الرباط تطالب «بوليساريو» بانسحاب «فوري وكامل» من المنطقة الأمنية

بوريطة يقوم بجولة عاجلة في باريس وواشنطن ونيويورك... وهلال يتقدم بشكوى ويحذر

جانب من مدينة الرباط المغربية (أ.ب)
جانب من مدينة الرباط المغربية (أ.ب)
TT

الرباط تطالب «بوليساريو» بانسحاب «فوري وكامل» من المنطقة الأمنية

جانب من مدينة الرباط المغربية (أ.ب)
جانب من مدينة الرباط المغربية (أ.ب)

طالبت السلطات المغربية مجلس الأمن، في رسالة حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، بإصدار أوامر لعناصر «البوليساريو» بالانسحاب «الفوري والكامل» من المنطقة الواقعة شرق المنظومة الأمنية في الصحراء، محذرة من أن الرباط لن تسمح بنقل منشآت تابعة للجبهة الانفصالية من مخيمات تندوف في الجزائر إلى هذه المنطقة، لأن ذلك «غير قانوني» بموجب اتفاقات وقف النار بين الطرفين، و«يعد مبرراً للحرب»، بينما طلب الأمين العام للمنظمة الدولية، أنطونيو غوتيريش، من المجلس التمديد 12 شهراً إضافية لبعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء «مينورسو»، التي ينتهي تفويضها الراهن في 30 أبريل (نيسان) الحالي.
وبينما يتوقع أن يصل ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون الدولي المغربي، إلى نيويورك خلال الساعات القليلة المقبلة، في إطار جولة عاجلة قادته إلى باريس وواشنطن ثم نيويورك، كتب المندوب المغربي الدائم لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، نيابة عن حكومته، إلى رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي، المندوب البيروفي غوستافو ميزا - كوادرو، أن الرباط اتخذت عشية بدء تطبيق وقف النار في سبتمبر (أيلول) 1991، وتحت إشراف الأمم المتحدة، إجراءات من أجل «تخفيف التوترات بين المغرب والجزائر، وتجنب أي استئناف للأعمال العدائية».
وذكّر بأن «الوجود الوحيد في المنطقة الواقعة شرق المنظومة الأمنية في الصحراء المغربية كان، وسيبقى، لمينورسو من أجل تثبيت وقف النار»، وأضاف أنه خلال الأشهر الماضية «صعّدت الأطراف الأخرى انتهاكاتها لوقف النار والاتفاقات الأمنية السارية، بقيامها بأعمال استفزازية خطيرة تهدد جدياً السلام والاستقرار والأمن في المنطقة»، لافتاً بصورة خاصة إلى «استمرار الوجود غير القانوني لعناصر مسلحة من البوليساريو في منطقة الكركرات العازلة، في انتهاك فاضح للاتفاق العسكري رقم واحد».
وأشار إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، طالب أكثر من مرة بـ«الاحترام التام للستاتيكو وحرية الحركة في منطقة الكركرات العازلة»، فضلاً عن دعوته «البوليساريو» إلى الانسحاب من هذه المنطقة «بشكل كامل، ومن دون شروط».
واتهم جبهة «البوليساريو» بأنها «عادت قبل ثلاثة أيام إلى خروقاتها للاتفاق العسكري رقم واحد في منطقة أخرى من الصحراء المغربية، في حالة المحبس»، موضحاً أن «كثيراً من عناصر البوليساريو المسلحين دخلوا إلى هذه المنطقة على متن مركبات عسكرية، ونصبوا الخيام، وحفروا خندقاً، وأقاموا منشآت باستخدام أكياس الرمل».
وقال إن «الأكثر خطورة أن البوليساريو تستعد لنقل مقر منشآتها الإدارية والعسكرية من مخيمات تندوف في الجزائر، حيث كانت دائماً منذ بدء النزاع عام 1975، إلى منطقة شرق المنظومة الأمنية في الصحراء المغربية، تضم محليات بير الحلو وتفاريتي»، وحذر من أن «هذا التصعيد الجديد، البالغ الخطورة، له غاية مرفوضة وغير قانونية لتغيير الواقع على الأرض، وتغيير الستاتيكو في الصحراء المغربية»، مؤكداً أن «المغرب لن يسمح بذلك أبداً».
وأضاف أن «إعادة تموضع أي مرفق لبوليساريو، سواء كان مدنياً أو عسكرياً أو إداريا أو كائناً ما كان نوعه أو طبيعته، من مخيمات تندوف في الجزائر إلى شرق المنظومة الأمنية في الصحراء المغربية، يعد مبرراً للحرب»، ونبه إلى أن الأطراف الأخرى «فسرت تقاعس المجتمع الدولي، وتعامله السلبي مع هذه الانتهاكات، كتشجيع على الاستمرار في تحديهم»، مطالباً مجلس الأمن بأن «يستخدم سلطته لفرض الامتثال لوقف النار والاتفاقات العسكرية، وأن يأمر البوليساريو بالانسحاب الفوري وغير المشروط والكامل من المنطقة الواقعة شرق المنظومة الأمنية في الصحراء المغربية».
وأضاف أن المملكة المغربية التي أظهرت حتى الآن ضبط النفس «بطلب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ومبعوثه الشخصي هورست كولر» لن تقف مكتوفة بسبب تدهور الوضع على الأرض، وحمل الأطراف الأخرى «المسؤولية الكاملة عن العواقب التي ستنتج عن أفعالها».

تقرير غوتيريش

وحصلت «الشرق الأوسط» أيضاً على التقرير الأخير للأمين العام الذي ذكر باقتراحه «إعادة إطلاق عملية التفاوض بروحية جديدة ودينامية جديدة تعكس توجه مجلس الأمن بهدف التوصل إلى حل عادل ودائم ومقبول لطرفي النزاع في الصحراء الغربية»، وأشار إلى توجيهات مجلس الأمن من أجل «تسهيل المفاوضات المباشرة بين الطرفين، على أن تعقد من دون شروط مسبقة وبحسن نية، مع مراعاة الجهود التي بذلت منذ عام 2006»، داعياً الطرفين إلى «إبداء الإرادة السياسية، والعمل في جو يفضي إلى حوار ومناقشة لمقترحات كل طرف من قبل الطرف الآخر، تحضيراً لجولة خامسة من المفاوضات الرسمية».
وحض الدولتين المجاورتين الجزائر وموريتانيا على «تقديم مساهمات مهمة في العملية السياسية، وزيادة مشاركتها في عملية التفاوض»، معبراً عن «القلق من احتمال عودة التوتر عقب تجديد وجود جبهة البوليساريو في الكركرات، والتحديات التي قد ترتبها مثل هذه الإجراءات من قبل أي من الطرفين على وقف النار».
وإذ أقر بـ«الرد المدروس من المغرب، الذي أبقى قواته بعيدة عن الشريط العازل خلال التوتر»، طالب جبهة «البوليساريو» بـ«الانسحاب من الشريط العازل، كما فعلت في أبريل 2017». كما دعا الطرفين إلى «الامتناع عن اتخاذ أي إجراء قد يشكل تغييراً في الستاتيكو عند الشريط العازل».
وعبر عن «قلق عميق حيال الأمن في الصحراء الغربية، ولا سيما في المساحة الصحراوية الشاسعة والمقفرة الواقعة شرق الجدار الرملي، حيث لا يزال المراقبون العسكريون غير المسلحين لبعثة مينورسو عرضة للتهديدات من الجماعات الإجرامية والإرهابية»، وقال إن «التحركات البريّة التي تقوم بها البعثة شرق الجدار الرملي لا تزال عرضة للخطر بشكل خاص، مما يرهق كثيراً الموارد المحدودة للطيران في البعثة للتحقق من مساراتها».
واقترح تمويلاً إضافياً للفترة من 1 يوليو (تموز) 2018 إلى 30 يونيو (حزيران) 2019 لاستكمال هذا العمل الأساسي، والسماح للبعثة بالحصول على طائرة هليكوبتر ثالثة.
وأوصى غوتيريش مجلس الأمن بأن يمدد تفويض بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء (مينورسو) لمدة 12 شهراً إضافية، حتى 30 أبريل (نيسان) 2019، قائلاً إنه «يشعر بالقلق من تزايد الغضب بين مجموعات اللاجئين في تندوف»، مضيفاً أن «تدابير بناء الثقة، التي لا تزال معلقة حالياً، لها مكون إنساني أساسي، ولا يمكن اعتبارها حلاً للمأزق السياسي»، مطالباً كل الجهات الفاعلة بـ«دعم العملية السياسية، والعمل على إيجاد حل مقبول للاجئين، مما يتيح لهم حياة كريمة».
ولاحظ بـ«قلق بالغ النقص المزمن في تمويل المساعدات الإنسانية، على الرغم من الحاجات المتزايدة»، داعياً المجتمع الدولي إلى مواصلة دعمه لبرنامج عام 2018، الذي يبلغ 58.5 مليون دولار أميركي، للحاجات الإنسانية للمفوضية السامية للاجئين، وبرنامج الأغذية العالمي، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف»، وحض الأطراف على «احترام حقوق الإنسان وتعزيزها، بما في ذلك معالجة قضايا حقوق الإنسان المعلقة، وتعزيز التعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان وآليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وتيسير مهمات المتابعة التي تقوم بها»، مشدداً على أن «الرصد المستقل والمحايد والشامل والمستمر لحالة حقوق الإنسان ضروري لضمان حماية لجميع الناس في الصحراء الغربية».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.