كيري في بغداد بعد القاهرة وعمان ويحث على تشكيل حكومة تمثل جميع العراقيين

تلعفر بيد الثوار بعد السيطرة على معبر مهم على الحدود مع الأردن

كيري في بغداد بعد القاهرة وعمان ويحث على تشكيل حكومة تمثل جميع العراقيين
TT

كيري في بغداد بعد القاهرة وعمان ويحث على تشكيل حكومة تمثل جميع العراقيين

كيري في بغداد بعد القاهرة وعمان ويحث على تشكيل حكومة تمثل جميع العراقيين

أعلن مسؤول عراقي في قضاء تلعفر الشمالي وشهود عيان، أن ثوار العشائر سيطروا اليوم (الاثنين) على القضاء الاستراتيجي، فيما أكد جيش المالكي انه مازال صامدا ويقاتل.
وقال المسؤول في تصريح لوكالة "فرانس برس" إن "تلعفر (...) أصبحت تحت سيطرة" ثوار العشائر، مضيفا ان غالبية السكان وعددهم نحو 400 ألف شخص معظمهم من التركمان الشيعة غادروا القضاء نحو مناطق مجاورة.
وأكد شهود عيان في اتصال مع "فرانس برس" أن الثوار يفرضون سيطرتهم على قضاء تلعفر (380 كلم شمال بغداد) الاستراتيجي القريب من الحدود العراقية مع تركيا وسوريا.
غير ان المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء العراقي نوري المالك الفريق قاسم عطا قال في مؤتمر صحافي في بغداد، ان القوات التي تحاول منذ نحو عشرة ايام منع الثوار من السيطرة على القضاء "صامدة"، حسب قوله. إلا انه أكد رغم ذلك ان "الخيارات مفتوحة امام قيادات العمليات بأن تتخذ ما تراه مناسبا لتحشيد او سحب القطعات" العسكرية، مضيفا "حتى لو انسحبنا من تلعفر او اي منطقة اخرى فهذا لا يعني انها هزيمة او ترك هذه المنطقة بصورة نهائية".
تأتي هذا التطورات بالتزامن مع اجتماع وزير الخارجية الاميركي جون كيري مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي اليوم، لحثه على تشكيل حكومة أكثر تمثيلا للكتل السياسية، في حين انسحبت قواته من معبر حدودي مع الاردن تاركة منطقة الحدود الغربية بأسرها خارج السيطرة.
وعد وزير الخارجية الاميركي جون كيري الاثنين بان الولايات المتحدة ستوفر الدعم "المكثف" للعراق لمساعدته على مواجهة هجوم المسلحين الاسلاميين.
وصرح كيري للصحافيين بعد يوم من الاجتماعات في بغداد ان "الدعم سيكون مكثفا ومستمرا، واذا ما اتخذ القادة العراقيون الخطوات الضرورية لتوحيد البلاد، فان هذا الدعم سيكون فعالا".
وادلى كيري بتلك التصريحات في السفارة الاميركية في بغداد الواقعة في المنطقة الخضراء المحصنة بعد ان اجرى محادثات مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وعدد من المسؤولين.
من جهة أخرى، قالت مصادر امنية عراقية وأردنية إن عشائر عراقية سنية سيطرت على معبر حدودي بين العراق والاردن الليلة الماضية، بعد انسحاب جيش المالكي من المنطقة عقب اشتباكات مع الثوار.
وتتفاوض العشائر على تسليم المعبر لمسلحي تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)"، الذي استولى على معبرين رئيسين مع سوريا في مطلع الاسبوع. وتسيطر القوات الكردية على معبر ثالث مع سوريا في الشمال.
وقالت مصادر في الجيش الاردني ان القوات الاردنية اعلنت في الايام الاخيرة حالة التأهب على طول الحدود مع العراق لمسافة 181 كيلومترا، وأعادت انتشارها في بعض المناطق في إطار خطوات للتصدي لأي تهديد أمني محتمل.
وتخشى واشنطن أن الحكومة التي يقودها المالكي كانت سببا في تأجيج الاضطرابات بإقصاء السنة المعتدلين الذي قاتلوا ضد "القاعدة" في السابق، ولكنهم انضموا الآن للثوار.
وحرصت واشنطن على عدم التصريح علنا برغبتها في تخلي المالكي عن السلطة، وقال مسؤولون عراقيون إن رسالة بهذا المعنى نقلت بشكل غير مباشر في الأحاديث الخاصة.
من جهته، اتهم الزعيم الاعلى الايراني علي خامنئي واشنطن أمس (الاحد) بمحاولة استعادة السيطرة على البلد الذي احتلته ذات يوم. ونفى كيري هذا الاتهام قائلا ان الولايات المتحدة ملتزمة بمساعدة العراق، لكنها تريد تشكيل حكومة تضم المزيد من الطوائف السياسية.
على صعيد متصل، سيجري تشكيل حكومة جديدة في العراق بعد الانتخابات التي جرت في ابريل (نيسان)، وأسفرت عن فوز قائمة المالكي بأغلبية مقاعد البرلمان، ولكنه لا يزال بحاجة لضم حلفاء ليحقق أغلبية.
من جهته قال كيري يوم أمس ان الولايات المتحدة لن تنتقي أو تختار من يحكم في بغداد، مضيفا أن بلاده لاحظت رغم ذلك استياء الاكراد والسنة وبعض الشيعة من القيادة الحالية في العراق وانها تريد أن يجد العراقيون قيادة "مستعدة ألا تقصي أحدا وأن تتقاسم السلطة".
وقال ساسة عراقيون بارزون من بينهم عضو واحد على الاقل في قائمة المالكي لــ"رويترز" ان مسؤولين عراقيين تلقوا رسالة مفادها أن واشنطن تقبل برحيل المالكي، وذكروا أن الرسالة نقلت الى المسؤولين بلغة دبلوماسية.
ووصفت الاجتماعات الاخيرة بين المالكي والاميركيين بالعصيبة، وقال دبلوماسي غربي أطلعه أحد المشاركين في الاجتماعات على المناقشات التي دارت فيها، ان دبلوماسيين أميركيين أبلغوا المالكي أن عليه القبول بتخليه عن منصبه إذا عجز عن جمع أغلبية في البرلمان لولاية ثالثة.
وقال حليف وثيق الصلة بالمالكي إن الأخير يشعر بمرارة تجاه الأميركيين في الايام الاخيرة لامتناعهم عن منحه دعما عسكريا قويا في مواجهة تقدم المتشددين.
وبغداد المحطة الثالثة في جولة كيري في عواصم الشرق الاوسط للتأكيد على الخطر الذي يمثله المتشددون للمنطقة. كما حث حلفاء العراق على استغلال نفوذهم لاقناع بغداد بتوسيع نطاق الحكومة، ودعا جيران العراق لتعزيز جهودهم لوقف تمويل المتشددين عبر الحدود.
وفي تطور لاحق، أعلن المتحدث باسم مكتب الفريق قاسم عطا الاثنين ان تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" قام بذبح وشنق "مئات الجنود" العراقيين خلال الهجوم الذي يشنه في مناطق مختلفة في العراق.
وقال عطا في مؤتمر صحافي في بغداد ان "مئات الجنود ذبحوا وشنقوا ومثل بجثثهم في صلاح الدين ونينوى وديالى وكركوك والمناطق التي يوجد فيها الارهابيون" من تنظيم "الدولة الاسلامية"، وأضاف ان "المجازر" التي ارتكبها هذا التنظيم شملت ايضا مئات المدنيين"، على حد قوله.
من جهته، نشر التنظيم أخيرا مجموعة من الصور التي تظهر إعدام مقاتليه لعشرات الجنود العراقيين في محافظة صلاح الدين.
ونشرت هذه الصور على حساب التنظيم الخاص بمحافظة صلاح الدين على موقع "تويتر"، وعلى مواقع أخرى تعنى بأخبار التنظيمات المتطرفة.
وظهرت في احدى الصور مجموعة مؤلفة من خمسة مسلحين احدهم لا يزال يطلق النار من رشاشه وهم يقفون أمام نحو 50 شخصا يرتدون الزي المدني ويستلقون على بطونهم في حقل ترابي، وقد قيدت أيديهم من الخلف وانتشرت بقع من الدماء فوق رؤوسهم.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.