقم الطبية والصحافية، مشيرةً إلى أن هناك عدداً من الجرحى أصيبوا بجروح خطيرة، ولفتت إلى أن عشرات من الجرحى أصيبوا جراء استنشاقهم الدخان المنبعث من قنابل الغاز المسيلة للدموع التي أطلقتها قوات الجيش الإسرائيلي بكثافة تجاه المتظاهرين، واتهمت قوات الاحتلال بتعمد استهداف النقاط والطواقم الطبية.
وقدّمت وكالة «رويترز» حصيلة أقل بكثير لعدد الإصابات في مواجهات أمس، ونقلت عن مسعفين فلسطينيين أن القوات الإسرائيلية أطلقت النار وأصابت 30 فلسطينياً. ويبدو هذا الرقم محصوراً بعدد الذين أصيبوا برصاص جنود الاحتلال، في حين أن حصيلة وزارة الصحة الفلسطينية تشمل الذين عولجوا جراء تنشقهم الغاز المسيل للدموع.
وناشد عبد اللطيف الحاج، مدير عام المستشفيات بوزارة الصحة في قطاع غزة، المؤسسات الدولية والصحية المانحة سرعة توفير الاحتياجات الطبية الطارئة في أقسام الطوارئ بالمستشفيات التي تتعامل مع مئات الجرحى والمصابين المشاركين في المسيرات، وأشار في تصريح صحافي إلى أن الأعداد الكبيرة من الإصابات أدت إلى استنزاف كبير في أصناف الأدوية والمهمات الطبية في أقسام الطوارئ وغرف العمليات والعناية المركزة.
وأصيب عدد من الصحافيين والمصورين خلال تغطيتهم للأحداث، من بينهم اثنان أصيبا بالرصاص الحي، أحدهما في كتفه وقدمه شرق مدينة غزة، والآخر بحالة خطيرة جراء إصابته في بطنه وصدره شرق جباليا (شمال القطاع)، بينما أصيب آخرون بالاختناق الشديد جراء إلقاء قنابل الغاز تجاههم في أثناء تغطيتهم للمواجهات.
واعتبر فوزي برهوم، الناطق باسم حركة «حماس»، تعمد الاحتلال استهداف الصحافيين والمتظاهرين العزّل «يعكس حقيقة العنف والإرهاب» اللذين يتعرض لهما الشعب الفلسطيني، مضيفاً أن «ذلك يتطلب المحاسبة الدولية الرادعة للاحتلال وقياداته»، وأضاف: «الوحدة الوطنية التي تتجسد اليوم في الميدان، ورفع العلم الفلسطيني، ومشاركة كل فئات الشعب، ووقوفهم صفاً واحداً في مواجهة المحتل، تأكيد على أن الثوابت الوطنية توحدنا، وكل محاولات تركيع شعبنا باءت بالفشل»، وتابع: «حرق الجماهير للعلم الإسرائيلي رسالة... للعالم أجمع... أن الشعب الفلسطيني هو صاحب الأرض والقرار».
من جانبه، قال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي إن نحو 10 آلاف فلسطيني شاركوا في المظاهرات أمس، وإن الجنود تمكنوا من التصدي لعدة محاولات تسلل عبر الحدود خلال المسيرات، إلى جانب منع محاولات للإضرار بالسياج الأمني، وادعى حصول محاولات لإلقاء عبوات متفجرة تجاه الجنود الإسرائيليين على الحدود، إلى جانب تسيير طائرات ورقية محملة بقنابل مولوتوف.
ونشر ناطق باسم الجيش فيديو يظهر شباناً فلسطينيين وهم يقدمون على قص أجزاء من السياج الشائك الذي تم وضعه ضمن الاستعدادات الإسرائيلية للمسيرات منذ الجمعة الأولى في 30 مارس (آذار) الماضي. وحمّل الناطق باسم الجيش حركة «حماس» المسؤولية عن كل ما يجري على حدود القطاع، مشيراً إلى أن قوات الجيش تستخدم كل وسائل تفريق المظاهرات وإطلاق النار وفق التعليمات العسكرية، مؤكداً أن الجنود لن يسمحوا للمتظاهرين بالمساس بالسياج.
وفي الضفة الغربية، أصيب 11 فلسطينياً في قرية كفر قليل، بمدينة نابلس، أحدهم أصيب بالرصاص الحي، في حين أن الآخرين أصيبوا جراء استنشاقهم للدخان إثر قمع مسيرة في القرية. كما أصيب عشرات بحالات مماثلة جراء قمع قوات الاحتلال مسيرات في نقاط تماس عدة بالضفة الغربية، منها في كفر قدوم بنابلس، وفي نعلين وبلعين قرب رام الله، وفي الخليل وبيت لحم. واعتقلت قوات إسرائيلية 3 أشقاء من دير سامت، جنوب غربي الخليل.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.