«أمل» و«المردة» يقاطعان مؤتمر المغتربين وموجة اعتراضات ضد باسيل

حمادة يتهم وزير الخارجية بوضع الدبلوماسية وأموال الدولة في خدمة لوائح حزبه

TT

«أمل» و«المردة» يقاطعان مؤتمر المغتربين وموجة اعتراضات ضد باسيل

انفجرت موجة الاعتراضات على مؤتمرات الطاقة الاغترابية في فترة الانتخابات، التي كان آخرها افتتاح مؤتمر الطاقة الاغترابية في أوروبا الذي عقد في باريس أمس، وقوبل بمقاطعة وزيري حركة «أمل» و«تيار المردة» له، فيما وصل الانتقاد لاقتراع المغتربين إلى حد دعوة وزير التربية مروان حمادة لتأجيل مشاركة المغتربين في الانتخابات «إلى حين تنفيذ آلية لانتخابهم تعمل بشكل شفاف».
وتحتل هذه الدعوة أعلى درجات التصعيد في وجه وزير الخارجية جبران باسيل، على ضوء الاعتراضات المتنامية والشكوك التي تعرب عنها أطراف سياسية تجاه عملية انتخاب المغتربين، وكان آخرها تنظيم مؤتمر الطاقة الاغترابية في فترة الانتخابات، الذي شارك فيه رئيس الحكومة سعد الحريري، وهي المشاركة التي دفعت حمادة للتأكيد أن «وجود الحريري فيها يخفف من الوطأة البرتقالية» فيه.
وجاءت مقاطعة مؤتمر الطاقة الاغترابية في باريس بعد اتهامات لوزارة الخارجية بتسريب قوائم الناخبين للماكينة الانتخابية لـ«التيار الوطني الحر»، الذي يترأسه وزير الخارجية، علماً بأن ملف انتخابات المغتربين احتل حيزاً واسعاً من النقاش في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء الأربعاء الماضي. ولم يبدد نفي باسيل لتلك الاتهامات وتوضحيها حجم الهجوم عليه.
وقال حمادة، وهو عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النيابية التي يرأسها النائب وليد جنبلاط، لـ«الشرق الأوسط»: «تاريخ انعقاد مؤتمر الطاقة الاغترابية في باريس يدخل أصلاً ضمن الفترة الانتخابية، ويجب أن يخضع لرقابة هيئة الإشراف على الانتخابات»، لافتاً إلى أنه «أثار هذه النقطة في جلسة الحكومة» الأسبوع الماضي.
وأضاف حمادة: «ما زلت معترضاً على استخدام شعار المغتربين الذين نحترمهم لأجل حملات انتخابية صغيرة لجمع المحازبين في أوروبا»، في إشارة إلى مناصري «التيار الوطني الحر»، وتابع: «المغتربون ومال الدولة والدبلوماسية في الخارج توضع في خدمة لوائح (التيار الوطني الحر)، وباتت مسخرة ومكرسة للعمل الانتخابي»، مشيراً إلى ضرورة أن يوضع هذا الواقع بعهدة «الهيئة العليا للانتخابات».
وقال حمادة: «الآلية برمتها بالنسبة لتصويت المغتربين وأقلام الاقتراع ومن يترأسها ويدقق فيها، كما مصير ممثلي المرشحين واللوائح، كل ذلك يطرح علامة استفهام كبرى على العملية برمتها»، مضيفاً: «قد يكون مجلس النواب مدعواً إلى اتخاذ قرار بالنسبة لهذه الآلية وعيوبها»، داعياً إلى «تعديل هذه الآلية أو تعليقها أو تأجيلها إلى حين تنفيذ آلية تعمل بشكل شفاف».
وأضاف: «هذه الدعوة يتشارك فيها أكثر من طرف، بعد الشكوك التي تحدثت عنها عدة أطراف ذكرت أن هناك استخداماً للأموال العامة في مؤتمرات لها عائدات انتخابية، كما أن هناك استغلالاً للنفوذ لأغراض انتخابية».
وأضيفت إلى إثارة الوزير ميشال فرعون، في جلسة الحكومة، مسألة تسريب معلومات شخصية تتعلق بالناخبين المغتربين، واتهام النائب سليمان فرنجية وزارة الخارجية بتعيين 50 قنصلاً فخرياً قبل الانتخابات، معتبراً أنهم يمثلون «50 مفتاحاً انتخابياً».
وانسحبت موجة الاعتراض على مؤتمر الطاقة الاغترابية للبنانيين في أوروبا، الذي افتتحه رئيس الحكومة سعد الحريري في باريس أمس، وقاطع وزيرا المال علي حسن خليل، والأشغال يوسف فنيانوس، المؤتمر الذي قالت مصادره لقناة LBC إنه «لم تتم دعوة الوزراء مسبقاً إلى المؤتمر، ومن رغب حضر».
وقال خليل عن أسباب مقاطعته: «نحن هنا لحدث يهم كل البلد، هو مؤتمر سيدر. أما معركتنا الانتخابية، فنخوضها في لبنان. وانتخابات المغتربين نديرها بطاقتنا، وليس بطاقات الدولة».
بدوره، قال الوزير فنيانوس: «نحن ضد المؤتمرات التي تستخدم لنفوذ أشخاص أو تيارات سياسية في الانتخابات، كما أننا ضد استغلال المغتربين في المعركة الانتخابية».
لكن باسيل ردّ على تلك الاتهامات قائلاً في كلمته في افتتاح مؤتمر الطاقة الاغترابية أمس: «يستكثر البعض علينا حتى أن نلتقي في مؤتمر نموله نحن من دون أي عبء على خزينة الدولة، ونحن نتخطى بلقائنا أي حزبية أو طائفية أو مناطقية».
ورد على منتقديه من غير أن يسميهم، متوجهاً إلى المغتربين بالقول: «أزعجهم اليوم أن لا وصاية على الانتشار، فأنتم أحرار بجامعتكم أو تجمعكم، ولا وصاية عليكم من وزارة أو مديرية، بل أنتم أوصياء على لبنانيتكم وعلى انتشاركم»، كما قال: «أزعجهم اليوم أن لا وصاية على صوتكم، فأنتم أحرار بالاقتراع في الخارج متحررين من عوامل وضغوط الداخل».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.