موسكو تطلب جلسة طارئة لمجلس الأمن ولا تستبعد مواجهة عسكرية مع واشنطن

أجواء الحرب تخيم على الأمم المتحدة والجهود الدبلوماسية تتواصل

TT

موسكو تطلب جلسة طارئة لمجلس الأمن ولا تستبعد مواجهة عسكرية مع واشنطن

في ظل ترقب لإمكان حصول عمل عسكري وشيك ضد النظام السوري، طلب المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا عقد جلسة مناقشات علنية طارئة لمجلس الأمن صباح اليوم الجمعة (بتوقيت نيويورك) بمشاركة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، للنظر في «تهديدات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ضد سوريا»، معتبراً أن «الوضع خطير للغاية» وينذر بمواجهة عسكرية روسية - أميركية.
وقدمت السويد مشروع قرار يدعو إلى إرسال فريق رفيع المستوى لنزع الأسلحة إلى كل الأراضي السورية «للبت في كل القضايا المعلقة بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية بشكل حاسم». وعلى إثر جلسة مشاورات مغلقة لمجلس الأمن بطلب من المندوب البوليفي ساشا سيرجيو لورينتي سانشيز للنظر في التهديدات الغربية ضد نظام بشار الأسد، خرج نيبينزيا من الجلسة التي خيمت عليها أجواء الحرب، وقال إن الوضع في سوريا «خطير للغاية»، مضيفاً أن «الأولوية الفورية» هي لـ«تجنب خطر الحرب».
وقال المندوب الروسي إن «التهديدات للسلم والأمن الدوليين متمثلة بوجود سياسات عدوانية من بعض أعضاء المجلس الدائمين، والاستعدادات التي يقومون بها، في انتهاك واضح لميثاق الأمم المتحدة». وأضاف أن «تهديد السلم والأمن الدوليين يشكل انتهاكاً لميثاق الأمم المتحدة»، معرباً عن «قلق للغاية من الوضع مع التصعيد الخطير». وأمل «ألا تكون هناك نقطة لا عودة، وأن الولايات المتحدة وحلفاءها سيمتنعون عن القيام بعمل عسكري ضد دولة ذات سيادة». وقال: «ندرك أن خطر التصعيد أعلى من مجرد سوريا. هناك جيشنا الموجود هناك بطلب من الحكومة السورية. لذا، فإن الوضع خطير للغاية».
ورداً على سؤال عن إمكان حصول مواجهة أميركية - روسية، أجاب نيبينزيا بأن «الأولوية الفورية هي لتجنب خطر الحرب»، لكنه أضاف أنه «لا يمكننا استبعاد أي احتمالات لسوء الحظ، لأننا رأينا رسائل آتية من واشنطن. كانوا عدوانيين للغاية. هم يعرفون أننا هناك. أتمنى أن يكون هناك حوار من خلال القنوات المناسبة في هذا المجال لتجنب أي تطورات خطيرة».
وحصلت «الشرق الأوسط» على مشروع القرار السويدي المعدّل الذي ينص على «التنديد بأشد العبارات بأي استخدام لأي مادة كيماوية سامة كسلاح» في سوريا، معبراً عن «الدعم الكامل» لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، ومطالباً كل الأطراف بأن «ييسروا من دون أي تأخير الوصول الحر والآمن للبعثة إلى كل المواقع ذات الصلة، وكذلك تقديم أي معلومات وأدلة، بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، السجلات الطبية والأشرطة والمقابلات الشخصية والمواد الوثائقية، وفقاً للقرار 2118، فيما يتعلق بالحادث المزعوم في دوما والمناطق المجاورة».
ويطلب المشروع من الأمين العام للأمم المتحدة «إيفاد بعثة لنزع السلاح رفيعة المستوى إلى سوريا على الفور من أجل التعامل مع كل المسائل العالقة المتصلة باستخدام الأسلحة الكيماوية بشكل نهائي في أراضيها». وعبر عن «تصميمه على إنشاء آلية تحقيق محايدة ومستقلة ومهنية جديدة قادرة على تحديد جميع المسؤولين عن استخدام المواد الكيماوية كأسلحة» في سوريا، ويدعو الأمين العام إلى تقديم اقتراح في غضون عشرة أيام من اتخاذ القرار يعكس آراء أعضاء المجلس وكي ينظر فيه بصورة عاجلة.
وكذلك يطلب من الأمين العام أن يقدم تقريراً إلى مجلس الأمن عن تنفيذ هذا القرار، وعن امتثال كل الأطراف المعنية في سوريا به، في غضون 15 يوماً من اتخاذ هذا القرار، ومن ثم في إطار عمل التقارير الخاصة بتنفيذ القرار 2118، ويؤكد مجدداً ضرورة الرد «على انتهاكات القرار 2118 بفرض إجراءات بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة».
وكانت السويد قدمت النسخة الأصلية من هذا المشروع فور ممارسة روسيا حق النقض «الفيتو» ضد مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة لإنشاء لجنة تحقيق دولية جديدة لتحديد المسؤولين عن استخدام الغازات السامة في مدينة دوما، وبعدما فشلت روسيا في حشد الأصوات الكافية لمشروع قرار خاص بها يدعو إلى إنشاء لجنة تحقيق دولية تركز على منع وصول الأسلحة الكيماوية إلى الجماعات الإرهابية، ويتغاضى تماماً عن مسؤولية نظام الأسد.
وكشف المندوب السويدي الدائم لدى الأمم المتحدة أولوف سكوغ أن الأمين العام وجه رسالة إلى مجلس الأمن «لمساعدتنا على الاتفاق على آلية محايدة لتحديد المسؤولية وللمساءلة» على استخدام السلاح الكيماوي في سوريا. وأشار إلى أنه اقترح مناقشة «إمكان القيام بمهمة رفيعة المستوى وسريعة لنزع السلاح، وتذهب على الفور إلى سوريا في محاولة لحل كل قضايا نزع السلاح هذه بشكل نهائي وبصورة سريعة للغاية».
وكان غوتيريش دعا الجهات المعنية بالأزمة إلى «التزام أقصى درجات ضبط النفس»، آملاً في «مواصلة النقاشات الدبلوماسية الدائرة حالياً في هذا الصدد». ولفت إلى أنه «يأمل أيضاً بوجود آلية للتحقيق من أجل إعمال مبدأ المحاسبة الذي نعتقد أنه يشكل أهمية كبيرة للضحايا من الشعب السوري، وأيضاً لنظام العدالة العالمي، وجهود نزع السلاح».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.