ارتفاع عمليات تهريب الأسلحة عبر الحدود الأردنية ـ السورية إلى 300%

قائد قوات الحرس الأردنية: ضبطنا 581 شخصا من مختلف الجنسيات حاولوا التسلل إلى سوريا

 موجة نزوح للاجئين السوريين عبر الحدود الأردنية («الشرق الأوسط»)
موجة نزوح للاجئين السوريين عبر الحدود الأردنية («الشرق الأوسط»)
TT

ارتفاع عمليات تهريب الأسلحة عبر الحدود الأردنية ـ السورية إلى 300%

 موجة نزوح للاجئين السوريين عبر الحدود الأردنية («الشرق الأوسط»)
موجة نزوح للاجئين السوريين عبر الحدود الأردنية («الشرق الأوسط»)

يلمس الزائر إلى الحدود الأردنية - السورية حجم معاناة اللاجئين السوريين الذي يصلون إلى الحدود الأردنية ضمن نقاط عبور غير شرعية وتكبدهم للمال والجهد وتعرضهم لخطر الموت أحيانا. في المنطقة الشرقية الشمالية وعلى الحدود الأردنية - السورية من جهة مدينة الرويشد (260 كم عن عمان) الواقعة على الطريق المؤدي إلى العراق، تعمل قيادة حرس الحدود الأردنية بالتعاون مع المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة على استقبال اللاجئين السوريين الفارين من جحيم المعارك التي تشهدها بلادهم.
وفي جولة نظمتها القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية لوسائل الإعلام العربية والأجنبية، كانت «الشرق الأوسط» منهم، للاطلاع على ما تقوم به قيادة حرس الحدود الأردنية من جهود لاستقبال هؤلاء اللاجئين منذ دخول الساتر الترابي الذي يفصل الحدود عن بعضها البعض وتأمين الأطفال والمرضى ومساعدتهم ونقلهم إلى مركز إيواء في الخطوط الخلفية من الحدود.
وقال قائد قوات حرس الحدود الأردنية العميد حسين الزيود إن الواجب الأساسي لحرس الحدود هو «حماية الأردن من كل عمليات تسلل الأشخاص أو تهريب الأسلحة والمخدرات».
وأضاف في مؤتمر صحافي نظم داخل خيمة وسط الصحراء جرى نصبها لهذه الغاية أن نسب عمليات تهريب الأسلحة عبر الحدود الأردنية - السورية ارتفعت إلى 300 في المائة العام الجاري مقارنة بالعام الماضي.
وأضاف الزيود أن نسبة عمليات التسلل للأفراد عبر الحدود الأردنية - السورية ارتفعت إلى 250 في المائة عن العام الماضي.
وأوضح أن حرس الحدود ضبطت نحو 900 قطعة سلاح من مختلف الأنواع غالبيتها مقبلة من سوريا إلى الأردن خلال العام الجاري، مشيرا إلى أن «غالبية حالات تهريب السلاح تأتي من سوريا، لكن حصل الكثير من حالات التهريب من الأردن إلى سوريا جرى ضبط الأفراد مع أسلحتهم من جنسيات مختلفة».
أما بشأن عدد الأفراد الذين جرى تهريبهم للأردن فبلغوا 1595 فردا، فيما أحبطت السلطات، وفقا للزيود، عمليات تسلل من الأردن إلى سوريا جرى خلالها ضبط 581 شخصا من مختلف الجنسيات جرت إحالتهم للجهات المختصة.
إلى ذلك، قال الزيود إن عدد اللاجئين الذين عبروا منذ بداية الأزمة السورية إلى الأراضي الأردنية بلغ 427 ألف لاجئ سوري من خلال النقاط غير الشرعية البالغة 45 نقطة عبور على طول الحدود البالغة 375 كيلومترا.
وأشار إلى أن قوات حرس الحدود أحبطت تهريب ما يزيد على 6 ملايين حبة مخدرة، و24 سيارة من الأردن إلى سوريا، وكذلك 90 ألف رأس من الغنم من سوريا إلى الأردن.
وقال العميد الزيود إن «الأردن سيواجه بقوة وحزم محاولات إدخال الأسلحة من سوريا إليه، أو استخدامها داخل الأراضي الأردنية، أو في اتجاه الدول المجاورة».
وكشف العميد الزيود لـ«الشرق الأوسط» عن وجود تعاون بين القوات المسلحة الأردنية و«الجيش الحر»، في الجانب الإنساني للاجئين السوريين، في الوقت ذاته نفى أن يكون هناك تعاون أو اتصال مع الجيش السوري النظامي.
كما تحدث العميد الزيود عن الواجب الإنساني الذي تضطلع به قوات حرس الحدود تجاه اللاجئين، وعمليات استقبالهم وتقديم الخدمات اللازمة لهم، مشيرا إلى أن هذه النقطة الحدودية في منطقة «الحدلات» (70 كيلومترا شمال غربي الرويشد) تستقبل من 500 إلى 600 لاجئ من مختلف الأعمار.
وأكد أن حدود بلاده لا تزال مفتوحة أمام اللاجئين السوريين وأن هناك عمليات عبور يوميا لهم لهذه الحدود، منوها بأن عدد اللاجئين الذين يصلون الأردن يعتمد على طبيعة الوضع الأمني في الجانب السوري، حيث إن عمليات العبور في مناطق الحدود الغربية ضعيفة بسبب الوضع الأمني هناك والاشتباكات التي تقع بين الجانبين.
من جانب آخر قال مصدر مطلع إن الأردن حصل على رادارات ليلية متطورة من الولايات المتحدة الأميركية تستطيع اكتشاف أي حالة تسلل عبر الحدود بعمق 45 كيلومترا، خاصة أن الأردن لديه أجهزة رؤية ليلة تكشف الأشياء المتحركة على بعد 20 كيلومترا. وعندما وصلنا إلى الحدود التي لم يفصلنا عنها سوى ساتر ترابي أقامته القوات المسلحة الأردنية بارتفاع متر تقريبا وباستطاعة أي إنسان اجتيازه دون معاناة، عبر نحو 200 لاجئ من مختلف الأعمار، حيث كانت مجموعة من الجنود الأردنيين تقوم بمساعدتهم، خاصة الأطفال منهم، وقدموا لهم المياه والبسكويت التي تسد رمق جوعهم، حيث بدا الإرهاق والتعب والجوع والعطش عليهم، خاصة كبار السن.
وقال خليل (أبو محمد) حيث رفض ذكر اسمه الكامل لدواع أمنية: «لقد حضرت مع أفراد أسرتي من بلدة نصيب على الحدود مع الأردن في رحلة استغرقت 7 ساعات بواسطة مهربين». وأضاف: «لقد وصلنا إلى بلدة نصيب من مدينة إدلب (شمال) من أجل العبور إلى الأردن ولم نستطع، وانتظرنا فيها ثلاثة أيام حيث قام الجيش الحر بمساعدتنا في الإيواء وتقديم الغذاء».
وقال: «لقد دفعت لأحد المهربين 60 ألف ليرة سورية من أجل نقلنا إلى هذه المنطقة بالتعاون مع الجيش الحر، حيث استغرقت الرحلة 7 ساعات في البرد والمطر والجوع والعطش».
وأشار أبو محمد إلى أنه نجا من الموت أكثر من مرة جراء قصف الطيران لمدينة إدلب، «وأصبحت الحياة في المدينة لا تطاق بسبب فقدان الأمن الشخصي، وأصبحنا لا نعرف عدونا من صديقنا لكثرة التنظيمات المسلحة والحواجز الطيارة التي تقام على الطرقات». وعندما سئل هل يعرف أين سيذهب؟ رد بعفوية: «إلى مخيم الزعتري حيث الأمن والمنظمات الإنسانية التي تقوم على تقديم المساعدات حتى تفرج». أما مطيعة، وهي عجوز (80 سنة) قدمت من الغوطة الشرقية مع ابنها المعاق، فقالت لـ«الشرق الأوسط» إنها خرجت من بيتها بعد أن جرى تدميره كليا وأصبحت دون مأوى واستغرقت أربعة أيام على الطريق حتى وصلت إلى الحدود بمساعدة الجيش الحر.
أما أم عبد الله وهي أم لخمسة أطفال حضرت من حمص فقالت: «دمرت البناية التي نسكن فيها بعد أن قصفت المدينة أكثر من مرة بالطيران الحربي، لقد تكبدنا معاناة كبيرة في رحلة الوصول إلى الحدود، لقد عانينا من البرد ومن العطش ومن الجوع.. نأمل أن تحل مشكلتنا حتى نعود إلى بلدنا مرة أخرى».
ولم يختلف الحال كثيرا عن أم مالك وهي أم لأربعة أبناء جاءوا ضمن اللاجئين السوريين، حيث قالت: «إننا شاهدنا الموت بأعيننا.. فأنا وأبنائي لم نأكل منذ ثلاثة أيام خلال هذه الرحلة الشاقة التي مررنا بها». أما محمود، القادم من حمص، فقد أبلغ «الشرق الأوسط» أنه من المنطار في حلب، وهو من المطاردين، «واستغرقت رحلة الوصول إلى الحدود نحو أربعة أيام رأيت الموت أمامي أكثر من مرة، والحمد لله الآن أصبحت في أمان بعد أن عبرت إلى الأردن. وكان القوات المسلحة أحضرت سيارات ذات الدفع الرباعي لاجتياز الصحراء وقد استغرقت الرحلة من الرويشد إلى المنطقة الحدودية نحو ساعتين عشنا خلالها تقلبات الطقس من مغبر إلى ماطر غزير وإلى تشكل الفيضانات والسيول، حيث تعطلت أربع سيارات ذات الدفع الرباعي بسبب الرمال المتحركة والوحل، حيث جرى استدعاء ناقلة جنود مجنزرة عملت على إخلاء هذه السيارات وسحبها من المنطقة الموحلة، وتأخرنا في المكان ساعة و22 دقيقة حتى وصلنا الساعة التاسعة مساء بالتوقيت المحلي إلى مدينة الرويشد، حيث كانت الحافلات بانتظارنا لنقلنا إلى عمان في رحلة شاقة عانى فيها الزملاء الصحافيون من التعب والإرهاق».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.