تونس: هيئة الانتخابات تتراجع عن رفضها استخدام الحبر في اقتراع البلديات

TT

تونس: هيئة الانتخابات تتراجع عن رفضها استخدام الحبر في اقتراع البلديات

تراجعت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس عن قرارها الرافض لاستعمال الحبر الانتخابي في الانتخابات البلدية المقررة في السادس من مايو (أيار) المقبل، ورضخت لضغوط الأحزاب المعارضة والجمعيات الحقوقية التي اتهمتها بتسهيل عمليات التزوير في تلك الانتخابات بعدولها عن استعمال واحدة من أهم وسائل مراقبة المشاركين في العملية الانتخابية.
وأكد عادل البرينصي عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لـ«الشرق الأوسط» على سعي الهيئة للاستجابة لطلب الأحزاب والمنظمات التي اعتبرت أن الحبر الانتخابي قد اتخذ رمزية مهمة في أذهان التونسيين ولا يمكن الاستغناء عنه بسهولة. وكشف عن سعي الهيئة لدى حكومة يوسف الشاهد لتوفير الحبر الانتخابي قبل موعد إجراء الانتخابات البلدية، وقال إن الحبر سيقتصر على المدنيين ولن يستعمله العسكريون الذين يشاركون للمرة الأولى في الانتخابات منذ استقلال تونس سنة 1956.
ومن المنتظر أن تكون المنافسة الانتخابية حادة بين حزبي «النداء» و«النهضة» الوحيدين اللذين تقدما في كل الدوائر الانتخابية (350 دائرة بلدية). وتقدم لهذا الموعد الانتخابي أكثر من ألفي قائمة انتخابية نحو نصفها للمستقلين ونحو 52 في المائة من المرشحين من فئة الشباب.
وكان محمد التليلي المنصري، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، قد صرح بأن الحبر الانتخابي يعد وسيلة ثانوية لا علاقة له بالأمور القانونية أو الإجرائية لإنجاح الانتخابات. وأشار إلى أن غالبية دول العالم تخلت عن هذه المادة ولم تعد تستعملها باعتبارها «عنواناً للتخلف»، على حد تعبيره. ووصف رئيس هيئة الانتخابات إجراءات اقتناء الحبر بـ«المعقدة والطويلة»، حيث يتم اقتناء هذه المادة من الصين عن طريق إجراء طلب عروض دولي يدوم 6 أشهر على الأقل، وهو ما يجعل وروده قبل موعد الانتخابات عملية شبه مستحيلة.
ولكن نتيجة ضغوط متعددة، عاد المنصري ليؤكد أن لا مانع لديه في اعتماد الحبر الانتخابي في حال ما وفرته الدولة، لأنها لم تخصص له اعتمادات ضمن ميزانية هيئة الانتخابات.
وفي هذا الشأن، قال عماد الدايمي القيادي في حزب «حراك تونس الإرادة» (حزب أسسه المنصف المرزوقي الرئيس التونسي السابق) لـ«الشرق الأوسط» إن القرار المفاجئ بإلغاء الحبر الانتخابي والاكتفاء بإمضاء الناخب، فيه تغيير لقواعد اللعبة بشكل آحادي، وهو يهدد بضرب صدقية العملية الانتخابية وشفافيتها، باعتباره يفتح الباب أمام التصويت أكثر من مرة، وأمام شراء الذمم وتجميع بطاقات التعريف، مقابل مبالغ مالية، في ظل عدم المراجعة الجذرية للسجل الانتخابي، وعدم تغيير منظومة بطاقة الهوية الوطنية (البطاقة البيومترية).



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».