الرئيس التونسي يوصي بتشديد إجراءات تملك الأجانب للعقارات والأراضي

يتصدر الليبيون القائمة في السوق يليهم الجزائريون ثم الفرنسيون

شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة تونس («الشرق الأوسط»)
شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة تونس («الشرق الأوسط»)
TT

الرئيس التونسي يوصي بتشديد إجراءات تملك الأجانب للعقارات والأراضي

شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة تونس («الشرق الأوسط»)
شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة تونس («الشرق الأوسط»)

أوصى الرئيس التونسي المؤقت الأربعاء الماضي بعدم فتح الباب أمام الأجانب لتملك العقارات في البلاد، وبخاصة منها الأراضي الفلاحية، حفاظا على السيادة الوطنية.
وقال المنصف المرزوقي، على هامش مؤتمر خصص لإصلاح النظام العقاري في تونس، إن «المصلحة الوطنية تقتضي منا جميعا النظر بعمق وتأن في المسألة العقارية والابتعاد عن الحلول السهلة.. بما في ذلك امتلاك الأجانب للعقارات في تونس».
وأثار قرار إعلان الحكومة المؤقتة الحالية أخيرا تبسيط إجراءات تملك العقارات للأجانب وخفض المدة المخصصة للحصول على ترخيص السلطات إلى مدة ثلاثة أشهر، مخاوف من صعود قياسي لأسعار العقارات وتأثيراته المتوقعة على الطبقة الوسطى في بلد لا يتجاوز فيه معدل دخل الفرد 500 دينار (نحو 350 دولارا).
وينظر المضاربون في القطاع العقاري بإيجابية للقرار الحكومي كونه سيسمح بتسويق الفائض العقاري ذي الكلفة العالية وإنعاش سياحة الإقامة في تونس مثل دول سياحية أخرى منافسة في المنطقة، بينما يقدر خبراء خطوة الحكومة الحالية لسعيها إلى تيسير الاستثمار الأجنبي في البلاد وحلحلة الوضع الاقتصادي المتأزم.
وشهدت العقارات بعد الثورة في 2011 في كبرى المدن التونسية وعلى السواحل المطلة على بحر المتوسط إقبالا واسعا من الأجانب، مما أدى إلى حصول طفرة في سوق العقارات موجهة حصرا إلى الأجانب من ذوي الدخل العالي.
وهناك أكثر من 1.5 مليون ليبي يقيمون بتونس منذ أحداث الثورة الليبية يتمتعون بحق تملك العقارات بتونس وفق اتفاقية دولية بين البلدين منذ ستينات القرن الماضي، وهم يتصدرون اليوم قائمة الأجانب المتملكين بتونس، والجزائريون في المرتبة الثانية والفرنسيون في المركز الثالث.
بيد أن المرزوقي شدد على ضرورة أن تكون هناك قيود صارمة على امتلاك الأجانب للعقارات وبشكل خاص الأراضي الفلاحية، في ظل الحديث المتواتر عن تركيز استثمارات زراعية أجنبية في البلاد.
وقال المرزوقي: «أقول بوضوح إنني لا أدعو إلى امتلاك الأجانب للعقارات وأرفض رفضا باتا امتلاكهم للأراضي الفلاحية التي يجب أن تبقى وقفا على التونسيين فقط».
وأضاف الرئيس المؤقت: «لا أدعو إلى الانغلاق في هذه المسألة لأنه يمكن إيجاد حلول وسطى تحفظ السيادة الوطنية، لكن مثلما قلت الأراضي الفلاحية مقدسة لأحفادنا وأحفاد أحفادنا من التونسيين فقط».
ويحجر قانون تونسي صادر منذ سنة 1964 امتلاك الأجانب للأراضي الزراعية في البلاد بينما فرض قانون آخر لسنة 1977 رخصة الوالي لقطع الطريق أمام تملك الأجانب للأراضي التونسية.
وقال المرزوقي: «الأراضي الفلاحية هي عنوان هويتنا الوطنية ويجب أن تبقى العمود الفقري لهذا الوطن».
ودعا رئيس الجمهورية مالي إلى الانطلاق في تنفيذ برنامج لإصلاح المنظومة العقارية التونسية واستكماله بحلول سنة 2025 مع إجراء تقييم دوري لهذا الإصلاح كل ثلاث سنوات.
وطالب رئيس الجمهورية المشاركين في أشغال المنتدى بتقديم مقترحات لمشاريع قوانين من شأنها أن توحد التشريعات المتعلقة بالشأن العقاري التونسي وتضمن تسوية لكل أوضاعه.
وأبرز خلال الملتقى الذي تنظمه الدائرة القانونية برئاسة الجمهورية بالتعاون مع مركز تونس للقانون العقاري والمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية أهمية التسوية القانونية للعقارات التونسية في التنمية الاقتصادية وتكثيف الاستثمار والنهوض الاجتماعي.
وقال رئيس مركز تونس للقانون العقاري والتعمير منير الفرشيشي إن الملتقى يهدف إلى توحيد الآراء والأفكار لصياغة مشاريع قوانين يمكنها أن تساعد في إصلاح المنظومة العقارية.
وبين أن جل الجوانب الفنية لتسجيل العقارات مستوفاة، مؤكدا أن المشكل يرتبط في الأساس بتعطل صدور الأحكام المتعلقة بسندات الملكية النهائية.
وأوضح المتحدث أن الوضع العقاري التونسي يتسم بالتشتت التشريعي وتعدد القوانين جراء كثرة الإدارات المتدخلة في هذا القطاع من فلاحة واستثمار وسياحة وإسكان وغيرها.
وانتقد المسؤول، خلال اللقاء الذي سجل حضور رؤساء محاكم وقضاة ومحامين مختصين وممثلين عن المؤسسات العمومية ذات الصلة، غياب المسألة العقارية في برامج كل الأحزاب التونسية وكذلك في مجلة الاستثمار الجديدة.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».