الإعلام المصري في الانتخابات الرئاسية... سند الدولة

توحد لحشد الناخبين ضد دعوات المقاطعة

جانب من تغطية قناة {أون اي} للانتخابات
جانب من تغطية قناة {أون اي} للانتخابات
TT

الإعلام المصري في الانتخابات الرئاسية... سند الدولة

جانب من تغطية قناة {أون اي} للانتخابات
جانب من تغطية قناة {أون اي} للانتخابات

توحد الإعلام المصري بجميع أصنافه وفئاته في الانتخابات الرئاسية المصرية في حشد وتشجيع الناخبين على الإدلاء بأصواتهم. وواظبت قنوات فضائية مصرية حكومية خصوصاً على بث أغاني الانتخابات الحماسية التي تدعو إلى النزول والمشاركة في الآونة الأخيرة على فترات قصيرة، إلى جانب اصطفافها ضد دعوات المقاطعة التي أطلقتها جماعة الإخوان، بينما تشابهت مانشيتات معظم الصحف المصرية المحلية خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، التي حملت شعارات حماسية أثنت على المشاركة والوقوف إلى جانب مصر. وقال خبراء إعلام إن دعوات الحشد والتأييد سيطرت على المشهد الإعلامي، متفوقة على الأداء المهني والإخباري، وأوضحوا أن المؤسسات الإعلامية في مصر اكتسبت خبرات من تغطية الاستحقاقات الانتخابية السابقة.
تقول الدكتورة ليلى عبد المجيد، عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة لـ«الشرق الأوسط»: «الإعلام المصري نجح في نقل وقائع وسير العملية الانتخابية وفقاً لإمكانياته المتاحة، إذ دفعت كل قناة فضائية بشبكة مراسلين في معظم محافظات الجمهورية لمتابعة عمليات الاقتراع وحجم المشاركة».
وأضافت: «الاستحقاقات الانتخابية السابقة أكسبت المؤسسات الإعلامية خبرة وتطوراً في كيفية التغطية الانتخابية»، ولفتت إلى أن «الأسلوب التقليدي في التغطية كان بارزاً، من حيث الاستوديوهات التحليلية الطويلة جداً».
وطالبت عبد المجيد المؤسسات الإعلامية بضرورة «تدريب المراسلين على مثل هذه الأحداث السياسية الكبرى لأنها متكررة، بعد ملاحظة ضعف بعض المراسلين من ناحية تقديم الانطباعات الشخصية، والإجابة عن أسئلة المشاهدين، وتوجيه أسئلة جيدة وموضوعية للضيوف».
وعن بعض أخطاء وسائل الإعلام المحلية المصرية في التغطية الإعلامية، قالت: «كان التعميم والتهويل من أبرز الأخطاء التي تم رصدها في أداء البعض، بينما اتسم أداء آخرين بالتحفظ في استخدام التعبيرات، حول نسب المشاركة والإقبال على التصويت مثلاً»، موضحة أن نسبة «الحذر في الأداء الإعلامي بهذه الانتخابات كان أفضل من انتخابات 2014».
وتابعت: «بعض المنصات الإعلامية التي وقعت في فخ التعميم زعمت أن الشباب كان حضورهم باهتاً، لكنهم كانوا موجودين باللجان، لذلك نطالب الهيئة الوطنية للانتخابات بإصدار بيانات تفصيلية حول الفئات المشاركة وأعمارهم، وإجراء تحليلات دقيقة للمشهد. قد يبدو أن نسبة الشباب قليلة، لكنها أفضل بكثير من الانتخابات التي تمت قبل ثورة 25 يناير 2011».
وعن تصريحات بعض المسؤولين المثيرة للجدل في قنوات فضائية مصرية في أثناء الانتخابات، مثل واقعة تصريح محافظ كفر الشيخ، التي أطلق فيها ألفاظ غير لائقة على الهواء مباشرة ضد المواطنين الذين لم يدلوا بأصواتهم، قالت عبد المجيد: «يجب أن يخضع هؤلاء المسؤولين لتدريبات مكثفة لتعلم مهارات الاتصال مع الرأي العام، والتحدث في وسائل الإعلام».
ورصدت «الشرق الأوسط» تشابهاً واضحاً في أسلوب وعناوين ومحتويات المواد الإخبارية والإعلامية بقنوات «دي إم سي» و«أون لايف» و«إكسترا» و«النيل الإخبارية»، إلى جانب القنوات العامة والترفيهية الأخرى، التي برزت فيها دعوات الحشد والنزول إلى لجان التصويت. واطلعت على رسائل المراسلين بالقنوات الفضائية، وبعض الصحف والمواقع الإخبارية، وكان معظمها متشابهاً يدور حول كثافة التصويت، وزيادة الإقبال على اللجان، بالإضافة إلى التركيز على «هزيمة دعوات المقاطعة» و«انتصار الشعب المصري على المتآمرين»، مثل مانشيتات جريدة «الوطن» و«الدستور» و«البوابة» و«الأهرام» و«الجمهورية» و«الأخبار».
من جهته، قال الدكتور حسن عماد مكاوي، رئيس لجنة تقييم الأداء الإعلامي لمتابعة الانتخابات الرئاسية بالهيئة الوطنية للإعلام، إن «اللجنة لم ترصد أي تجاوزات أو خروقات من قبل وسائل الإعلام المتابعة للعملية الانتخابية، سواء الإعلام الخاص أو الإعلام الرسمي»، موضحاً أن «العملية الانتخابية مرت بسلام».
وأضاف مكاوي، في تصريحات صحافية، أن لجنة تقييم الأداء الإعلامي أصدرت تقريرين عن متابعة الانتخابات، ومرحلة الدعاية التي تمت بين المرشحين إلى اللجنة العليا للانتخابات، وبصدد إصدار تقرير ثالث عن العملية الانتخابية.
وتابع مكاوي أن القنوات الفضائية والتلفزيون المصري كانوا معتدلين في تغطيتهم للعملية الانتخابية، ولم تفضل مرشحاً عن الآخر، وأعطت كل واحد منهم حقه في مرحلة الدعاية.
إلى ذلك، قال الخبير الإعلامي خالد البرماوي لـ«الشرق الأوسط»: «اتجهت وسائل الإعلام إلى حشد الناخبين وتشجيعهم على التصويت في الانتخابات الرئاسية بشكل يفوق التغطية الخبرية، مع اهتمامها بالقصص الإنسانية، وإبراز تصدر كبار السن للمشهد».
وأضاف: «لم يأخذ المشهد الانتخابي منحنى تصاعدياً بسبب ضعف المنافسة، وعدم وجود مفاجآت، ما قلل من سخونة الأجواء، بعد غياب الصراع تماماً عن العملية الانتخابية»، ولفت إلى أن «مدة التصويت التي امتدت لثلاثة أيام... سمحت للعاملين في الإعلام المحلي بجميع أقسامه (المرئي والمسموع والمطبوع) بعدم الشعور بالضغط، لأن الأجواء كانت هادئة مريحة للإعلاميين الذين كانوا مرحباً بهم جداً خلال هذه الانتخابات من رجال الدولة والمواطنين العاديين».
وتابع البرماوي: «برزت بعض القصص واللقطات وسيطرت على المشهد تماماً، مثل حفلات الرقص والغناء أمام اللجان، بجانب قصة (وليد الشريف.. الابن العاق) التي سيطرت على مواقع التواصل الاجتماعي لمدة يومين أو ثلاثة».
وأوضح البرماوي أن «الحشد كان متقدماً على المهنية خلال تغطية الإعلام المصري للانتخابات الرئاسية الأخيرة»، مشيراً إلى أن الإعلام القومي المملوك للدولة (المرئي والمسموع والمطبوع)، أحد أدواره الحشد وتوعية الناخبين، وإيصال صوت الدولة للناخبين، بجانب تقديم تسهيلات إليهم، بينما لا يكون للإعلام الخاص مصلحة في الحشد، بل يهتم بالقيمة الإخبارية، وخدمات المحتوى، التي تسهل على الناخبين التوجه إلى اللجان، وفقاً لطبيعة كل قناة، ومكان بثها وملكيتها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.