بعد انتهاء المباريات الودية الأخيرة للمنتخب الإنجليزي، بات السؤال الذي يطرح نفسه بقوة في كرة القدم الإنجليزية هو: هل يستحق نجم توتنهام هوتسبر ديلي آلي مكانا في التشكيلة الأساسية للمنتخب الإنجليزي في كأس العالم؟ وأصبح هذا السؤال أحد نقاط النقاش الرئيسية التي تستعصي على الحل خلال الفترة التي تسبق انطلاق كأس العالم في روسيا.
وبعيدا عن الحقيقة المتمثلة في أن كل جيل من أجيال كرة القدم الإنجليزية لا بد وأن يكون لديه الكثير من النقاط غير القابلة للحل، فإن المناقشة المتعلقة بديلي آلي هي مناقشة مثيرة للاهتمام في حقيقة الأمر لأنها تتعلق بلاعب موهوب للغاية ويقدم مستويات رائعة مع ناديه من جهة ومدير فني يلعب بطريقة معينة مع المنتخب الإنجليزي ويسعى لتطبيقها بكل صرامة سواء في حال الاستحواذ على الكرة أو في حال فقدانها.
ويمكن القول إن آلي لاعب غير عادي في تشكيلة منتخب إنجليزي غير عادي أيضا، فوسط مجموعة تفتقر إلى النجوم البارزة، يعد آلي هو اللاعب الأبرز والأكثر توهجا في خط الوسط لأن لديه قدرات هجومية كبيرة ومهارات رائعة. لكن في نفس الوقت، قد يبدو آلي غير مناسب لطريقة اللعب التي يعتمد عليها المدرب غاريث ساوثغيت حاليا مع المنتخب الإنجليزي.
ومن الواضح أيضا أن أداء ديلي آلي لا يتسم بالثبات، فتارة نراه يقدم مستويات مبهرة ويتلاعب بدفاعات أقوى الفرق مثلما فعل أمام ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا، وتارة أخرى نراه يفقد الكرة بسهولة ويرتكب أخطاء ولا يتوقف عن التفكير في خداع الحكام ويفقد تركيزه كما رأينا في مباراة فريقه توتنهام أمام يوفنتوس الإيطالي بثمن نهائي دوري الأبطال. وعندما يخترق آلي خطوط الفرق المنافسة ويلعب التمريرات القصيرة التي يحبها، ترتفع آمال الجمهور الإنجليزي في منافسة أعتى الفرق العالمية، لكن عندما يخفت نجمه ويقدم مستويات متدنية فسرعان ما يستعيد هذا الجمهور ذاكرة الأجيال التي كانت تضم الكثير من اللاعبين الموهوبين من أمثال آلي لكنها فشلت في تقديم ما يتناسب مع تلك المواهب.
وفي الحقيقة، هناك فرصة كبيرة أمام المجموعة الحالية من اللاعبين لكي يحققوا نتائج جيدة للمنتخب الإنجليزي بعيدا عن البحث عن الشهرة واللعب الفردي. وخلال الأشهر القليلة الماضية، ظهر ساوثغيت مصرا على إصلاح الأخطاء التاريخية التي كان يعاني منها المنتخب الإنجليزي وعلى فرض نظام جديد يحقق طموحاته وطموحات الكرة الإنجليزية. وأصبح ساوثغيت يقود ثورة شاملة تتعدى كثيرا مجرد المناقشة حول وجود آلي من عدمه في التشكيلة الأساسية للمنتخب الإنجليزي.
وما زلنا نتذكر جميعا الكثير من الأجيال في كرة القدم الإنجليزية وهي تفشل بشكل متكرر في البطولات الكبرى. وكانت إنجلترا تبدو دائما عاجزة عن الاستحواذ على الكرة وتستنفد طاقتها في الركض وراء الفرق المنافسة صاحبة المهارات الفنية الأفضل من أجل الحصول على الكرة، لكن ساوثغيت أصبح لديه فريق يعرف كيف يستحوذ على الكرة ويفرض هيمنته.
ودائما ما كان المنتخب الإنجليزي يفتقر لخطة فنية واضحة وكان دائما ما يبحث عن الإنقاذ من قبل لاعب مهاري أو نجم كبير في صفوف الفريق. قد يفشل المنتخب الإنجليزي الحالي تحت قيادة ساوثغيت في أول اختبار حقيقي في كأس العالم، لكنه على الأقل لديه خطة لعب واضحة يعتمد عليها ولا يلعب بشكل عشوائي.
وبالمثل، لن يكون لدى المنتخب الإنجليزي نجوم مدللون من الصف الأول، بعدما وضع ساوثغيت نظاما تكون بمقتضاه اللياقة البدنية هي الحد الأدنى الأساسي للبقاء في هذا النظام، كما قام بحظر السكر والبسكويت والحلوى من أجل الحفاظ على أوزان اللاعبين ولياقتهم البدنية. قد يفشل ساوثغيت في تحقيق طموحات وتطلعات الجمهور الإنجليزي لكنه على الأقل يكون قد حاول بكل ما لديه من قوة وفرض نظاما جديدا واتبع طريقة مختلفة عن سابقيه.
كان من المفترض أن يشارك آلي في التشكيلة الأساسية للمنتخب الإنجليزي في مباراته الودية أمام إيطاليا لو كان لائقا من الناحية البدنية واستطاع استكمال الحصص التدريبية، لكنه لم يشارك. ويعد هذا تغييرا واضحا على كرة القدم الإنجليزية في حقيقة الأمر، فلطالما رأينا في الماضي نجوما كبارا يلعبون وهم غير مكتملي اللياقة لمجرد أنهم أصحاب أسماء كبيرة، لكن ساوثغيت فضل عدم الاعتماد على آلي وهو غير جاهز بنسبة مائة في المائة، رغم أنه الموهبة الأبرز في الجيل الحالي ولاعب خط الوسط القادر على تقديم مهارات لا يملكها غيره من زملائه في الفريق والتحرك بشكل رائع داخل الملعب.
ولكن يظل السؤال هو: هل يناسب آلي الطريقة التي يعتمد عليها ساوثغيت؟ من الواضح أن ساوثغيت قد استقر على اللعب بثلاثة لاعبين في الخط الخلفي، وهو ما يعني أن المنتخب الإنجليزي سيكون لديه ستة مدافعين داخل الملعب: ثلاثة لاعبين في قلب الدفاع وظهيرين ومحور الارتكاز الدفاعي في وسط الملعب. وبالتالي، سيكون هناك أربعة مراكز هجومية: اثنان في وسط الملعب المهاجم واثنان في قلب الهجوم.
ويمتلك آلي القدرات والفنيات التي تؤهله لكي يكون أحد لاعبي خط الوسط المهاجم، كما يمكنه اللعب في مركز صانع الألعاب. ومثله مثل جميع اللاعبين الصغار في السن، يتسم أداء إلى بعدم الثبات في المستوى، لكن رغم ذلك يجب الإشارة إلى أنه أحرز 10 أهداف وصنع 14 هدفا مع توتنهام هوتسبير خلال الموسم الحالي.
أما بالنسبة لعيوبه فتتمثل فقط في أنه ربما لا يناسب طريقة اللعب التي يعتمد عليها ساوثغيت، لأنه يفقد الكرة كثيرا. وعلاوة على ذلك، كثيرا ما يفقد آلي تركيزه داخل الملعب ولا يقوم بالواجبات المكلف بها، على عكس لاعبين أقل مهارة منه لكنهم أكثر التزاما مثل أليكس أوكسليد تشامبرلين وجيسي لينغارد، اللذين يحافظان بصورة أكبر على شكل الفريق وينفذان جيدا تعليمات ساوثغيت بعدم ترك مساحات للفرق المنافسة.
ويجب أن نشير في هذا الصدد إلى لاعب مانشستر يونايتد بول بوغبا والخلاف بينه وبين المدير الفني البرتغالي جوزيه مورينيو، الذي يرى أن الموهبة وحدها ليست كافية للمشاركة بصفة أساسية لكن يتعين على اللاعب أيضا القيام بالواجبات والمهام التي يكلف بها داخل الملعب والالتزام بخطة المدير الفني واللعب بشكل جماعي مع باقي لاعبي الفريق.
إن عدم اختيار إلى هو جزء من ثقافة الفريق، بمعنى أن عدم الاستعانة بلاعب موهوب لا يناسب طريقة اللعب يُظهر أن ساوثغيت يدير ظهره للرؤى والأفكار القديمة ويختار فريقا متجانسا وليس مجموعة من اللاعبين أصحاب الأسماء الكبيرة فقط.
ولو قدم إلى مستويات جيدة مع توتنهام هوتسبر فإن ذلك قد يتغلب على مشاعر ساوثغيت بالقلق من احتمال التأثير على الطريقة التي يلعب بها ويقرر آنذاك الاعتماد عليه. وثانيا، هل يتحلى ساوثغيت بالثقة التي تجعله يضيف عناصر أخرى إلى هذا النظام؟ اعتقد أنه يتعين على ساوثغيت أن ينتظر حتى شهر مايو (أيار) المقبل لكي يتمكن من الإجابة على هذا السؤال.
هل يستحق ديلي آلي مكاناً في منتخب إنجلترا بكأس العالم؟
السؤال بات محل نقاش خبراء الرياضة... وعلى المدير الفني أن يجد الحل سريعاً
هل يستحق ديلي آلي مكاناً في منتخب إنجلترا بكأس العالم؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة