«حرب الوسائد»... رياضة جديدة في اليابان

الحكومة اليابانية دعمت مباريات حرب الوسائد لتعزيز السياحة (رويترز)
الحكومة اليابانية دعمت مباريات حرب الوسائد لتعزيز السياحة (رويترز)
TT

«حرب الوسائد»... رياضة جديدة في اليابان

الحكومة اليابانية دعمت مباريات حرب الوسائد لتعزيز السياحة (رويترز)
الحكومة اليابانية دعمت مباريات حرب الوسائد لتعزيز السياحة (رويترز)

يغوص كازوهيرو سوغيموتو بسرعة البرق، من أجل الاحتماء، في الوقت الذي تطير فيه وسادة في الهواء باتجاهه، إلا أنه يتمكن من الإفلات منها عن طريق مناورة تكتيكية، تم إتقانها بعد أسابيع من التمرين.
ويوضح طالب الاقتصاد، البالغ من العمر 23 عاما، وهو مقاتل وسائد متفانٍ: لقد أحضرنا جميع وسائدنا من المنزل وتدربنا في قاعة عامة».
ويتنافس سوغيموتو وأصدقاؤه من أوساكا تحت اسم، «فرقة الوسائد الجسورة».
وتقع ساحة القتال الخاصة بهم في قاعة رياضية في إيتو، وهو منتجع ساحلي يبعد نحو 90 دقيقة بالقطار عن جنوب طوكيو.
ومن جانبها، قامت الحكومة المحلية في إطار تنشيطها للسياحة، بتعزيز المواجهات باستخدام الوسائد الناعمة الهشة، بوصفها مباراة رياضية مكتملة الأركان، مع الاستعانة بحكام مدَرَبين، بالإضافة إلى مجموعتها الخاصة من القواعد التي تحكم اللعبة.
وفي الوقت الذي تابع فيه باقي أنحاء العالم الأسبوع الأخير لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية بكوريا الجنوبية المجاورة، في فبراير (شباط) الماضي، التقى نحو 500 شخص في إيتو، للمشاركة في المسابقة الوطنية
السادسة، للتنافس في إطار «حرب الوسائد».
وقد تجمعت فرق تضم ما يتراوح بين ستة وثمانية أفراد، على حصير بمساحة 5.‏4 x 2.‏7 أمتار، كما هو منصوص عليه في كتاب القواعد المؤلف من ست صفحات.
وعلى الرغم من درجات الحرارة المنخفضة في فصل الشتاء، يرتدي اللاعبون عباءات يوكاتا رقيقة، وهو ما يعتبر النسخة الصيفية القطنية من زي الكيمونو.
ويقف مقاتلو الوسائد، الذين يرتدون ملابس مناسبة للمعارك بنفس القدر، على حصائر ناعمة، مع ألحفة رقيقة هشة، انتظارا لبدء مبارياتهم، ثم يعلو صوت الحكم من خلال مكبر الصوت، ويقفز الجميع على أقدامهم.
ويقول سوغيموتو: «إن الأمر كله يتعلق بضرب الخصوم بالوسائد... عليك أن تفكر بطريقة تكتيكية. كما أن تحديد الموضع يعتبر مهما للغاية».
وتتألف كل مباراة من ثلاث جولات مدة كل منها دقيقتان، ويخرج اللاعب في حال تعرضه للضرب بالوسادة. ويستخدم اللاعبون من ذوي العقلية الدفاعية، الألحفة، لدرء الوسائد القادمة باتجاههم. ويفوز الفريق الذي يتمكن من الاحتفاظ بمعظم لاعبيه في اللعبة حتى النهاية. ويتم احتساب التعادل للفرق التي تتناوب على رمي الوسائد، وذلك على غرار ركلات الجزاء في كرة القدم.
ومن دون المزيد من الضجة، تبدأ الوسائد في الطيران بأنحاء القاعة، مصحوبة بصراخ المتفرجين والفرق الأخرى.
ويقول سوغيموتو: «لا يعتبر ذلك بالنسبة لنا مجرد وسيلة ممتعة للتقليل من التوتر. فإن الأمر يتعلق أيضا ببعض الحنين، لأنه يذكرنا بالأحداث الرياضية التي كانت لدينا في المدرسة».
وكانت فكرة المنافسة جاءت في البداية من جانب أحد الطلبة في مدرسة ثانوية محلية. ويقول تومونوبو إيدا، من إدارة السياحة المحلية: «وقد نما الاهتمام بالأمر بشكل مطرد منذ ذلك الحين».
وقد تم عن طريق القرعة اختيار 500 شخص، من أصل نحو 900 رجل وامرأة وطفل، تم تسجليهم للمشاركة في فعاليات الحدث لهذا العام.
وقد سافر البعض إلى إيتو من جزيرة هوكايدو الواقعة في شمال اليابان، فيما جاء آخرون من مدينة ناغازاكي جنوبي البلاد.
وبحسب ما جاء في بيان صحافي لبطولة عام 2018، فقد زاد عدد الفرق المتنافسة خلال السنوات الخمس الماضية، من 18 في عام 2013. إلى 48 فريقا عاما و9 من فرق الأطفال في الدورة السادسة.
وقد فاز في بطولة عام 2018 فريق من إقليم تشيبا المجاور لطوكيو، حيث فاز بالتتويج، إلى جانب فوزه بجائزة مالية تبلغ قيمتها 100 ألف ين (950 دولارا).
ولم يحالف «فرقة الوسائد الجسورة» الخاصة بسوغيموتو الحظ هذا العام. إلا أن مجرد مشاركتها تعني كل شيء بالنسبة لأعضاء فريقها، وذلك شأنه شأن الألعاب الأولمبية، وربما أكثر متعة.
ومن المقرر أن يعود أفراد الفريق للمشاركة في منافسات عام 2019.



عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» على مدار سبعة عقود

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
TT

عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» على مدار سبعة عقود

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

في حالة استثنائية تجسد عمق الالتزام والإرث الدبلوماسي، حملت أسرة بن زقر التجارية العريقة في مدينة جدة (غرب السعودية) شرف التمثيل القنصلي الفخري لجمهورية فنلندا عبر 3 أجيال متعاقبة، في مسيرة دبلوماسية وتجارية متواصلة امتدت لأكثر من 7 عقود.

بدأت القصة كما يرويها الحفيد سعيد بن زقر، في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية، عندما علم الجد سعيد بن زقر، بوجود جالية مسلمة في فنلندا تعاني من غياب مسجد يجمعهم، وهو ما دفعه إلى اتخاذ قرار بالسفر إلى هناك لبناء مسجد يخدم احتياجاتهم الدينية.

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

لكن الشيخ سعيد واجه بعض التحديات كما يقول الحفيد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، تتمثل في منع القانون الفنلندي تنفيذ المشروع في ذلك الوقت، وأضاف: «بعد تعثر بناء المسجد، تقدمت الجالية المسلمة هناك بطلب رسمي إلى الحكومة الفنلندية لتعيين الجد سعيد قنصلاً فخرياً يمثلهم، وهو ما تحقق لاحقاً بعد موافقة الحكومة السعودية على ذلك».

وفي وثيقة مؤرخة في السابع من شهر سبتمبر (أيلول) 1950، اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، تظهر موافقة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، على تعيين الشيخ سعيد بن زقر قنصلاً فخرياً لحكومة فنلندا في جدة.

وجاء في الوثيقة: «فلما كان حضرة صاحب الفخامة رئيس جمهورية فنلندا، قد عيّن بتفويض منه السيد سعيد بن زقر قنصلاً فخرياً لحكومة فنلندا في جدة، ولما كنا قد وافقنا على تعيينه بموجب ذلك التفويض، فأننا نبلغكم بإرادتنا هذه أن تتلقوا السيد سعيد بن زقر بالقبول والكرامة وتمكنوه من القيام بأعماله وتخوّلوه الحقوق المعتادة وتمنحوه المميزات المتعلقة بوظيفته».

وثيقة تعيين الجد سعيد بن زقر صادرة في عهد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه (الشرق الأوسط)

وأضاف الحفيد سعيد، القنصل الفخري الحالي لفنلندا: «أعتقد أن جدي كان من أوائل القناصل الفخريين في جدة، حيث استمر في أداء مهامه حتى عام 1984، لينتقل المنصب بعد ذلك إلى والدي، الذي شغله حتى عام 2014، قبل أن يتم تعييني خلفاً له قنصلاً فخرياً».

وفي إجابته عن سؤال حول آلية تعيين القنصل الفخري، وما إذا كانت العملية تُعد إرثاً عائلياً، أوضح بن زقر قائلاً: «عملية التعيين تخضع لإجراءات دقيقة ومتعددة، وغالباً ما تكون معقدة، يبدأ الأمر بمقابلة سفير الدولة المعنية، يعقبها زيارة للدولة نفسها وإجراء عدد من المقابلات، قبل أن تقرر وزارة الخارجية في ذلك البلد منح الموافقة النهائية».

الأب محمد بن زقر عُين قنصلاً فخرياً على مستوى مناطق المملكة باستثناء الرياض مقر السفارة (الشرق الأوسط)

وتابع قائلاً: «منصب القنصل الفخري هو تكليف قبل أن يكون تشريفاً، حيث تلجأ بعض الدول إلى تعيين قناصل فخريين بدلاً من افتتاح قنصلية رسمية، لتجنب الأعباء المالية، وعادةً ما يتحمل القنصل الفخري كل التكاليف المترتبة على أداء مهامه».

ووفقاً للأعراف الدبلوماسية فإن لقب القنصل الفخري، هو شخص من مواطني الدولة الموفد إليها، بحيث تكلفه الدولة الموفِدة التي لا توجد لديها تمثيل دبلوماسي بوظائف قنصلية إضافة إلى عمله الاعتيادي الذي عادة ما يكون متصلاً بالتجارة والاقتصاد.

يسعى الحفيد سعيد بن زقر إلى مواصلة إرث عائلته العريق في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين السعودية وفنلندا، والارتقاء بها إلى مستويات متقدمة في شتى المجالات. يقول بن زقر: «منذ تعييني في عام 2014، حرصت على تأسيس شركات وإيجاد فرص استثمارية في فنلندا، خصوصاً في مجالات تكنولوجيا الغذاء والوصفات الصناعية، إذ تتميز فنلندا بعقول هندسية من الطراز الأول، وهو ما يفتح آفاقاً واسعة للتعاون والابتكار».

الحفيد سعيد بن زقر القنصل الفخري الحالي لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

ويرى القنصل الفخري لجمهورية فنلندا أن هناك انفتاحاً سعودياً ملحوظاً على دول شمال أوروبا، ومن بينها فنلندا، وأوضح قائلاً: «تتركز الجهود بشكل كبير على شركات التعدين الفنلندية التي تُعد من بين الأكثر تقدماً في العالم، إلى جانب وجود فرص واعدة لم تُستغل بعدُ في مجالات صناعة السيارات، والطائرات، والصناعات الدفاعية».

وفي ختام حديثه، أشار سعيد بن زقر إلى أن القنصل الفخري لا يتمتع بجواز دبلوماسي أو حصانة دبلوماسية، وإنما تُمنح له بطاقة تحمل مسمى «قنصل فخري» صادرة عن وزارة الخارجية، وبيّن أن هذه البطاقة تهدف إلى تسهيل أداء مهامه بما يتوافق مع لوائح وزارة الخارجية والأنظمة المعتمدة للقناصل الفخريين بشكل رسمي.