قمع مسيرات في القدس والضفة وأعنف المواجهات في الخليل

جنود الاحتلال في مواجهة المحتجين في مدينة الخليل أمس (إ.ب.أ)
جنود الاحتلال في مواجهة المحتجين في مدينة الخليل أمس (إ.ب.أ)
TT

قمع مسيرات في القدس والضفة وأعنف المواجهات في الخليل

جنود الاحتلال في مواجهة المحتجين في مدينة الخليل أمس (إ.ب.أ)
جنود الاحتلال في مواجهة المحتجين في مدينة الخليل أمس (إ.ب.أ)

إلى جانب مسيرة العودة في قطاع غزة، عمت المسيرات والمظاهرات، مختلف أنحاء القدس والضفة الغربية، في جمعة الغضب الـ17 تنديداً بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب القدس عاصمة لإسرائيل، واعتزامه نقل سفارة بلاده إليها، والقرارات الأميركية الأخرى الخاصة بوقف التمويل عن «الأونروا» وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، واستمراراً لفعاليات ذكرى «يوم الأرض» الـ42 و«مسيرات العودة». وقد أصيب عشرات المواطنين بالرصاص المعدني، إلى جانب العشرات بحالات اختناق نتيجة استنشاقهم الغاز المسيل للدموع، خلال المواجهات التي اندلعت في عدد من مناطق التماس.
وقد تصدرت المشهد، أمس، أحداث الخليل بشكل خاص، حيث بدأ النهار بقرار قمعي من سلطات الاحتلال يمنع رفع الأذان لصلاة الجمعة، من على مئذنة الحرم الإبراهيمي، حتى لا ينزعج المصلون اليهود في عيد الفصح العبري. وقد ندد الشيخ يوسف ادعيس وزير الأوقاف والشؤون الدينية بالقرار واعتبره سابقة خطيرة وانتهاكاً لحرية العبادة للمسلمين في فلسطين. وأكد ادعيس على أن تواصل الانتهاكات الاحتلالية في المسجد الإبراهيمي وجواره «يدل دلالة واضحة على مسلسل السيطرة الكاملة التي يحاول هذا الاحتلال وقطعان مستوطنيه ممارستها على المسجد والأماكن الدينية الإسلامية في مدينة الخليل».
وانطلقت مسيرات عديدة في المدينة عملت قوات الاحتلال على قمعها بالقوة. فأصيب عدد من المواطنين بالاختناق، خصوصاً في منطقة باب الزاوية وسط الخليل، حيث اعتلت قوات الاحتلال أسطح عدد من المنازل والمحال التجارية، وأطلقت القنابل الدخانية والغازية والصوتية صوب المواطنين، كما اعتدت على طواقم الصحافيين.
وكانت قوات الاحتلال قد دفعت بقواتها إلى محيط مسجد الروضة، حيث أقيمت صلاة الجمعة هناك، وكذلك في منطقة باب الزاوية وسط مدينة الخليل. وقال شاهد عيان إن مجموعة من الشبان رشقت الحاجز العسكري الإسرائيلي المقام على مدخل شارع الشلالة بالحجارة، فيما رد الجنود بإطلاق الرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع، ما أدى لإصابة مواطنين على الأقل بحالات اختناق.
من جهة ثانية، استولى مستوطنون، أمس الجمعة، على خزانات مياه تابعة لعائلة قفيشة، واعتدوا بالضرب على أفرادها. وذكرت مصادر محلية أن المستوطنين استولوا على خزانات يمتلكها الشقيقان عبد الغني وطارق قفيشة، ويقع منزلهما في شارع السهلة الملاصق للحرم الإبراهيمي الشريف.
وفي محافظة رام الله والبيرة، أصيب ستة مواطنين بالرصاص المطاطي، إضافة إلى عدد آخر بحالات الاختناق، نتيجة المواجهات التي اندلعت عند المدخل الشمالي لمدينة البيرة. وأطلق جيش الاحتلال الرصاص المعدني والغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت تجاه الشبان الذين رشقوهم بالحجارة والزجاجات الفارغة. وأشعل الشبان الغاضبون الإطارات المطاطية، في حين انتشر عدد كبير من جنود الاحتلال في محيط مستوطنة «بيت إيل» المقامة على أراضي المواطنين في البيرة. وأفادت مصادر محلية، أن قوات الاحتلال أعلنت محيط المكان منطقة عسكرية مغلقة.
وفي قرية المزرعة الغربية شمالي غرب مدينة رام الله، قمعت قوات الاحتلال مسيرة سلمية لأهالي القرية، تنديداً بقرار سلطات الاحتلال الاستيلاء على أراض لصالح شق طريق استيطاني يربط المستوطنات المقامة على أراضي قرى شمال غربي رام الله في تجمع استيطاني أكبر مما هو حاصل حالياً. وأطلقت قوات الاحتلال الرصاص المعدني والغاز المسيل للدموع بكثافة تجاه المواطنين، الذين رشقوا جنود الاحتلال بالحجارة، ما أدى إلى إصابة عدد منهم بحالات اختناق. وفي محافظة نابلس، أصيب مواطن بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وآخرون بالاختناق خلال مواجهات مع قوات الاحتلال اندلعت في قريتي بيتا وكفر قليل جنوب نابلس. وأصيب مواطن برصاصة «مطاطية» في الصدر و5 آخرون بالاختناق في قرية بيتا، و3 بالاختناق في قرية كفر قليل.
وفي محافظة بيت لحم، اعتقلت قوات الاحتلال ثلاثة فتية خلال مواجهات على المدخل الشمالي للمدينة. وفي محافظة قلقيلية، قمعت قوات الاحتلال المسيرة السلمية الأسبوعية، التي انطلقت من قرية كفر قدوم شرق محافظة قلقيلية، تنديداً بإعلان ترمب الخاص بالقدس، وللمطالبة بفتح الشارع الرئيسي للقرية، والمغلق بقرار من الاحتلال منذ العام 15 عاماً.
وفي القدس، اقتحمت مخابرات الاحتلال قاعة السلام في قرية العيسوية، ومنعت حفلاً لتكريم أهالي الشهداء والجرحى في القرية، بقرار من قائد الشرطة بالمدينة. وأفاد شهود بأن قوات ومخابرات الاحتلال داهمت قرية العيسوية بعد محاصرتها، واحتجزت المتواجدين بداخلها تزامناً مع حفل لتكريم أمهات الشهداء والجرحى دعت إليه «جمعية إسعاف وطوارئ العيسوية الخيرية»، وسلّمت أمين سر حركة «فتح» في القرية ياسر درويش بلاغا للتحقيق معه في مركز شرطة «المسكوبية». وحسب القرار فإن الحفل «بتنظيم ورعاية وتمويل منظمة فتح باشتراك ناشطي من المنظمة ومنظمات إرهابية أخرى». واعتبر قائد شرطة القدس أن «فتح» هي حركة إرهابية محظور عليها ممارسة النشاط السياسي في القدس.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.