عندما يتحول المعلمون إلى باعة في شوارع صنعاء

إجراءات الحوثيين قطعت رواتبهم... وتحذير من انهيار وشيك للمنظومة التعليمية

معلمة في أحد الفصول التعليمية (حساب «يونيسيف اليمن» على «تويتر»)
معلمة في أحد الفصول التعليمية (حساب «يونيسيف اليمن» على «تويتر»)
TT

عندما يتحول المعلمون إلى باعة في شوارع صنعاء

معلمة في أحد الفصول التعليمية (حساب «يونيسيف اليمن» على «تويتر»)
معلمة في أحد الفصول التعليمية (حساب «يونيسيف اليمن» على «تويتر»)

ترك صادق أحمد هزبر، المعلم في إحدى مدارس محافظة إب تلاميذه، ليجول في شوارع العاصمة صنعاء، بائعا لشراب التوت، لعلّه بهذا المسعى يتمكن من توفير متطلبات أسرته الضرورية بعد انقطاع مرتبه الحكومي، منذ نحو عام ونصف، جراء الصراع المسلح الذي يعصف باليمن.
يقول هزبر «اضطررت لحمل «زمزمية» كبيرة على ظهري (وعاء معدني يتسع 20 لترا) معبأة بشراب التوت، لأطوف بها منذ ساعات الصباح وحتى الظهيرة في شوارع العاصمة رفقة أكواب بلاستيكية أبيع فيها المشروب الذي أعده في المنزل. لقد عانيت وأولادي كثيراً بسبب الأوضاع وتوقف الرواتب، لكنني قررت ألا أستسلم أبداً» مضيفا «ها أنا أواصل مشوار العمل وأعين أسرتي وأولادي على الصمود لأكفيهم ذل السؤال والحاجة، رغم أن هذا العمل أصبح مردوده المادي شحيحا لكن السعي خلف الرزق أفضل بكثير من انتظاره».
وعلى العكس من هزبر، تواصل حنان مصطفى عملها معلمة في إحدى مدارس العاصمة، لكنها تختصر معاناتها بقولها «لم يعد بإمكاني الاستمرار (....) فقدت وزملائي الثقة بأنفسنا، ما الذي يمكن أن تقدمه المعلمة أو المعلم للتلاميذ في ظل الشعور القاتل بالمهانة والحاجة والانكسار».
ولمواجهة معضلة انقطاع الراتب؛ لجأت بعض المدارس الحكومية إلى فرض مبالغ مالية على أولياء الأمور، تتراوح ما بين 1000 - 2000 ريال في الشهر (نحو دولارين إلى 4 دولارات) ليتم توزيع ما يتم جمعه على المواظبين، لكن في المحصلة، هو مبلغ لا يكاد يكفي أجرة المواصلات بحسب ما يؤكده المعلم محمد حسام، الذي صادفناه أمام مدرسته بمديرية معين بصنعاء. يقول محمد بعد طرح السؤال عليه عن هذه المساهمة المجتمعية «تلك المبالغ ضئيلة جدا ولا تعوض انقطاع المرتبات وبالنسبة لي بالكاد يغطي المبلغ الذي أحصل عليه إيجار المواصلات بين المنزل والمدرسة».
ويتساءل: «نحن في المدرسة ملتزمون يوميا بالدوام المدرسي منذ بداية العام الدراسي وحتى اليوم، لكن لماذا لا تلتزم الجهات المختصة بدفع رواتبنا التي تقتات منها أسرنا وتمثل مصدر دخلنا الوحيد؟»، متابعا حديثه منكسرا «هل تصدقون إذا قلت لكم إن أولادي لم يحضروا للمدرسة منذ أكثر من شهر لأني لم أستطع توفير مصروف المدرسة ولا أجرة المواصلات لولدي سليم وإيمان». ويكشف محمد عن أنه بسبب انقطاع الرواتب أصبح وزملاؤه المعلمون، عاجزين عن توفير الكثير من متطلبات البقاء والحياة الكريمة، بل إن أغلبهم، على حد قوله، «أجبروا على تقليص الوجبات اليومية في كثير من الأوقات إلى وجبة واحدة فقط أو وجبتين يومياً على أعلى تقدير».
ويقول المعلم مهدي عبد الله الوهيبي «أنا أب لثلاثة أطفال، أماني (14 سنة) تدرس في الصف السابع، محمد (10 سنوات) يدرس في الصف الخامس، وأصغرهم أحمد (6 سنوات) يفترض أن يدخل المدرسة هذا العام، ولكن انقطاع المرتبات انعكس عليهم أيضاً، لأنني أعيلهم وأنفق على تعليمهم من راتبي، الذي أساعد بجزء منه والدي».
وعلى رغم صغر سن ابنته أماني إلا أنها تستشعر الألم الذي يكابده والدها جراء انقطاع المرتبات فهي ليست بمعزل عن المعاناة التي تكابدها أسرتها.
تقول أماني وقد والدها الحديث: «أنا متفوقة دراسيا، وكنت أحب التعليم، وأحلم أن أكون معلمة مثل والدي عندما أكبر، لكنني الآن أكره التعليم، لأنه جعل والداي حزينين دائماً، ولم أعد أرغب في أن أكون معلمة».
ويتساءل والدها مهدي: «كيف أستطيع تأدية واجباتي التعليمية وأنا أكابد من أجل لقمة العيش، حتى أنني أعجز عن توفير أجرة الباص الذي أستقله للوصول إلى المدرسة؟!، وماذا تنتظرون من معلم وصل به البؤس إلى هذا الحد.؟!».
وبحسب ما يقول مهدي فإنه يعرف زملاء له يصفهم بـ«الأفاضل» اضطروا بسبب توقف المرتبات للعمل في أعمال البناء وفي المطاعم كي يعيلوا أسرهم، وإن كان الدخل اليومي لهذه الأعمال زهيداً جداً، كما أشار إلى وجود زملاء وزميلات قال إنهم دفعوا بأطفالهم إلى العمل باعة جائلين في الشوارع.
يتقاضى مهدي 69 ألف ريال (نحو 150 دولارا) راتبا شهريا قبل انقطاعه، وهو - بحسب تعبيره - مبلغ ضئيل جداً، مقارنة بمرتبات وأجور المعلمين في الدول العربية والعالم، الذين أشار إلى أنهم «يمنحون العديد من الامتيازات، ويتم التعامل معهم بقدر كبير من التقدير والتكريم والاحترام».
وفي السياق نفسه، أكد خالد السعيدي، وهو وكيل مدرسة في أمانة العاصمة، أن معظم المعلمات بمدرسته بعن مقتنياتهن الذهبية لتوفير المواصلات كي يتمكن من الوصول إلى المدرسة.
وإضافة إلى ذلك، يقول خالد: «الكثير من المعلمين، لم يتمكنوا من أداء وظيفتهم، بسبب انقطاع المرتبات، الأمر الذي انعكس سلبا على العملية التعليمية برمتها، إلى جانب عدم تمكن الآباء من تأمين مصاريف الدراسة لأطفالهم، وتركهم الدراسة».
وبدوره يؤكد مسؤول بقطاع النقابة التعليمية، طلب عدم ذكر اسمه، أن توقف الرواتب شكل أعباء إضافية على حياة المواطنين لا سيما الموظفين منهم في قطاع التربية والتعليم كون هذه المؤسسة هي الوحيدة – ربما - التي لم يتوقف نشاطها على مدار الثلاثة أعوام منذ بداية الحرب. بحسب قوله.
ويشير إلى أن انقطاع الراتب عن المدرسين بدا تأثيره واضحا على استمرار عطاء هذه الشريحة الهامة في المجتمع بخاصة أن توقف المعلمين عن العمل، يعني توقف نحو 4 ملايين تلميذ عن الدراسة. لذلك فهو يناشد - بصفته النقابية - المجتمع الدولي ومنظماته الفاعلة، للإسهام في دعم وتمويل التعليم في اليمن.
ولا يبدو حال المدرسين مختلفا عما يعانيه أكثر من مليون، و200 ألف موظف يمني بينهم نحو 175 ألف معلم ومعلمة، في 13 محافظة تقع شمال ووسط اليمن، وهم يمثلون 72 في المائة من إجمالي المعلمين، لم يتسلموا مرتباتهم منذ أكثر من عام ونصف العام تقريبا، باستثناء نصف راتب حصلوا عليه، نحو ثلاث مرات فقط خلال المدة كلها.
ونتيجة لذلك فإن نحو 4.5 مليون طالب وطالبة، يمثلون 79 في المائة من إجمالي الطلاب اليمنيين، مهددون بالحرمان من التعليم وفق دراسة حديثة مولتها منظمة «يونيسيف» حول وضع التعليم في اليمن. وفي أحدث تصريح لممثلة اليونيسيف في اليمن ميرتسيكيل ريلاينو قالت إنه «لم يتم دفع رواتب موظفي المدارس الحكومية فيما يقرب من ثلاثة أرباعها خلال أكثر من عام، مما جعل تعليم 4.5 مليون طفل إضافي عرضة لخطر شديد». وتؤكد ريلاينو «أن جيلا كاملا من الأطفال باليمن يواجه مستقبلاً قاتماً بسبب محدودية أو عدم إمكانية الوصول إلى التعليم»، كما تبين أن ما يقرب من مليوني طفل يمني هم الآن خارج المدرسة. وتضيف: «حتى أولئك الذين ينتظمون في المدارس لا يحصلون على التعليم الجيد».
وكانت ممثلة «يونيسيف» دعت في أحدث تصريح لها، السلطات التعليمية بجميع أنحاء اليمن إلى أن تعمل معاً وأن تجد حلاً فورياً لتوفير الرواتب لجميع المعلمين والعاملين في مجال التعليم حتى يتمكن الأطفال من مواصلة التعليم.
وقالت «ينبغي على المجتمع الدولي والمانحين وشركاء التنمية دعم الحوافز للمعلمين أثناء البحث عن حلول طويلة الأجل لأزمة الرواتب في اليمن، ومواصلة دعم نظام التعليم».
كما ناشدت «يونيسيف» في تقريرها، الأخير، بالنيابة عن أطفال اليمن، الجميع لوضع حد للحرب، وللعمل على وقف الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال وتمكينهم من التعليم الجيد.
وفي الوقت الذي يتخوف اليمنيون من زيادة تأثير انقطاع مرتبات المعلمين على المنظومة التعليمية، «يبدو أن الأمر سيكون أخطر مما هو متوقع في حال استمر انقطاع الرواتب لمدة أطول، إذ يمكن أن يؤدي إلى انهيار شامل للمنظومة التعليمية» بحسب ما تقوله الموظفة التربوية تهاني محمود.
ووفقاً للدراسة التي مولتها «يونيسيف» بعنوان «خارج المدرسة: أطفال اليمن ودروب الضياع»، «هناك أكثر من 2,500 مدرسة باتت خارج الخدمة، 66 في المائة منها تضررت جراء الاقتتال في البلاد كما تم إغلاق 27 في المائة منها، في حين أن 7 في المائة من هذه المدارس تستخدم لأغراض عسكرية أو كمأوى للنازحين.
وتشير «يونيسيف» إلى أن الذهاب إلى المدرسة «بات يمثل خطراً على الأطفال، حيث يمكن تعرض الطفل لاحتمال الموت على الطريق. وخوفاً على سلامة أطفالهم يختار الكثير من الآباء إبقاء أطفالهم في المنازل.
لقد دفع تعذر الحصول على التعليم - طبقا للمنظمة - الكثير من الأطفال والأسر إلى اللجوء إلى بدائل خطرة بما في ذلك الزواج المبكر وعمالة الأطفال والتجنيد.
وبحسب تقري المنظمة الأخير فقد تم تجنيد 2,419 طفلا على الأقل في القتال منذ مارس (آذار) 2015. وتقول «يونيسيف» في معرض دعوتها لوقف الحرب وكافة الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال «أن السلام والتعافي ضرورة مطلقة إن أردنا أن يستأنف أطفال اليمن دراستهم ويحصلون على التعليم الجيد الذي يحتاجونه بشكل عاجل وهذا حقهم في الأساس».
وتشدد المنظمة على حماية تعليم الأطفال دون قيد أو شرط، إذ يتعين على كافة أطراف النزاع ومن له نفوذ عليهم الالتزام دون قيد أو شرط بوقف الاعتداءات على المدارس لحماية تعليم الأطفال في جميع أنحاء اليمن إلى جانب «إبقاء الأطفال والكوادر التربوية بعيداً عن الأذى ويجب الحفاظ على المدارس كمساحات آمنة للتعلم». وترى المنظمة الأممية أنه «ينبغي على المجتمع الدولي والمانحين وشركاء التنمية دعم دفع حوافز للمعلمين والمعلمات وفي نفس الوقت البحث عن حلول طويلة المدى لأزمة الرواتب في اليمن مع الاستمرار في دعم النظام التعليمي».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».