Le Voyage Dans La Lune
(1902)
رحلة {تأسيسية} إلى القمر
حقق جورج ميليَس، قبل هذا الفيلم بعامين، فيلماً آخر بالعنوان ذاته من ثلاث دقائق احتوى على شخصية عالم فضاء يدرس القمر الذي يظهر له قريباً ثم يبدأ بالتهام محتويات مشغله بما في ذلك المنظار الفضائي ذاته. على طريقة أفلام ميليَس قبل وبعد ذلك الفيلم، همّ المخرج موجود في ابتكار الخدع البصرية. ظهور واختفاء لحظوي مفاجئ. الانتقال من شكل إلى آخر وغرائبيات تدعم إخراجها حقيقة أن ميليَس كان في الأصل نشطاً في الخدع المسرحية.
لكن «رحلة إلى القمر» الذي نعرضه يختلف في حكايته عن ذلك الفيلم السابق الذي خلا من رحلة فعلية صوب القمر. هذا من حيث إننا نرى هيكلاً قصصياً شبه كامل يبدأ بمحفل لعلماء ومنجّمي فضاء مجتمعين فيه. عشرات من الرجال يتناقشون ويهرعون هنا وهناك والعالم الذي يدعو من وراء مكتبه إلى القيام برحلة فضائية إلى القمر يواجه معارضين؛ ما يذكّرنا بمطلع حكاية آرثر كونان دويل «العالم المفقود» [The Lost World التي تم نقلها إلى الشاشة مرات عدة بدءاً من سنة 1925 - ألفصل الثالث]. بما أن رواية دويل كُتبت بعد تسع سنوات من هذا الفيلم، فإن لا مجال لأن يكون ميليَس تأثر بها. لكن ميليَس ربما يكون استوحى فيلمه من رواية جول فيرن «من الأرض إلى القمر» التي نشرت سنة 1865.
بعد المناقشات الحامية يبدأ العمل على «صاروخ» فنرى العمال منتشرين يضربون بمطارقهم أنحاء مختلفة. بعد ذلك مشهد من الصعب فهم مرامه؛ فهو يصوّر العالم ورفاقه وهم ينظرون إلى مدينة (باريس؟) وقد صعد الدخان من مداخنها الصناعية ثم ينتشر هذا الدخان ليغطي سماء المدينة. إذا كانت هذه رسالة بيئية فلا موقع لها هنا لأنها تبقى منفصلة حتى ولو رغب المخرج في تقديم سبب لسعي العالم الحثيث زيارة القمر.
تدفع البنات الصاروخ براكبيه الستة إلى داخل فوهة مدفع، ويقوم رجل بإشعال الفتيل وها هو القمر بعينين واسعتين متعجبتين قبل أن ينغرس الصاروخ في عينه اليسرى (اللقطة الشهيرة التي كوّنت شعار الفيلم المصوّر).
يحمل العلماء الستة مظلات، ويرتدون معاطف، ويتطلعون إلى الأرض البعيدة. ينامون ثم يستيقظون على الثلج المنهمر وبعده يزورهم سكان القمر الذين يشبهون العفاريت (العفريت شخصية دائمة في أفلام ميليَس تقوم بأفعال بهلوانية وتظهر وتختفي مخلفة دخاناً). وهؤلاء يقودون المجموعة إلى ملك القمر. العالم سريعاً ما يقضي عليه، ثم يركض وأصحابه إلى الصاروخ ويستقلونه باستثناء العالم (قام به المخرج نفسه) الذي يتعلق بحبل متدلٍ منه. يسقط الصاروخ في البحر ثم يمرر المخرج مشهداً مرسوماً (أنيميشن) لسفينة عابرة نفهم أنه يتم إنقاذ الآدميين منها قبل ورود المشهد الأخير، حيث تحتفي فرنسا بعودتهم.
الفكرة نيّـرة لفيلم من ذلك الزمن وطموحة جداً. لكن شغل ميليَس متجذر في أسلوب سينما العجائب التي يمارسها بصرياً على نحو ما تقدم. لذلك؛ لا ترى جانباً فنياً يصاحب ما يعرضه من حيل بصرية. على ذلك؛ لا يؤسس فقط لسينما الخيال العلمي كنوع، بل يتجاوز كل من سبقه أو صاحبه زمنياً من مخرجين (بينهم آخرون كانوا مثله فاعلين في سينما الخدع مثل سيغوندو د شومو وفرناند زيكا) بحجم طموحه وفاعليته.