8 قتلى وألف جريح في «مسيرات العودة 2» في قطاع غزة

إسرائيل قالت إنها كانت أكثر هدوءاً من المسيرة السابقة وسجّلت عدم حصول محاولات لاختراق السياج الحدودي

محتجون فلسطينيون يحرقون إطارات في مواجهة جنود الاحتلال على حدود قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
محتجون فلسطينيون يحرقون إطارات في مواجهة جنود الاحتلال على حدود قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

8 قتلى وألف جريح في «مسيرات العودة 2» في قطاع غزة

محتجون فلسطينيون يحرقون إطارات في مواجهة جنود الاحتلال على حدود قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
محتجون فلسطينيون يحرقون إطارات في مواجهة جنود الاحتلال على حدود قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

قُتل 8 فلسطينيين وأُصيب أكثر من ألف آخرين، أمس (الجمعة)، خلال مواجهات عنيفة اندلعت على الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة في الجمعة الثانية من «مسيرات العودة الكبرى» المقرر أن تتواصل حتى 15 مايو (أيار) المقبل الذي يصادف الذكرى السبعين للنكبة الفلسطينية. وأشارت إسرائيل إلى أن «مسيرات العودة» في نسختها الثانية أمس، كانت أكثر هدوءاً من النسخة الأولى التي سقط فيها 17 قتيلاً فلسطينياً، وسجّلت عدم حصول محاولات لاختراق السياج الحدودي الفاصل بين قطاع غزة والأراضي الإسرائيلية.
وقالت وزارة الصحة بغزة، إن أحد القتلى الذين سقطوا أمس، يدعى ثائر رابعة (30 عاماً)، وهو من سكان بلدة جباليا شمال قطاع غزة، وقد قضى متأثراً بجروح خطيرة أُصيب بها قبل نحو أسبوع، بينما قُتل 5 آخرون خلال مواجهات مباشرة على حدود القطاع، وهم أسامة قديح (38 عاماً) شرق خان يونس، ومجدي شبات (22 عاماً) من بيت حانون، وحسين ماضي (16 عاماً) من سكان مدينة غزة، وإبراهيم العر (19 عاماً) وصدقي أبو عطيوي (45 عاماً) وكلاهما من مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة. أما القتيل السابع فهو محمد صالح (33 عاماً) من مدينة رفح، وقد توفي متأثراً بجروح أُصيب بها في مواجهات شرق رفح، أمس. وليلا اعلن مقتل علاء الدين الزاملي (17 عاماً) من مدينة رفح.
وأشارت الوزارة إلى أن عدد الإصابات وصل إلى أكثر من ألف مواطن فلسطيني، منهم 40 طفلاً و8 سيدات، موضحة أن من بين الجرحى أكثر من 20 في حال خطيرة.
وبذلك يرتفع عدد القتلى منذ بدء اندلاع المواجهات يوم الجمعة الماضي إلى 28، من بينهم اثنان تحتجز قوات الاحتلال الإسرائيلي جثمانيهما. كما أصيب أكثر من 2800 فلسطيني بجروح متفاوتة في مسيرتَي العودة الأولى والثانية.
وذكرت وزارة الصحة في غزة أن الاحتلال تعمّد في أكثر من مرة استهداف الطواقم الطبية على الحدود بإطلاق النار تجاهها وإلقاء قنابل الغاز، مشيرة إلى إصابة مسعف برصاصة شرق مدينة رفح.
وأصيب 3 صحافيين بجروح متفاوتة خلال تغطيتهم للأحداث، بينهم المصوّر ياسر مرتجى الذي أُصيب برصاصتين في منطقة البطن شرق مدينة خان يونس.
وشارك في المظاهرات التي أطلق عليها بعض الناشطين اسم «جمعة الكاوتشوك» (الإطارات) على طول الحدود من رفح جنوباً إلى بيت حانون شمالاً، نحو 25 ألف فلسطيني من بينهم أطفال ونساء، بينما أقدم محتجون على إشعال آلاف إطارات السيارات في مناطق المواجهة الخمس على الحدود، بهدف حجب الرؤية عن الجنود الإسرائيليين المتمركزين على سواتر ترابية لقنص المتظاهرين الذين يقتربون من السياج الأمني الفاصل بين القطاع وإسرائيل.
وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي إنه لم تسجَّل أي محاولات لاختراق الحدود لكن كانت هناك محاولات عدة للإضرار بالسياج الأمني من قبل بعض المتظاهرين الذين ألقوا زجاجات حارقة وقنابل محلية الصنع. وأشار إلى أن قوات الجيش منعت عمليات تسلل واستخدمت وسائل مختلفة لتفريق المتظاهرين من بينها مدافع الماء والمروحيات الضخمة لإزالة الدخان الناجم عن إشعال الإطارات، إلى جانب إطلاق النار وفق التعليمات التي عُممت على الجنود.
واعتبر الناطق أن حدة المواجهات، أمس، كانت أقل بكثير مما كانت عليه الجمعة السابقة، محمِّلاً حركة «حماس» المسؤولية عن كل ما يجري على الحدود مع القطاع.
وجال عدد من قيادات حركة «حماس» منهم يحيى السنوار، قائد الحركة في غزة، على «خيام العودة» على الحدود، أمس، وردد في كلمة له شعار الرئيس الراحل ياسر عرفات «على القدس رايحين شهداء بالملايين»، وسط ترديد شعارات مماثلة من عشرات الشبان المتظاهرين. وأضاف السنوار: «غزة حرة، وستعيد القضية الفلسطينية لمربعها الأول»، معتبراً أن مسيرات العودة حالة وطنية من المستوى الأول، ويجب الحفاظ عليها بأعلى درجة ممكنة».
ونظمت الفصائل الفلسطينية في خيام العودة حفلاً تأبينياً للضحايا الذين سقطوا يوم الجمعة الماضي، مؤكدة استمرار المسيرات السلمية على الحدود حتى تحقيق أهدافها في تأكيد حق الفلسطينيين بالعودة ورفض كل محاولات فرض أي حلول سياسية هدفها تصفية القضية الفلسطينية، إلى جانب رفض كل أشكال التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
وفي إسرائيل، أعلن جيش الاحتلال أنه يردّ «باعتدال وحزم» على المسيرات الفلسطينية، فمن جهة سيسعى إلى تخفيض عدد القتلى بتقليل حالات استخدام الرصاص الحي، ومن جهة ثانية سيمنع بالقوة أي محاولة لتجاوز الشريط الحدودي بأي ثمن. وأحضرت طواقم من وسائل الإعلام الأجنبية لتغطي الحدث من وجهة نظرها. وأحضرت خراطيم مياه ومروحيات هوائية لمنع الدخان الكثيف عن جنودها.
ودفعت قوات الاحتلال، منذ ساعات الفجر، بتعزيزاتٍ عسكرية ضخمة، وبمزيد من الدبابات والمدرعات وجنود القناصة على طول السياج الحدودي في المناطق الشرقية والشمالية لقطاع غزة، لمهاجمة الفعاليات السلمية.
وأكدت مصادر إسرائيلية، وصول الدخان الكثيف المتصاعد من الإطارات المطاطية المشتعلة إلى البلدات الإسرائيلية المحيطة بقطاع غزة. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: «لن نسمح بإلحاق الضرر بالبنية التحتية الأمنية، وسنتصرف ضد مثيري الشغب العنيفين». وأعلن الجيش عن «غلاف غزة» منطقة عسكرية مغلقة، ووجه إرشادات إلى سكان البلدات والتعاونيات لاتباعها في حال تصاعدت الأحداث. ونشر جيش الاحتلال مراوح ضخمة قرب السياج الفاصل لمنع دخان الإطارات من الوصول إليهم ومحاولة تغيير اتجاه الرياح، إلى جانب إطلاقه عدة طائرات حربية في الأجواء لإطلاق قنابل الغاز على المدنيين السلميين.
وكان وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، قد جدد تهديداته بقمع مسيرة العودة، وباستهداف المتظاهرين الفلسطينيين على حدود قطاع غزة. وقال إن الحكومة الإسرائيلية وضعت قواعد أساسية وواضحة في مواجهة مسيرة العودة ولا تعتزم تغييرها، مهدداً كل من يقترب من الحدود بأنه يعرّض حياته للخطر. وأشار إلى أن جيش الاحتلال مستعدّ لأي سيناريو محتمَل، مهدداً بأنه في حال حاول الفلسطينيون إثارة الاستفزازات والإضرار بـ«سيادة إسرائيل»، أو إذا حاولوا انتهاك «أمن إسرائيل»، ستكون هناك استجابة قوية وقوية جداً وحازمة من جانب الجيش.
ووزعت وزارة الخارجية الأميركية بياناً لممثل الولايات المتحدة في مفاوضات السلام، جيسون غرينبلات، دعا فيه الفلسطينيين إلى التهدئة وعدم الاقتراب من السياج الفاصل بين قطاع غزة والأراضي الإسرائيلية، في وقت قالت الناطقة باسم مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، ليز ثروسيل، إن لجوء إسرائيل إلى استخدام الأسلحة النارية وما يؤديه ذلك إلى الموت يشكل قتلاً عمداً، وهو انتهاك جسيم لاتفاقية جنيف الرابعة. وأعربت ثروسيل، في بيان، عن قلقها تجاه احتمال وقوع المزيد من أعمال العنف خلال مظاهرات أمس والأسابيع المقبلة، في ضوء عمليات القتل المؤسفة التي وقعت حتى الآن، خلال المسيرات في غزة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.