لبنان: المادة 50 من قانون الموازنة تثير المخاوف من {توطين مقنّع}

خبراء يعتبرونها ضرورية للنهوض بالقطاع العقاري الراكد منذ سنوات

مشروع سكني قيد الإنشاء قرب ساحة الشهداء وسط بيروت كما بدا أوائل الشهر الجاري (أ.ب)
مشروع سكني قيد الإنشاء قرب ساحة الشهداء وسط بيروت كما بدا أوائل الشهر الجاري (أ.ب)
TT

لبنان: المادة 50 من قانون الموازنة تثير المخاوف من {توطين مقنّع}

مشروع سكني قيد الإنشاء قرب ساحة الشهداء وسط بيروت كما بدا أوائل الشهر الجاري (أ.ب)
مشروع سكني قيد الإنشاء قرب ساحة الشهداء وسط بيروت كما بدا أوائل الشهر الجاري (أ.ب)

شكّلت المادة 50 من قانون موازنة العام 2018. التي منحت أي عربي أو أجنبي إقامة دائمة له ولعائلته، في حال تملّك شقة سكنية في لبنان، جدلاً واسعاً في الساحة اللبنانية، وقوبلت برفض مطلق من البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، الذي اعتبرها «مقدمة للتوطين خلافاً للدستور»، في وقت دافع خبراء اقتصاديون عن هذه الخطوة، ورأوا فيها «حافزاً مهماً لتحريك القطاع العقاري الذي يعاني ركوداً من سنوات، وعاملاً لتشجيع الاستثمارات الأجنبية».
وقال الراعي في عظة ألقاها يوم الأحد «تخيفنا جداً وكل الشعب اللبناني، المادة الخمسون التي أضيفت بسحر ساحر على موازنة العام 2018، وهي أن كل عربي أو أجنبي يشتري وحدة سكنية في لبنان، يمنح إقامة دائمة له ولزوجته ولأولاده القاصرين». وسأل «أهذه مقدمة لاكتساب الجنسية وللتوطين خلافا للدستور؟».
لكنّ هذه الرأي خالفه الخبير المالي والاقتصادي وليد أبو سليمان، الذي عبر عن أسفه لأن لبنان «يضع نفسه دائماً وكأن العالم يتآمر عليه، ويثير مؤامرة التوطين كلّما طرح مشروع استثماري في البلد». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «قانون منح الإقامة الدائمة لمن يتملّك منزلاً، اعتمدته دول عدّة عندما كان وضعها الاقتصادي متأزماً، مثل اليونان والبرتغال وقبرص، ما أتاح لها تحريك القطاع العقاري وتفعيل الوضع الاقتصادي والاستهلاك الداخلي، وبدّل النظرة إلى الاستثمار في قطاعات أخرى». وشدد أبو سليمان، على أن «المادة 50 تمنح من يشتري منزلاً في لبنان الإقامة وليس الجنسية، ويمكن منح هذه الإقامة لأي شخص يؤسس شركة تجارية»، مذكراً بأن «قبرص نهضت اقتصاديا من وراء هذا البرنامج لأنه أتاح منح الجنسية للمتملكين». وقال: «بغضّ النظر عن الوضع السياسي، فإن المادة المذكورة وضعت بهدف إدخال أموال خارجية إلى البلاد، لسد العجز في ميزان المدفوعات، كي لا يضطر الصرف المركزي للتدخل وضخّ أموال في السوق». وإذا كانت أزمة القطاع العقاري تشجّع الدولة على هكذا خطوة، فإنها لا تلغي مخاوف شريحة واسعة من أبعاد مثل هذه التشريعات، خصوصاً في الأوساط المسيحية، وشددت مصادر مقرّبة من بكركي لـ«الشرق الأوسط»، على أن «تحذيرات البطريرك من خطورة التوطين في مكانها»، معتبرة أنه «تحت عنوان البحث عن استثمارات قد نخسر البلد، الذي يغرق أساساً في أزمة اللاجئين، والآن قد يذهب ضحية التوطين». وذكّرت بأن «مسؤولين غربيين طالبوا أكثر من مرّة بتوطين السوريين في دول الجوار التي لجأوا إليها». ورأت أن «ذلك يشكل خللاً ديموغرافياً خطيراً، يلغي هوية لبنان ودوره وتنوعه الذي يتميّز به في هذا المشرق».
ولم يتوقف الاعتراض على المراجع الدينية المسيحية، إذ شنّت قوى سياسية وأحزاب هجوماً على هذه المادة، ووصفها رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل بأنها «توطين مقنّع». وأكد أن حزبه «يخوض معركة ضدّ هذا القانون (المادة 50)، غير الدستوري، لأنه يعطي اللاجئين حق اكتساب إقامة دائمة». وسأل «كيف نفسّر أن كل الكتل صوّتت على هذا المشروع؟ لقد أعطوهم توطينا مقنعا». في وقت رأى رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، أن «ما جاء في المادة الخمسين من الموازنة يتضمن جملة من التجاوزات والمخاطر الوطنية والاقتصادية والاجتماعية». وقال: «هذه المادة تفتح الباب أمام عدد واسع من المقيمين في لبنان أو الراغبين في الإقامة فيه أمام شراء وحدات سكنية بأسعار متدنية، والحصول على إقامة دائمة يخشى أن تكون مقدمة لتوطينهم أو على الأقل لتأبيد وجودهم في لبنان».
أما القراءة الاقتصادية فجاءت مخالفة لهذا الرأي، إذ اعتبر الخبير المالي والاقتصادي وليد أبو سليمان، أن «الحديث عن التوطين مجرّد فزّاعة». وسأل «إذا كان الخوف من توطين السوريين، فإن أغلبية النازحين السوريين هم دون الطبقة الوسطى، وليس بإمكانهم التملك وشراء منزل بنصف مليون دولار، ثم السوري الذي لديه أموال طائلة، هاجر إلى أوروبا وربما أميركا». وشدد على أن «هذه الخطوة تبعث على الارتياح وتؤدي إلى تحفيز النهوض بالقطاع العقاري الذي يشكون ركوداً منذ سنوات».
من جهته، دافع منسّق التحالف العقاري مسعد فارس عن إقرار المادة 50 من موازنة العام 2018، وأعلن في حديث لوكالة الأنباء «المركزية» (الخاصة)، أنها «تتضمّن حوافزَ لتملك الأجانب حيث يمنح بموجبه كل عربي أو أجنبي تملك وحدة سكنية بدءاً من 500 ألف دولار في بيروت و330 ألف دولار خارجها، إقامة دائمة له ولزوجته وأولاده القاصرين»، مؤكداً أن «القطاع العقاري طالب المسؤولين بذلك، كما هو حاصل في بلدان مجاورة كقبرص التي استثمر فيها ما قيمته 4 مليارات دولار خلال السنوات الخمس الماضية، خصوصاً أن المستثمر مضطر إلى دفع ضريبة الأملاك المبنيّة والقيمة التأجيرية والبلدية وغيرها من الأمور للدولة اللبنانية». ونفى فارس أن يكون هذا البند لمصلحة التوطين «خصوصاً أن هناك مادة في الدستور تمنع ذلك، وبالتالي فإن الذي يستثمر المنزل لديه إقامة دائمة يتخلى عنها عندما يتخلى عن المنزل».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.