«هجوم مضاد» يمدد البقاء الأميركي في سوريا 6 أشهر

خياران أمام التحالف الدولي لمحاربة «داعش» بعد انتهاء المهلة

عربة عسكرية أميركية قرب منبج شمال سوريا (أ. ب)
عربة عسكرية أميركية قرب منبج شمال سوريا (أ. ب)
TT

«هجوم مضاد» يمدد البقاء الأميركي في سوريا 6 أشهر

عربة عسكرية أميركية قرب منبج شمال سوريا (أ. ب)
عربة عسكرية أميركية قرب منبج شمال سوريا (أ. ب)

أعطى الرئيس الأميركي دونالد ترمب مهلة ستة أشهر قبل الانتخابات النصفية في الكونغرس لتحقيق «الانتصار الكامل» على تنظيم داعش شرق سوريا، وبدء الانسحاب التدرجي القوات الأميركية، في وقت يسعى جميع قادة المؤسسات الأميركية وحلفاء واشنطن في أوروبا والشرق الأوسط لتوفير حوافز للرئيس ترمب كي يعود إلى استراتيجية وزير الخارجية ريكس تيلرسون للبقاء «إلى أجل غير مسمي» لتحقيق جملة أهداف، بينها «عدم تسليم سوريا الى روسيا وايران» وعدم «سيناريو العراق» 2011.
وأكد مسؤولون غربيون لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن إرسال وزارة الدفاع (بنتاغون) قوات أميركية جديدة إلى شرق الفرات كان بموجب قرار من ترمب صدر نهاية العام، وضمن عمليات التبديل الدوري بين القوات التي يبلغ عددها نحو ألفين جندي ضمن التحالف الدولي لمحاربة «داعش»، مشيرين إلى أن وصول مئات الجنود من التحالف إلى منبج لم يكن ضمن إرسال قوات جديدة، بل انتقال الجنود من شرق الفرات إلى شمال شرقي حلب لـ«تأكيد الرغبة بحماية الحلفاء وإرسال إشارة إلى أنقرة» التي تريد إرسال قواتها بعد عفرين وتل رفعت إلى منبج والضغط للوصول إلى اتفاق مع واشنطن يتضمن إخراج «وحدات حماية الشعب» الكردية من منبج إلى شرق الفرات.
وبحسب هؤلاء المسؤولين الغربيين الذين اطلعوا على نتائج اجتماع مجلس الأمن القومي الأميركي برئاسة ترمب الثلاثاء، فإن الرئيس الأميركي كرر أكثر من مرة رغبته في بدء سحب القوات الأميركية «في أسرع وقت ممكن» باعتبار أن مهمة القضاء على «داعش» شارفت على الانتهاء. وأكد المسؤولون ما نُشر في صحيفة «واشنطن بوست» ووسائل إعلام أميركية، من أن ترمب كرر مرات عدة أن أميركا دفعت سبعة تريليونات دولار أميركي خلال 17 سنة في الشرق الأوسط من دون عائدات، وأن الوقت حان كي يساهم الحلفاء الغربيون وفي المنطقة في تحمل كلفة الجهود العسكرية الأميركية والقيام بواجباتهم لـ«ملء الفراغ» بعد الانسحاب الأميركي.
كما أشار ترمب، في الاجتماع، إلى أنه يريد الالتزام بوعوده الانتخابية بالتركيز على مصالح أميركية وسحب قواته من الشرق الأوسط. وبدا أن ترمب يريد حصول ذلك قبل الانتخابات النصفية في الكونغرس في بداية نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، حيث تتم إعادة انتخاب أعضاء مجلس النواب (يضم 435 مقعداً)، وثلث أعضاء مجلس الشيوخ (يضم 100 مقعد).
وقال مسؤول غربي لـ«الشرق الأوسط»، إن قادة وزارتي الدفاع والخارجية و«وكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي إيه) ومستشار مجلس القومي «شنوا هجوماً مضاداً». كما ذكّر حاضرون في الاجتماع الرئيس ترمب بـ«احتمال» تكرار الخطأ ذاته الذي قام به الرئيس السابق باراك أوباما في 2011 عندما قرر سحب عشرة آلاف جندي أميركي من غرب العراق؛ ما أدى إلى عودة تنظيم «القاعدة» بثوب جديد عبر «داعش». وعلى عكس قول ترمب، أن «(داعش) شارف على الهزيمة»، أشار مسؤولون أميركيون إلى أن «داعش» لا يزال يسيطر على جيبين شرق سوريا بنحو ثلاثة آلاف عنصر: الأول، وادي الفرات. الآخر، قرب حدود العراق.
وفي الاجتماع شرح مسؤولون «الأبعاد الاستراتيجية للقرار الأميركي»، لافتين إلى أنه جرى التذكير أيضا بالاستراتيجية التي أعلنها وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون في بداية العام الحالي «التي أقرت بعد أشهر من المشاورات داخل المؤسسات الأميركية قبل أن يقرها ترمب نفسه». وإذ بدا أن ترمب «لم يعد معجباً» باستراتيجية تيلرسون الذي سيحل محله مدير «سي آي إيه» مايك بومبيو بعد موافقة الكونغرس، جرت الإشارة في اللقاء إلى أن «أهداف الاستراتيجية لا تزال صالحة» وتشمل خمسة أهداف: منع عودة «داعش»، تقليص نفوذ إيران بالسيطرة على منطقة على الطريق البري بين إيران والعراق وسوريا و«حزب الله»، الضغط مع روسيا لتحقيق انتقال سياسي، عودة اللاجئين من دول الجوار الحليفة لأميركا، منع استخدام السلاح الكيماوي.
وقيل في الاجتماع، إن الانسحاب الأميركي «يعني تسليم سوريا إلى روسيا، وفقدان أي ورقة ضغط، والتسليم بالوجود الإيراني في سوريا والعراق»، إضافة إلى قيام التحالف الثلاثي الروسي - التركي - الإيراني بـ«إقرار ترتيبات لملء الفراغ» وانعكاس ذلك على وجود القوات الأميركية في العراق.
عليه، قال المسؤول الغربي، أمس، إن الموقف الأميركي بعد اجتماع الثلاثاء يقع حالياً بين احتمالين: الأول، تمسك ترمب بموقفه بدفع الجيش الأميركي والتحالف لتحقيق هزيمة «داعش» في شكل كامل في آخر جيبين له ثم إعلان بدء الانسحاب عشية الانتخابات النصفية بداية نوفمبر المقبل مع إعطاء مهلة ستة أشهر للانسحاب التدرجي. الآخر، نجاح المسؤولين الكبار في الإدارة الأميركية، خصوصاً بعد تسلم جون بولتون منصبه مستشاراً للأمن القومي خلفاً لهاربرت ماكماستر في 9 الشهر الحالي، وتسلم بومبيو وزارة الخارجية، بإقناع ترمب بالبقاء شرق سوريا والتواصل مع الحلفاء في أوروبا والمنطقة لتوفير الدعم العسكري والمالي للمهمة الأميركية. وقال دبلوماسي غربي: «هناك احتمال أن تزيد أميركا جهودها، خصوصاً أن مسؤولين أميركيين يعتقدون أن تحقيق الأهداف الاستراتيجية الخمسة المعلنة يتطلب أضعاف عدد الجنود الأميركيين ومن الحلفاء»؛ الأمر الذي أعاد إلى طاولة البحث زيادة دعم فصائل عربية واحتمال إرسال قوات من الدول الغربية والعربية المنضوية في التحالف ضد «داعش» إلى شرق الفرات.
هنا، أثار خبير مقرب من واشنطن فكرة ربط أميركا والتحالف بين ثلاثة جيوب في ثلاث زوايا تقع تحت النفوذ الأميركي: شرق نهر الفرات، حيث تقع قواعد عسكرية أميركية و«قوات سوريا الديمقراطية» في زاوية الحدود السورية - العراقية - التركية، معسكر التنف في زاوية الحدود السورية - العراقية - الأردنية، هدنة الجنوب في زاوية الحدود السورية - الأردنية - الإسرائيلية.
في موازاة ذلك، بدأت ملامح اتصالات للحصول على دعم مالي ولوجيستي لتقوية الإدارات المحلية وعوامل الاستقرار وإعادة البناء شرق سوريا، إضافة إلى البحث عن وسائل لاستثمار الغاز والنفط من شرق الفرات، خصوصاً أن خبراء يعتقدون أن مناطق حلفاء واشنطن تضم 90 في المائة من النفط السوري البالغ 360 ألف برميل يومياً و45 في المائة من الغاز ومحاصيل زراعية وسدود مائية وكهرباء؛ ما يعني احتمال «توفير إمكانية لاعتمادها اقتصادياً على مصادرها الخاصة».
ويتوقع، بحسب المسؤولين، أن تشهد المرحلة المقبلة اتصالات داخل الإدارة الأميركية من جهة وبين واشنطن وحلفائها الغربيين وفي المنطقة من جهة أخرى؛ لمعرفة اتجاه الوجود الأميركي في سوريا بين «بدء الانسحاب بعد ستة أشهر» و«البقاء واحتمال تعزيز الوجود».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.