توقيف 24 ناشطا مصريا خلال مسيرة مناهضة لقانون التظاهر قرب القصر الرئاسي

السلطات القضائية وجهت إليهم تهم استخدام العنف وترويع المواطنين

جانب من المسيرة المعارضة لقانون التظاهر بالقرب من القصر الرئاسي في القاهرة أول من أمس (رويترز)
جانب من المسيرة المعارضة لقانون التظاهر بالقرب من القصر الرئاسي في القاهرة أول من أمس (رويترز)
TT

توقيف 24 ناشطا مصريا خلال مسيرة مناهضة لقانون التظاهر قرب القصر الرئاسي

جانب من المسيرة المعارضة لقانون التظاهر بالقرب من القصر الرئاسي في القاهرة أول من أمس (رويترز)
جانب من المسيرة المعارضة لقانون التظاهر بالقرب من القصر الرئاسي في القاهرة أول من أمس (رويترز)

ألقت السلطات المصرية القبض على 24 ناشطا سياسيا في القاهرة مساء أول من أمس، خلال فض قوات الأمن لمسيرة مناهضة لقانون التظاهر، توجهت إلى قصر الاتحادية الرئاسي (شرق القاهرة)، في أول فعالية تنظمها قوى مدنية بعد تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسي. وأقر قانون تنظيم الحق في التظاهر أواخر العام الماضي، وأثار اعتراضات واسعة من أحزاب وقوى مدنية عدته ردة على مكتسبات ثورة 25 يناير (كانون الثاني) التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك قبل أكثر من ثلاث سنوات.
وبعد ساعات من مؤتمر نظمته سبعة أحزاب مصرية للمطالبة بتعديل قانون تنظيم الحق في التظاهر، فضت قوات الأمن مسيرة نظمتها «جبهة ثوار» التي تضم نشطاء شبابا من عدة أحزاب وحركات احتجاجية، تجمعت بالقرب من القصر الرئاسي في مصر الجديدة (شرق القاهرة)، وشارك فيها العشرات. ورفع المتظاهرون رايات تحمل صورا لنشطاء محكومين بموجب قانون التظاهر، ورددوا هتافات منددة بالقانون، قبل أن تتدخل قوات الأمن بإطلاق طلقات الخرطوش والقنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين.
ويحظر القانون تنظيم مظاهرة قبل إخطار السلطات الأمنية بموعد ومكان المسيرة، وأسباب تنظيمها والشعارات التي سترفع خلالها، والأعداد المتوقع أن تشارك فيها. ويمنح القانون الحق لوزارة الداخلية في الاعتراض على تنظيم المسيرة. وصدرت أحكام وصفت بـ«القاسية» على نشطاء شبان بموجب قانون التظاهر، بعضهم كانوا من أبرز الشباب الداعين إلى مظاهرات 25 يناير التي انتهت بالإطاحة بمبارك. ويقضي الناشط السياسي أحمد دومة، وأحمد ماهر مؤسس حركة «شباب 6 أبريل»، ومحمد عادل القيادي في الحركة، عقوبة السجن ثلاث سنوات لخرقهم القانون، كما يقضي 25 آخرون بينهم الناشط السياسي علاء عبد الفتاح عقوبة السجن 15 عاما في التهمة ذاتها.
وقال الناشط الحقوقي عمرو إمام، أحد المحامين عن المتهمين، إن قوات الأمن ألقت مساء أول من أمس القبض على ما يزيد على 40 متظاهرا من المشاركين في المسيرة المناهضة لقانون التظاهر، بينهم سناء شقيقة الناشط البارز عبد الفتاح. وأشار إمام إلى أنه جرى الإفراج عن مجموعة من الصحافيين الذين جرى توقيفهم خلال تغطيتهم للمسيرة بعد التأكد من هويتهم، كما أطلق سراح مجموعة أخرى «من دون سبب واضح» على حد قوله، مؤكدا أن 24 ناشطا، من بينهم سبع فتيات، رهن الاحتجاز والتحقيق؛ بينهم يارا سلام التي عملت في وقت سابق كقاضية في المحكمة الأفريقية.
ووجهت النيابة للمتهمين الـ24 تهم «الاشتراك في تجمهر على خلاف القانون، الغرض منه تعطيل تنفيذ القوانين والتأثير على السلطات العامة»، و«تنظيم مظاهرة من دون إخطار على الوجه المقرر قانونا»، و«حيازة مواد حارقة ومفرقعات أثناء الاشتراك في تلك المظاهرة»، و«استعراض القوة واستخدام العنف بقصد ترويع المواطنين وتخويفهم»، و«الإتلاف العمدي للممتلكات العامة»، و«حيازة أدوات تستخدم في التعدي على الأشخاص من دون مسوغ قانوني».
ونجح الناشط الحقوقي البارز خالد علي، المرشح الرئاسي السابق، في الحصول على قرار من محكمة القضاء الإداري بإحالة قانون التظاهر إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل في مدى دستورية القانون الذي أثار اعتراضات أعضاء بلجنة الخمسين التي وضعت دستور البلاد الجديد الذي أقر في استفتاء شعبي مطلع العام الحالي.
وتعد المظاهرة المنددة بقانون التظاهر هي الأولى للقوى المدنية منذ تسلم الرئيس السيسي مهام منصبه أوائل الشهر الحالي. وتجنب السيسي خلال فترة الدعاية الانتخابية التعهد بإعادة النظر في قانون التظاهر أو الإفراج عن المحكومين بموجب القانون، لكن مقربين له قالوا حينها إن السيسي «يدرس الأمر». وتزايدت الهوة بين السلطات المصرية الجديدة والقوى الشبابية الليبرالية واليسارية التي شاركت بفعالية في ثورة 30 يونيو (حزيران) التي أنهت حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان، في ضوء ما عدته تلك القوى مساعي من السلطة لتشديد قبضتها لضبط الأوضاع في البلاد.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».