دراسة تتحدث عن بطالة تصل لـ60 % في محافظات إيرانية

نحو 20 مليون إيراني يعيشون قرب خط الفقر المدقع

على الجانب الآخَر من الفقر المطلق يزداد ثراء الطبقات الأكثر ثراءً (رويترز)
على الجانب الآخَر من الفقر المطلق يزداد ثراء الطبقات الأكثر ثراءً (رويترز)
TT

دراسة تتحدث عن بطالة تصل لـ60 % في محافظات إيرانية

على الجانب الآخَر من الفقر المطلق يزداد ثراء الطبقات الأكثر ثراءً (رويترز)
على الجانب الآخَر من الفقر المطلق يزداد ثراء الطبقات الأكثر ثراءً (رويترز)

تحدثت تقارير ودراسات بحثية عن معدلات بطالة تصل إلى 60 في المائة في بعض المحافظات الإيرانية، خصوصاً بين أوساط الشباب والجامعيين، بيد أنها تزداد بين أبناء المحافظات الحدودية التي تقطنها الأقليات العرقية.
المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، يقول في دراسة بحثية جديدة بعنوان «بعد عام الاقتصاد المقاوم... أين يقف الاقتصاد الكلي الإيراني؟» إن «هناك تفاوتاً كبيراً في معدلات البطالة خلال العام الماضي لكنها تجتمع حول ضخامة الأعداد وقد باتت أزمة حقيقية تهدِّد أمن واستقرار المجتمع».
ووفقاً للإحصائيات الإيرانية الرسمية يدور معدل البطالة حول 12.4 في المائة من القوى القادرة على العمل في إيران، أي نحو 3 ملايين و200 ألف شخص، في حين تبلغ نحو 30 في المائة بين الشباب، والنسبة الكبرى من العاطلين عن العمل في إيران من الملتحقين بالتعليم العالي بمعدَّل عاطل من بين كل 3 متعلمين، أو بنسبة 35 في المائة. غير أن الدراسة تذكر: «في الوقت نفسه تتحدث إحصائيات ومصادر غير رسمية عن وصول المعدَّل الحقيقي للبطالة بين الشباب إلى 45 في المائة وإحصائيات أخرى تتحدث عن بلوغها 60 في المائة في بعض المحافظات، خصوصاً بين أوساط الشباب والجامعيين، وتزداد البطالة بين أبناء المحافظات الحدودية والمحافظات التي تقطنها الأقلِّيَّات العرقية كمناطق الأكراد والأحواز العربية».
وقال أحمد شمس الدين، الباحث الاقتصادي بالمعهد الدولي للدراسات الإيرانية، إن المجتمع والأفراد يتكبدان «خسائر اقتصادية عندما يرتفع معدَّل البطالة، فهو يشير إلى أن الاقتصاد لم يعُد يُنتِج المستوى المتوقَّع (انخفاض المعروض من الإنتاج)، وهو أمر له انعكاساته على مستويات الأسعار التي سيشعر بها جميع أفراد المجتمع».
وأضاف شمس الدين في دراسته، التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، أن «التقديرات الإيرانيَّة تُظهِر أن ما بين 10 و12 مليون شخص في إيران يعيشون تحت خط الفقر المطلق (لا يجدون ما يسدّ حاجاتهم الأساسية)».
وقُدّر خط الفقر الإيراني في العام الماضي بـ930 ألف تومان في الشهر (281 دولاراً وفق سعر صرف موازنة العام الحالي أو 200 دولار تقريباً بسعر الصرف الحر)، «وقد يرتفع العدد إلى معدَّلات تتراوح بين 16 و20 مليون إيراني... يعيشون ضمن نطاق أو بالقرب من خطّ الفقر المدقع إذا ما ارتفع مقدار خطّ الفقر وفقاً لهيئة إغاثة الخميني المختصة بالمساعدات الاجتماعية للمحتاجين».
في حين أنه على الجانب الآخَر من الفقر المطلق يزداد ثراء الطبقات الأكثر ثراءً وفق آخِر إحصائية للبنك المركزي الإيراني في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، التي أكد فيها أن الفجوة بين الطبقات ازدادت بمقدار 15 ضعفاً، «بمعنى آخر ازدادت ثروات الـ10 في المائة الأكثر ثراءً في المجتمع بمقدار 15 ضعفاً خلال السنوات الأخيرة، وتعكس هذه الإحصائية حجم التفاوت الكبير في توزيع الثروة في إيران بزيادة غِنَى الأغنياء مع زيادة فقر الفقراء»، وفقاً للدراسة.
وأوضح شمس الدين، أن عجز الموازنة الإيرانيَّة تضاعف خلال الفترة الماضي، وهذا «يقودنا إلى أحد سيناريوهين، الأول سياسة أكثر تَقَشُّفاً بدأت تظهر ملامحها في موازنة العام المالي الجديد 2018، سياسة تهتم بتحقيق التوازن المالي للحكومة أكثر منها لكسب التعاطف والتأييد، فديون الحكومة للبنوك الخاصة والعامَّة وللتأمين الاجتماعي أصبحت عبئاً متفاقماً ستحاول الحكومة السيطرة عليه مع إيرادات نفطية تحصلها الدولة جزئيّاً، ولا مفرّ من تقليل النفقات العامَّة».
أما السيناريو الثاني، فرأى الباحث، أنه يتمثل في أن «تُقدِم الحكومة على سياسات مالية توسعية لخلق فرص عمل جديدة واستمرار تقديم الدعم النقدي لملايين الأفراد لاحتواء الغضب الشعبي، خصوصاً بين الشباب العاطلين عن العمل والأسر الفقيرة التي تكافح لسد تكاليف الحياة، ولكن سيكون هذا على حساب تفاقم عجز الموازنة العامَّة، وقد تلجأ إلى الاستدانة من صندوق الوطني للتنمية أو اتباع أساليب أخرى لسَدّ العجز المالي».
وتوقعت الدراسة أن تستمر معدلات التضخم في الزيادة العام المقبل «ما دامت الحكومة تطبع البنكنوت بلا انضباط لمواجهة عجز الموازنة وسداد ديونها كما فعلت في 2017، بالإضافة إلى تأثير تراجع سعر العملة المحلية على معدَّلات التضخُّم تأثُّراً بالأزمات الداخلية والخارجية التي تظهر بين فينة وأخرى على الساحة الإيرانيَّة». وأضافت: «ومع زيادة معدَّلات الأسعار مع معدَّلات البطالة المرتفعة بالفعل سيسقط مزيد من الإيرانيّين تحت طائلة الفقر، خصوصاً مع توجهات الحكومة لرفع الدعم النقدي عن ملايين الأفراد، الذي كان سبباً مباشراً للاحتجاجات التي حدثت أخيراً، وما لم تقدِّم الحكومة خُطَطاً جادَّة لمواجهة هذه المشكلات فإنها تجازف بأمن المجتمع واستقرار الاقتصاد».
وأوضحت الدراسة البحثية أن معدل نمو الاقتصاد الإيراني يقترن «على المدى القصير بمدى استقرار أسعار النفط في الأسواق العالمية من عدمه، بالإضافة إلى مستقبل الاتفاق النووي، ووفق سيناريو بقاء الاتفاق النووي دون تغيير، واستمرار تصاعد أسعار النفط والغاز، فمن المتوقَّع أن يستمرّ نموّ الاقتصاد الإيراني بمعدَّلات قريبة أو أقل بقليل من المعدَّل الحالي».
ووفقاً للدراسة، تشير معدَّلات نموّ الناتج المحلِّي الإجمالي خلال العام إلى تحقيق مستوى مقبول من النموّ، على الرغم من انخفاضه عن عام 2016 الاستثنائي الذي شهد استعادة صادرات النفط للخارج، وتمكنت البلاد من رفع مستوى ناتجها المحلِّي عن العام السابق بنحو 20 مليار دولار بعد عامين من الاتفاق النووي وما تبعه من إنعاش الاقتصاد وإمداده بالموادّ الخام وقطع الغيار والموادّ الوسطية وتخفيف الحصار البنكي ولو جزئيّاً.
«لكن إذا ما نظرنا إلى مستقبل العامل الأهم في أي اقتصاد، ألا وهو العامل البشري، مصدر قوة ونموّ أو ضعف وتدهور أي اقتصاد، لا نجد انعكاساً واضحاً لمعدلات نموّ الناتج المحلِّي عليه، ويتضح أن مستقبله لا يزال متأزماً، على المدى القصير على أقل تقدير، وذلك من واقع عدة مؤشّرات: أولها السياسات المالية الحكومية المتقشفة التي تهدف إلى مواجهة عجز الموازنة المتزايد، وظهور التقشف في موازنة 2017 تجاه القطاعات الإنتاجية والتنموية على وجه التحديد، وبدافع سد عجز الموازنة قدمت الحكومة مشروع موازنة العام المالي 2018 - 2019 بزيادة في أسعار الوقود وبإلغاء الدعم النقدي لملايين الأفراد قبل رفض البرلمان الإيراني له بعد الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها البلاد أواخر عام 2017».
ويتألف الاقتصاد الإيراني، وفقاً للدراسة، من «ثلاثة مكوِّنات رئيسية: الدولة أو القطاع الحكومي، وهو القطاع الأكبر والمسيطر على أغلب مفاصل الاقتصاد كالنفط والبتروكيماويات والصناعة والتعدين والخدمات، يليه القطاع التعاوني أو شبه الدولة، وهو قطاع كبير يعلب أدواراً اقتصادية وسياسية مهمَّة في الدولة، ويأتي على رأس هذا القطاع ما يُطلَق عليه (البنياد)، وهي مؤسَّسات اقتصادية منتشرة في إيران تتّسم بالطابع الوقفي أو الخيري، تخضع مباشرة لسلطة المرشد الإيراني فقط دون رقابة برلمانية أو حكومية، وأشهرها «مؤسَّسة المستضعفين» التي يُعتقد أنها ثاني أضخم مؤسّسة تجارية في إيران بعد الشركة الوطنية للنِّفْط المملوكة للدولة، وتشغل «المستضعفين» ما يزيد على 200 ألف موظف.
وأضافت الدراسة: «بالإضافة إلى مؤسَّسات اقتصادية تابعة لجهات عسكرية كالحرس الثوري الإيراني لها أنشطة تجارية واقتصادية كثيرة تأتمر بأمر مرشد الثورة مباشرة. أمّا القطاع الأخير فهو القطاع الخاصّ، لكنه محدود، وهو الأقل تشكيلاً للاقتصاد الإيراني بحكم عدم القدرة على المنافسة الاقتصادية العادلة مع قطاعات الدولة أو شبه الدولة مع تقييد الحصار الدولي البنكي على تعاملاته التجارية».



النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
TT

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)

ارتفعت أسعار النفط قليلاً يوم الجمعة متجهة صوب تسجيل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع تفاقم المخاوف بشأن الإمدادات بسبب عقوبات إضافية على إيران وروسيا في حين أثرت توقعات الفائض على الأسواق.

وزادت العقود الآجلة لخام برنت 28 سنتاً أو 0.38 في المائة إلى 73.69 دولار للبرميل بحلول الساعة 14.08 بتوقيت غرينتش، وارتفعت عقود خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 30 سنتاً أو 0.43 بالمائة إلى 70.32 دولار للبرميل.

واتجه الخامان صوب تسجيل مكاسب أسبوعية بأكثر من ثلاثة في المائة بفعل مخاوف من اضطراب الإمدادات بعد فرض عقوبات أشد على روسيا وإيران، وكذلك آمال بأن تعزز إجراءات التحفيز الصينية الطلب في ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم.

ومن المتوقع أن تظل واردات الخام للصين، وهي أكبر مستورد في العالم، مرتفعة حتى أوائل عام 2025، إذ تميل المصافي لزيادة الإمدادات من السعودية، أكبر مُصدر في العالم، بسبب انخفاض الأسعار بينما تسارع المصافي المستقلة إلى استغلال حصصها.

ورفعت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري عن سوق النفط توقعاتها لنمو الطلب إلى 1.1 مليون برميل يومياً، من 990 ألف برميل يومياً في الشهر الماضي. وقالت إن نمو الطلب «سيكون إلى حد كبير في الدول الآسيوية بسبب تأثير إجراءات التحفيز الأحدث في الصين».

ومع ذلك، توقعت الوكالة فائضاً في العام المقبل، عندما كان من المتوقع أن تزيد الدول غير الأعضاء في تحالف أوبك بلس الإمدادات بنحو 1.5 مليون برميل يومياً، بقيادة الأرجنتين والبرازيل وكندا وجيانا والولايات المتحدة. ويراهن المستثمرون على خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) تكاليف الاقتراض الأسبوع المقبل على أن يُتبع ذلك بتخفيضات أخرى العام القادم بعد أن أظهرت بيانات اقتصادية ارتفاعاً غير متوقع في طلبات إعانة البطالة الأسبوعية.

وبالتزامن، ذكرت «بلومبرغ نيوز»، يوم الجمعة، أن الإمارات تعتزم خفض شحنات النفط في أوائل العام المقبل وسط مساعي مجموعة أوبك بلس لانضباط أقوى في تلبية أهداف الإنتاج.

وذكر التقرير أن شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) خفضت شحنات النفط الخام المخصصة لبعض العملاء في آسيا، مما قلص الأحجام بنحو 230 ألف برميل يومياً عبر درجات الخام المختلفة، وذلك نقلاً عن شركات لديها عقود لتلقي الشحنات.

من جهة أخرى، قال متعاملون ومحللون إن سعر النفط الخام الإيراني للصين ارتفع إلى أعلى مستوى منذ سنوات بسبب عقوبات أميركية إضافية أثرت على قدرات الشحن ورفعت تكاليف الخدمات اللوجيستية.

ويؤدي ارتفاع أسعار النفط الإيراني والروسي إلى زيادة التكاليف على المصافي الصينية المستقلة التي تمثل نحو خمس الطلب في أكبر سوق مستوردة للخام في العالم، مما يسلط الضوء على تحديات محتملة في ظل توقعات بأن تزيد إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب الضغوط على طهران عندما تتولى السلطة.

وأوضح متعاملون أن بعض المصافي تتحول إلى إمدادات غير خاضعة لقيود العقوبات، بما في ذلك من الشرق الأوسط وغرب أفريقيا، لتلبية الطلب الموسمي في الشتاء وقبل رأس السنة القمرية الجديدة.

وانخفضت الخصومات على الخام الإيراني الخفيف لنحو 2.50 دولار للبرميل مقابل خام برنت في بورصة إنتركونتيننتال على أساس تسليم ظهر السفينة في ميناء الوصول للصين، وذلك مقارنة بخصومات أقل من أربعة دولارات في أوائل نوفمبر. وقال متعاملون إن الخصومات على الخام الإيراني الثقيل تقلصت أيضاً إلى نحو أربعة إلى خمسة دولارات للبرميل من نحو سبعة دولارات في أوائل نوفمبر.

وترتفع أسعار الخام الإيراني منذ أكتوبر (تشرين الأول) عندما انخفضت صادرات الدولة العضو في «أوبك» في أعقاب مخاوف من هجوم إسرائيلي على منشآت نفط إيرانية.

وأفادت المصادر وبيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن بأن تشديد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للعقوبات على طهران الأسبوع الماضي أدى إلى توقف بعض السفن التي تنقل الخام الإيراني عبر ناقلات أخرى إلى الصين قبالة سواحل سنغافورة وماليزيا.

وأظهرت بيانات كبلر لتتبع السفن أن واردات الصين من النفط الخام والمكثفات الإيرانية انخفضت في نوفمبر بنحو 524 ألف برميل يومياً إلى أدنى مستوى في أربعة أشهر عند 1.31 مليون برميل يومياً مقارنة بالشهر السابق.

وأظهرت بيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن أن عدداً من ناقلات النفط الخام العملاقة الخاضعة للعقوبات تبحر قبالة سواحل ماليزيا. وأوضحت البيانات أن ناقلة نفط خاضعة للعقوبات أبحرت من الصين يوم الجمعة. وقالت مصادر تجارية إن الناقلة أفرغت حمولتها في ميناء ريتشاو بمقاطعة شاندونغ.

وقال محللون إن أسعار النفط الإيراني تلقت دعما جزئياً من تعافي الطلب في الصين مع شراء المصافي المستقلة المزيد من الخام بعد الحصول على حصص استيراد إضافية من الحكومة وزيادة إنتاجها من الوقود قليلاً.