في إحدى ساحات حي مولنبيك ببروكسل، وقف محمد بشيري المغربي الأصل أمام لافتة تحمل اسم الساحة ومكتوب عليها اسم زوجته لبنى لفقيري التي راحت ضحية العمل الإرهابي الذي وقع قبل عامين في العاصمة البلجيكية، خطوة لافتة وسابقة أن يحمل مكان في العاصمة البلجيكية وخصوصا في حي مولنبيك اسم سيدة عربية مسلمة تخليدا لذكراها». وقال البشيري في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من عين المكان: «إنه تقدير جيد من السلطات لذكرى زوجتي لبنى، والآن أصبح لها مكان يخلد ذكراها، وحتى يظهر للعالم أن حي مولنبيك لا يعيش فيه فقط الذين لهم علاقة بالتطرف والإرهاب، وإنما هم قلة قليلة، بينما غالبية السكان هم مثل زوجتي التي كانت تحب الحياة، ولها علاقات جيدة بالآخرين» وكان بشيري يتحدث إلينا وهو ينظر إلى صورة زوجته الموجودة على النصب التذكاري، وعن اختيار هذه الصورة قال إنها صورتها يوم الزفاف، مشيرا إلى أنه اختار بنفسه هذه الصورة لتوضع على النصب التذكاري.
وأوضح: «هذا المكان سيذكرني دائما بلبنى، التي قتلت بسبب الإرهاب، كما سيذكرنا المكان بكل ضحايا التطرف، وكان قرار السلطات جيدا للغاية، وفيه رد على المتطرفين، وكل الذين يفكرون في التشدد، حيث أصبح المكان يظهر أن سيدة بلجيكية مغربية مسلمة لها مكان مثلها كمثل كل البلجيكيين، مع رسالة للعالم أن الإرهاب يطول الجميع، لقد كانت لبنى نموذجا للسيدة المسلمة المثقفة، والمنفتحة على الآخرين وفي نفس الوقت تحافظ على عقيدتها».
المسؤولون في بلدية مولنبيك أكدوا على أن إطلاق اسم لبنى لفقيري على أحد الساحات الرئيسية في الحي، لاقى استحسانا من السكان سواء من البلجيكيين أو من السكان من أصول عربية وإسلامية، وكان عدد من المارة يحرصون على الوقوف أمام النصب التذكاري وأخذ صور للافتة، التي تحمل اسم لبنى، ويقرأون الكلمات المكتوبة عليها باللغتين الفرنسية والهولندية.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال أحدهم وهو بلجيكي في العقد الخامس من عمره: «كان أمرا جيدا أن تفكر عمدة مولنبيك في إطلاق اسم لبنى على هذا المكان، وكذلك تشييد النصب التذكاري وهذا يحمل رسالة تعبر عن التضامن بين مكونات المجتمع المختلفة من عرب ويهود ومسلمين وبلجيكيين وغيرهم».
وقال شاب مغربي في بداية العقد الثالث من سكان الحي ويدعى السعيد محمد: «لقد كان أمرا محزنا وفاة هذه السيدة والمؤسف فعلا، أن واحدا من إخواننا فعل هذا الأمر، وراحت ضحيته أخت لنا، مما يجعلني أتساءل لماذا وقع هذا الأمر، وأعتقد أن الجهل له دور كبير».
واتفقت معه سيدة أفريقية شابه في أواخر العشرينات من سكان الحي وشددت على، أن إطلاق اسم لبنى لفقيري على إحدى الساحات يحمل رسالة هامة للجميع حيث تعتبر مثالا لكل ضحايا الإرهاب.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قالت فرنسواز سكيبمانس عمدة مولنبيك ببروكسل: «من المهم جدا أن يكون لدينا مكان لنتذكر لبنى لفقيري وكل ضحايا الهجمات الإرهابية، ولبنى هي أول سيدة يطلق اسمها على إحدى الساحات في مولنبيك ببروكسل لأنها واحدة من سكان هذا الحي، كما أنها سيدة مسلمة مثقفة بلجيكية مغربية، ودليل على التنوع السكاني، كما يثبت هذا أن الإرهاب يستهدف الجميع بصرف النظر عن العقيدة أو اللون أو العرق».
واتفق المراقبون في العاصمة البلجيكية على اعتبار هذه الخطوة تحمل رسالة تقدير للعرب والمسلمين وتأكيد عدم فرزهم أو تصنيفهم أو وسمهم بالإرهاب من منطلق القناعة أن الإرهاب لا دين له ولا وطن ولا حدود، ولا يفرق بين ضحاياه». والمراقبون اعتبروا هذه الخطوة تحمل رسالة تقدير للعرب وتأكيد على عدم فرزهم أو تصنيفهم أو وسمهم بالإرهاب، وخصوصا لبنى كانت من سكان بلدية مولنبيك التي وصفتها المنابر الإعلامية الدولية بأنها بؤرة التطرف والإرهاب في أوروبا.
ومنذ هجمات باريس في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 التي أودت بحياة 130 شخصا وبعدها، هجمات بروكسل قبل عامين، والتي راح ضحيتها 32 شخصا وأصيب 300 آخرين، يسعى سكان مولنبيك وغالبيتهم من العرب والمسلمين ومن خلال أنشطة متعددة على محو الصورة السلبية بعد أن خرج من هذا الحي شبان شاركوا في أعمال إرهابية، وتمسك الجميع بترسيخ قيم التسامح والتعايش السلمي بين مكونات المجتمع المختلفة.
نصب تذكاري لضحية مغربية لتفجيرات بروكسل في معقل المنفذين
عمدة مولنبيك لـ «الشرق الأوسط» : لبنى لفقيري مثال على التنوع السكاني وأن العنف لا يفرق بين أحد
نصب تذكاري لضحية مغربية لتفجيرات بروكسل في معقل المنفذين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة