إسرائيل تستعد لاحتمالات التدهور... وإعلامها يركز على انتصارها عسكرياً و{حماس} سياسياً

مظاهرة يسارية ضد القتل الجماعي... واليمين الحاكم يتهم منظميها بالخيانة

قوات إسرائيلية على الحدود مع غزة (رويترز)
قوات إسرائيلية على الحدود مع غزة (رويترز)
TT

إسرائيل تستعد لاحتمالات التدهور... وإعلامها يركز على انتصارها عسكرياً و{حماس} سياسياً

قوات إسرائيلية على الحدود مع غزة (رويترز)
قوات إسرائيلية على الحدود مع غزة (رويترز)

في الوقت الذي يرى فيه غالبية الخبراء والمعلقين في تل أبيب، أن تلخيص الجولة الأولى من أحداث «مسيرة العودة» يشير إلى انتصار عسكري لإسرائيل لأن المتظاهرين لم ينجحوا في تجاوز الحدود، وانتصار حماس سياسياً على إسرائيل وعلى السلطة الفلسطينية، حذروا من خطر التدهور إلى عملية حربية جديدة. وقام الجيش الإسرائيلي بنصب المزيد من بطاريات صواريخ القبة الحديدية، وأصدر الأوامر ببقاء حشودها العسكرية حول القطاع.
وقد انطلقت أول مظاهرة احتجاج إسرائيلية ضد هذا التدهور، فيما هاجم اليمين الحاكم قوى المعارضة واتهمها بالخيانة الوطنية. واقترح وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، على حزب «ميرتس» أن ينسحب من الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، وينضم إلى المجلس التشريعي الفلسطيني.
وكانت مصادر عسكرية إسرائيلية قد بدأت بتلخيص أحداث الجولة الأولى من «مسيرة العودة»، بالتأكيد على أن الاختبارات القادمة هي المحك. وعبرت عن اعتقادها بأنه «على الرغم من القناعة بأن قادة حماس غير معنيين بمواجهة حربية في هذه المرحلة، فإن عناصر معينة فيها، معنيون بتطوير المواجهة واستغلال وجود كميات كبيرة من السكان المدنيين لتنفيذ عمليات عسكرية». وأشارت إلى أن حماس نفسها اعترفت بأن خمسة من القتلى الذين سقطوا في يوم الجمعة الماضي هم أعضاء في الجناح العسكري للحركة (كتائب عز الدين القسام)، وقالت إن العدد الحقيقي هو عشرة. وعرضت المصادر الإسرائيلية تقريرا يبين وجود محاولات عدة لزرع عبوات ناسفة قرب السياج، بغرض تفجيرها لدى اقتراب الدوريات الإسرائيلية. وحذرت من أن مثل هذه العمليات تهدد بخطر التدهور إلى عملية حربية تشمل اجتياحا إسرائيليا ولو محدودا في القطاع، يجر في أعقابه إطلاق صواريخ باتجاه البلدات الإسرائيلية وردا حربيا واسعا.
ولهذا الغرض أصدرت قيادة الجيش الإسرائيلي أوامرها لبقاء الحشود العسكرية في مواقعها حول قطاع غزة، ونصب المزيد من بطاريات صواريخ «القبة الحديدية»، لمجابهة زخات كثيفة من الصواريخ الفلسطينية. وهدد الوزير ليبرمان الغزيين بأنه «في المرة المقبلة سنرد بشكل أكثر حدة، وسنستخدم كل ما هو متاح لنا». وعاد الجيش، أمس، ليستأنف بناء الجدار على الحدود مع القطاع تحت ذريعة إحباط الأنفاق في المنطقة، وقد توقف العمل في الأسبوع الماضي بعد أن أحرق فلسطينيون عدة أدوات وآليات تستخدم في الحفريات. وقالت مصادر في القيادة الجنوبية للجيش، إن التوتر على طول الحدود يتجه نحو الهدوء، لكن الجيش يدعي أنه مستعد لتجديد الاشتباكات، مستفيدا من تجربة الموجة الأولى.
ولوحظ أن القمع الإسرائيلي يحظى بتأييد جميع الكتل والأحزاب الإسرائيلية، من الائتلاف والمعارضة، باستثناء حزب ميرتس اليساري الصهيوني والقائمة المشتركة، التي تضم الأحزاب العربية الوطنية. ودعت رئيسة «ميرتس»، النائب تمار زاندبرغ، إلى إجراء تحقيق إسرائيلي للأحداث على حدود غزة. وقالت إن «مشاهد القتل المروعة واستهداف الفلسطينيين في ظهورهم وهم عزل بالرصاص الحي، يعد سببا كافيا لتشكيل لجنة تحقيق». وأضافت أن «سياسة اليد الخفيفة على الزناد ستساهم في المزيد من الضحايا من الأبرياء، وبالتالي إشعال كل المنطقة». كما قال زميلها في الكتلة، النائب عيساوي فريج، إن «نتائج أحداث الأمس، تلزم إجراء تحقيق، وإذا لم يتم إجراء تحقيق إسرائيلي حقيقي، علينا ألا نفاجأ إذا وجدت إسرائيل نفسها تخضع مرة أخرى لتحقيق دولي». وقد رد الوزير ليبرمان، أمس الأحد، بهجوم حاد على زاندبرغ، ودعاها هي وكل الشخصيات المحسوبة على اليسار الصهيوني، بالذهاب إلى رام الله والنشاط في البرلمان الفلسطيني. وقال إن هؤلاء «لا يمثلون مصالح إسرائيل بل مصالح حماس». كما هاجم وزير الأمن الداخلي، غلعاد أردان، دعوة ميرتس وقال: «إلى أي مدى سيتدهور اليسار الإسرائيلي، الذي لا يستطيع حتى أمام منظمة تريد تدمير إسرائيل، تقديم دعم للجيش الإسرائيلي والحكومة».
وقال رئيس «المعسكر الصهيوني» آبي غباي، انه «يدعم ويساند جنود الجيش». وقال إن «حماس التي تختار مرة تلو أخرى طريق الإرهاب، هي المسؤولة عن الوضع الصعب في القطاع. ورغم ذلك، فإن المصلحة الإسرائيلية هي العثور على سبيل للتخفيف ومساعدة السكان المدنيين في قطاع غزة ومنع انهياره».
وهاجم ليبرمان الصحافي في إذاعة الجيش الإسرائيلي، كوبي ميدان، لأنه عقب على قتل المدنيين في المظاهرة السلمية على حدود غزة، بالكتابة في تغريدة له عبر حسابه على «تويتر»: «اليوم أنا أشعر بالخجل من أن أكون إسرائيليا». وقال ليبرمان: «وأنا أخجل من نفسي لوجود مذيع من هذا القبيل في إذاعة الجيش، وإذا كان يشعر بالخجل، فعليه فقط أن يستخلص الاستنتاجات ويغادر الإذاعة، وأعتقد أنه من العار أن يكون هذا مذيعا في الإذاعة العسكرية، لكن هذا جزء من واقعنا، وآمل أن يتصرف قائد المحطة حسب ما يفرض عليه».
وفي ليلة السبت - الأحد، تظاهر نحو 150 شخصيا، على مفترق «يد مردخاي» احتجاجا على سياسة إسرائيل في غزة. وقالت منظمة المظاهرة، تانيا روبنشطاين (تحالف النساء من أجل السلام): «إننا نتظاهر دعما لنضال مواطنات ومواطني غزة، ومعارضة للرد العنيف وغير المتناسب الذي واجهوه».
يذكر أن الخبراء الإسرائيليين على اختلافهم اعتبروا الموجة الأولى من «مسيرة العودة»، بمثابة انتصار عسكري لإسرائيل وانتصار سياسي لحركة حماس. أما الانتصار العسكري، فهو لأن إسرائيل نجحت بمنع الفلسطينيين من اختراق حدودها بالقوة ونفذت بذلك تهديدها. وأما حماس، وعلى الرغم من أنها لم تستطع جلب 100 ألف متظاهر كما تمنت وحضر فقط 30 ألفا، فإنها نجحت في الصعود على موجة المسيرة، التي كانت قد بدأت كمشروع لقوى مستقلة لا تنتمي إلى أي فصيل. وأصبحت في الواجهة. وتمكنت من لفت نظر العالم إلى القضية الفلسطينية من جديد. وبعد فترة طويلة، عادت القضية الفلسطينية إلى عناوين الأخبار العالمية. وعقد مجلس الأمن الدولي جلسة، ودعا للتحقيق، وحتى إذا لم يحدث ذلك هذه المرة - فإن الرأي العام العالمي سيرافق منذ الآن، كل حدث وكل حركة قرب السياج.
وكما كتب الخبير العسكري، ألون بن ديفيد: «أصبح يحيى سنوار، أمس، الزعيم الأكثر أهمية في فلسطين. أكثر من أبو مازن. لقد أخرج الحشود إلى الشارع، وبعد فترة طويلة من الجفاف أعاد القضية الفلسطينية إلى الطاولة. وبمجرد أن يكون هذا هو الحال، سيجد أبو مازن صعوبة في الاستمرار في التنكيل بغزة: فإذا كان العالم يهتم بقطاع غزة، فكيف لا يدفع الرئيس لها ثمن الكهرباء والرواتب؟ صورة هذا الوضع تضمن بأن أحداث الجمعة ستكرر نفسها بشكل متفاوت في المستقبل القريب».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.