موسكو تستمر بطرد عشرات الدبلوماسيين من البلدان المتضامنة مع بريطانيا

ملصق على جدار مبنى السفارة الألمانية في موسكو يقول إن ألمانيا تتطلع إلى مباريات كأس العالم في روسيا هذا الصيف (إ.ب.أ)
ملصق على جدار مبنى السفارة الألمانية في موسكو يقول إن ألمانيا تتطلع إلى مباريات كأس العالم في روسيا هذا الصيف (إ.ب.أ)
TT

موسكو تستمر بطرد عشرات الدبلوماسيين من البلدان المتضامنة مع بريطانيا

ملصق على جدار مبنى السفارة الألمانية في موسكو يقول إن ألمانيا تتطلع إلى مباريات كأس العالم في روسيا هذا الصيف (إ.ب.أ)
ملصق على جدار مبنى السفارة الألمانية في موسكو يقول إن ألمانيا تتطلع إلى مباريات كأس العالم في روسيا هذا الصيف (إ.ب.أ)

دخلت المواجهة الروسية الغربية مرحلة جديدة مع إعلان موسكو طرد عشرات الدبلوماسيين من البلدان التي تضامنت مع بريطانيا واتخذت إجراءات مماثلة ضد دبلوماسيين روس. وبعد مرور يوم واحد على طرد 60 دبلوماسيا أميركيا من روسيا وإعلان إغلاق القنصلية الأميركية في سان بطرسبورغ، سارت موسكو خطوة أخرى لتنفيذ تعهداتها في وقت سابق بتوجيه «رد مناسب» ضد نحو 25 دولة طردت دبلوماسيين روسا على خلفية قضية تسميم العميل الروسي سيرغي سكريبال في بريطانيا قبل أسابيع. واستدعت الخارجية الروسية أمس، سفراء غالبية بلدان الاتحاد الأوروبي التي طردت دبلوماسيين روسا وسلمتهم مذكرات احتجاج وقرارات بطرد عدد مساو من الدبلوماسيين.
وأوضحت الخارجية الروسية في بيان صحافي أنه تم «استدعاء سفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية لأستراليا وألبانيا وألمانيا والدنمارك وآيرلندا وإسبانيا وإيطاليا وكندا ولاتفيا وليتوانيا ومقدونيا ومولدوفا وهولندا والنرويج وبولندا ورومانيا وأوكرانيا وفنلندا وفرنسا وكرواتيا والتشيك والسويد وإستونيا. وأبلغت الخارجية الروسية السفراء الذين تم استدعاؤهم بأنه «ردا على المطالب غير المفسرة من دولهم بشأن طرد الدبلوماسيين الروس، على أساس مزاعم غير مؤكدة من بريطانيا تجاه روسيا، فيما يسمى بقضية (سكريبال)، فإن الجانب الروسي يعلن عن أعداد موظفي هذه البعثات الدبلوماسية الذين يعتبرون شخصيات غير مرغوب بها على الأراضي الروسية بما يتساوى مع أعداد الدبلوماسيين الروس الذين طردتهم كل من الدول المعنية».
وأضافت الوزارة أنه «مع الأخذ في الاعتبار حقيقة أن بلجيكا وهنغاريا وجورجيا ومونتينيغرو قررت في آخر لحظة الانضمام إلى البلدان المذكورة، فإن روسيا تحتفظ بحق الرد على هذه الدول في وقت لاحق». وسبق ذلك استدعاء السفير البريطاني في موسكو لوري بريستوو وإبلاغه أن موسكو قررت تخفيض عدد موظفي البعثة الدبلوماسية البريطانية ليكون مساويا لعدد موظفي البعثة الروسية في بريطانيا وأمهلت الوزارة لندن شهرا لسحب دبلوماسيها وإغلاق ممثلياتها في روسيا.
وكانت توقعات دبلوماسيين روس أشارت في وقت سابق إلى الرد الروسي «لن يكون شاملا» وأن موسكو ستقوم بطرد عدد من الدبلوماسيين من بلدان محددة لكنها ستؤجل قرارها بشأن الرد على بلدان أخرى، بهدف عدم القيام بـ«عملية استفزازية جماعية» ومحاولة تفكيك «الجبهة العالمية» التي أنشأتها بريطانيا والولايات المتحدة. لكن القرار اتخذ في موسكو بعد مداولات مطولة بأن يكون الرد الروسي «انعكاسا كاملا» وأن يحمل رسالة واضحة إلى كل البلدان التي انضمت إلى الحملة ضد روسيا. واتخذ القرار الروسي بعد نقاشات شهدها مجلس الأمن القومي الروسي في جلسة خصصت لبحث هذا الملف برئاسة الرئيس فلاديمير بوتين.
وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن الجلسة شهدت تبادلا شاملا لوجهات النظر حول مسائل السياسة الخارجية، والإجراءات الجوابية الروسية المطابقة بحق الدول التي طردت دبلوماسيين روس وأغلقت مؤسسات قنصلية روسية على أراضيها على خلفية تسميم سكريبال واتهام لندن للجانب الروسي بالوقوف خلف ذلك.
وقالت هيثر نويرت، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، إن قرار روسيا بطرد دبلوماسيين أميركيين غير مبرر، وأشارت خلال مؤتمر صحافي أمس، إلى أن قرار واشنطن بطرد الدبلوماسيين الروس كان له دوافع وأسباب واضحة، وهي الرد على استخدام روسيا لغاز الأعصاب على أرض دولة حليفة خارج نطاق الحرب. وأضافت المتحدثة أن روسيا اختارت أن تقوم بأفعال لا تعبر عن ندم موسكو لما حدث، وأضافت أن واشنطن تدرس القرارات الروسية ولديها الحق في الرد عليها بالشكل المناسب.
وعلى صعيد آخر، نفى بيسكوف صحة معطيات في شأن مكالمة هاتفية أجراها الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين ليعرب له عن ثقته بالفوز في سباق التسلح إذا ما اندلع بين البلدين مجددا. وكانت وسائل إعلام أميركية نقلت عن مسؤولين لم تذكر اسميهما، أن ترمب قال لبوتين خلال اتصال هاتفي بينهما في 20 مارس (آذار): «إذا أردتم سباقا للتسلح، فيمكننا فعل ذلك لكنني سأفوز». وقال بيسكوف إن هذه العبارات لم ترد في المحادثة، موضحا أن الكرملين نشر بيانا حول المكالمة تضمن «كل ما اعتبرنا الحديث عنه ضروريا»، لافتا إلى أن «الجانب الروسي لم يفصح أبدا عن محتوى المحادثات الخاصة بين رؤساء الدول».
وفي أمر متصل قال الكرملين أمس الجمعة إنه يدرس القرار الذي اتخذته شركات توفير خدمة القنوات التلفزيونية المدفوعة (قنوات الكابل) والخدمات التلفزيونية الرقمية في الولايات المتحدة بوقف بث قناة «آر تي» الروسية في واشنطن، مضيفا أن هذه الخطوة تبدو غير قانونية وتنطوي على تمييز. ووصفت أجهزة المخابرات الأميركية القناة التي يدعمها الكرملين بأنها «آلة دعاية روسية تديرها الدولة» واتهمتها بالمساهمة في حملة روسية للتدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية وهو ما تنفيه موسكو. وقال بيسكوف إن المحامين يدرسون القضية، وإن الكرملين يشعر بقلق شديد بسبب الطريقة التي يعامل بها الإعلام الروسي في الولايات المتحدة، مضيفا: «إنه اتجاه مقلق جدا. إنهم ينتهجون سياسة تمييزية تجاه الإعلام في الولايات المتحدة وربما ينتهك ذلك القانون ويتناقض مع جميع التصريحات بشأن حرية التعبير التي نسمعها ليلا نهارا من واشنطن». وقالت مارجريتا سيمونيان رئيسة تحرير «آر تي» مساء الخميس على مواقع التواصل الاجتماعي إنه جرى «وقف بث» القناة في واشنطن بسبب وضعها باعتبارها «عميلا أجنبيا».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».