الحريري أكد الحاجة إلى قرارات شجاعة لمحاربة «الفساد المستشري»

باسيل دعا المغتربين إلى «التمسك بلبنانيتهم» وممارسة حقهم الانتخابي

سعد الحريري بين كارلوس غصن رئيس مجلس إدارة شركتي «نيسان» و«رينو» والوزير جبران باسيل ومشاركين في مؤتمر المغتربين (دالاتي ونهرا)
سعد الحريري بين كارلوس غصن رئيس مجلس إدارة شركتي «نيسان» و«رينو» والوزير جبران باسيل ومشاركين في مؤتمر المغتربين (دالاتي ونهرا)
TT

الحريري أكد الحاجة إلى قرارات شجاعة لمحاربة «الفساد المستشري»

سعد الحريري بين كارلوس غصن رئيس مجلس إدارة شركتي «نيسان» و«رينو» والوزير جبران باسيل ومشاركين في مؤتمر المغتربين (دالاتي ونهرا)
سعد الحريري بين كارلوس غصن رئيس مجلس إدارة شركتي «نيسان» و«رينو» والوزير جبران باسيل ومشاركين في مؤتمر المغتربين (دالاتي ونهرا)

للمرة الأولى، ينعقد مؤتمر الطاقة الاغترابية في أوروبا بعد أن التأم مؤتمران مشابهان في أميركا اللاتينية وأفريقيا. وأهمية مؤتمر أمس لا تنحصر فقط في العدد الكثيف من اللبنانيين الذين جاؤوا إلى العاصمة الفرنسية، بل أيضاً في حضور رسمي عالي المستوى تمثل برئيس الوزراء سعد الحريري ووزير الطاقة سيزار أبي خليل ومستشار الرئيس ميشال عون للشؤون الخارجية إلياس بو صعب. أما ضيف المؤتمر فكان وزير الاقتصاد والمال الفرنسي برونو لومير الذي حضر أول من أمس مؤتمر «سيدر» ورأس أعماله طيلة بعد الظهر.
لكن «محرك» المؤتمر كان وزير الخارجية جبران باسيل الذي ألقى كلمة مطولة تناول فيها أهمية المؤتمر، ورد على منتقديه في لبنان الذين يتهمونه بـ«تبذير» أموال الخزينة من خلال مؤتمرات مكلفة.
وقال إن المؤتمر «لم يكلف الدولة اللبنانية قرشاً واحداً». ولعب سفير لبنان في فرنسا رامي عدوان دوراً نشطاً في التحضير لنجاحه.
كلمة الختام في المؤتمر، الذي حضرته «الشرق الأوسط»، كانت للرئيس الحريري الذي تحدث كعادته باللغة العامية، وتناول المؤتمر وأهميته كـ«وسيلة تواصل بين اللبنانيين وبلدهم»، وأيد الوزير باسيل في رغبته تغيير اسم وزارة الخارجية والمغتربين لتصبح «وزارة الخارجية والمنتشرين اللبنانيين والتعاون الدولي». لكن الأساسي في كلمته تناول حاجة لبنان للإصلاح وتغيير «طرق العمل الحكومي» والحاجة إلى «قرارات شجاعة» من أجل ذلك، كما لمحاربة الفساد المستشري. وعاد الحريري لنتائج مؤتمر «سيدر»، ليؤكد أنه «لم يعد جائزاً التوجه إلى الخارج لطلب المساعدة» لأن على اللبنانيين أن يدبروا أمورهم بأنفسهم، إلا إذا كانت الأزمات أكبر مما يستطيع لبنان تحمله. وقال الحريري: «علينا العمل بعد الانتخابات بجدية واتخاذ قرارات شجاعة لتأمين فرص عمل والإصلاح هو الأساس لمؤتمر (سيدر)». وإذ شكر الرئيس ماكرون لما قام به لإنجاح مؤتمر «سيدر» الذي وفر للبنان وعوداً بقروض وهبات تزيد على 11 مليار دولار، وضع ذلك في إطار الصداقة التقليدية بين لبنان وفرنسا، وبين تلك التي بناها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري والرئيس الأسبق جاك شيراك. وكان لا بد في مناسبة كهذه أن يأتي الحريري على ملف الانتخابات الذي كان الوزير باسيل قد تناوله بالتفصيل وربطه الأول بالإصلاحات، وضرورة أن يضغط لبنانيو الانتشار على الحكومة، لتقوم بالإصلاحات اللازمة وإعادة وضع لبنان على سكة النمو. وقال مازحاً: «عليكم أن تهددونا بالإصلاح، وإذا لم أقم به فلا تمنحوني أصواتكم».
أما الوزير الفرنسي لومير، الذي نوه بالعلاقة التاريخية بين لبنان وفرنسا، وبما يمثله لبنان وما يقدمه اللبنانيون لبلدان الانتشار، بما فيها فرنسا، فقد شدد على الحاجة للإصلاح في لبنان، كما في فرنسا، واغتنم المناسبة ليعرض سياسة بلاده الاقتصادية وعزم الرئيس ماكرون والحكومة على تحرير الاقتصاد الفرنسي وجذب الاستثمارات واللحاق بركب الإبداع والاقتصاد الرقمي.
وفي كلمته الافتتاحية، حث الوزير باسيل، اللبنانيين، على التمسك بـ«لبنانيتهم» وفصل ما تقوم به وزارته من أجل إعادة اللحمة بين الوطن الأم ولبنانيي الانتشار، منوهاً بمشاركتهم في الانتخابات النيابية للمرة الأولى في تاريخ البلد وبقانون الجنسية. وقال باسيل: «نعاهدكم العمل حتى لا ينقصكم شيء من حقوقكم وأنتم أحرار ولا وصاية عليكم من أحد». وأشاد باسيل بالدور الريادي الذي يلعبه اللبنانيون في الخارج. وشدد على ضرورة أن يشارك «المنتشرون» في العملية الانتخابية، وأن يمارسوا حقهم الجديد الذي اعتبره «واجباً» سيخسرونه إن لم يستخدموه.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.