أحرقت الأهداف الستة، التي استقبلتها شباك المنتخب الأرجنتيني في المباراة الودية التي جمعته بنظيره الإسباني مساء الثلاثاء، القناعات البسيطة التي كانت لدى هذا الفريق بقدرته على المنافسة على لقب مونديال 2018، وأصبح على مدربه خورخي سامباولي أن يعيد بناءه من جديد قبل أقل من ثلاثة أشهر من انطلاق العرس الكروي الكبير.
ويبقى النجم ليونيل ميسي، الذي غاب عن ذلك اللقاء للإصابة، الناجي الوحيد من هذه الفاجعة الكروية التي أثارت انتقادات لاذعة ضد سامباولي وجهازه الفني ومعظم لاعبي المنتخب الأرجنتيني.
وقال النجم السابق للمنتخب الأرجنتيني ماريو كيمبس، الفائز ببطولة كأس العالم 1978: «يتبقى لنا أن نأمل في أن يكون ميسي بحالة جيدة في المونديال».
وخلال جزء كبير من مباراة إسبانيا كان ميسي يتابع ما يجري من مقصورة ملعب «واندا ميتروبوليتانو» بالعاصمة الإسبانية مدريد بنظرات زائغة وملامح تكسوها الجدية الشديدة مستندا بذقنه على كلتا يديه.
وبدا اللاعب الأرجنتيني الملقب بـ«البرغوث» بنظراته تلك كما لو كان يبحث عن إجابات من زملائه لما يجري على أرضية الملعب في الوقت الذي راح المنتخب الإسباني يسجل هدفا تلو الأخر.
وأكد سامباولي في المؤتمر الصحافي الذي أعقب المباراة أن ميسي نزل إلى غرفة خلع الملابس بين شوطي اللقاء وتحدث مع الفريق، ولكن لم يكشف أحد حتى الآن فحوى كلمات نجم برشلونة، التي يبدو أنها لم تؤت ثمارها بالنظر إلى النتيجة التي انتهت بها المباراة.
وعلق اللاعب والقائد السابق للمنتخب الأرجنتيني، خوان بابلو سورين، على اللقاء قائلا: «لأرجنتين ينقصها الكثير في وقت قليل».
وبدا الفوز بثنائية نظيفة الذي حققته الأرجنتين على إيطاليا يوم الجمعة الماضي بمثابة جرعة هدوء وتفاؤل حصل عليه الفريق قبل أول مبارياته في كأس العالم أمام آيسلندا ضمن منافسات المجموعة الرابعة في 17 يونيو (حزيران) المقبل.
ورغم أن إيطاليا لن تشارك في المونديال وتمر بمرحلة إعادة بناء بعد إخفاقها في التصفيات الأوروبية المؤهلة لنهائيات كأس العالم، أظهرت الأرجنتين في ذلك اليوم، الذي غاب فيه ميسي أيضا، أنها تطورت بعض الشيء وأن فريقها الحالي يختلف قليلا من الناحية الفنية عن ذلك الذي تأهل للمونديال في المرحلة الأخيرة من تصفيات أميركا الجنوبية عندما فاز على الإكوادور.
وكشفت مباراة إيطاليا أن سامباولي وجد ضالته في الدفع بأربعة مدافعين في الخط الخلفي وإشراك عدد كبير من لاعبي الوسط من أصحاب النزعة الهجومية وحارس مرمى واثق من نفسه مثل ويلفريدو كاباييرو، نجم تشيلسي الإنجليزي.
ولكن بعد أربعة أيام، أصبح كل ما سبق، وهو في الأصل لم يكن بالشيء الكثير، رمادا يتطاير.
وخرج المنتخب الأرجنتيني، بخطة فنية لا تزال قيد التجربة، لملاقاة إسبانيا بمبدأ الند للند، ولكن خطة سامباولي، التي اعتبرها بعض الجماهير والصحافيين انتحارية، أظهرت بشكل كاشف للغاية كل العيوب التي يعاني منها المنتخب الأرجنتيني.
وعلق سامباولي قائلا: «في الشوط الثاني إسبانيا صفعتنا بسبب طريقة لعبنا».
وكانت لوسائل الإعلام الأرجنتينية نصيب الأسد من الانتقادات التي تم توجيهها لسامباولي وفريقه بعد الهزيمة المذلة أمام إسبانيا في مدريد، وأجمعت معظمها على أن النتيجة كارثية.
وقال كارلوس بيلاردو، المدرب السابق للأرجنتين في مونديال المكسيك 1986: «إنه أمر صعب، سيترك أثره بكل تأكيد، أي مباراة للمنتخب يخفق فيها ستجلب معها المشكلات وخاصة إذا كانت النتيجة مثل تلك أمام إسبانيا».
ومن جانبه قال الهداف السابق للأرجنتين، جابرييل باتيستوتا: «الطريق الصحيح هو العمل على ضبط النواحي الفنية بدون الإخلال بالنظام».
وسيتعين على سامباولي ولاعبيه من الآن الاضطلاع بمهمة إعادة بناء ما أحرقته إسبانيا بأهدافها الستة في مدريد.
لكن مع انتهاء جولة اللقاءات الودية الدولية لا بد من السؤال: هل ستكون حالة المنتخبات المرشحة للتتويج بلقب مونديال روسيا مشابهة لما قدمته في خلال مبارياتها الودية؟.
فخلافا لما قدمته البرازيل وإسبانيا من انطباع جيد، تغرق الفرق الكبرى الأخرى في بحر الشكوك.
وربما يكون الانتصار العريض على الأرجنتيني قد دفع إسبانيا لتصدر الترشيحات، خاصة أن الفوز جاء بعد تعادل عالي المستوى ضد ألمانيا (1 - 1). ولم تتعرض إسبانيا لأي خسارة خلال 18 مباراة منذ تعيين المدرب خولين لوبيتيغي في صيف 2016. وهي أرقام تؤهلها لتكون من بين أبرز المرشحين الصيف المقبل!.
في المقابل، أظهرت البرازيل صلابتها من دون نجمها نيمار الذي يتعافى من كسر في مشط قدمه. بعد فوزها السهل على روسيا 3 - صفر، انتزعت انتصارا آخر ثأريا أمام ألمانيا في برلين (1 - صفر)، ملحقة الخسارة الأولى ببطلة العالم منذ نصف نهائي كأس أوروبا 2016، وإلى حد كبير بفضل قوتها الجماعية. وعلق المدرب تيتي قائلا: «بالطبع افتقدنا إلى لاعب هام، نيمار، لكننا نتأقلم من دونه، وهذا تطور يظهر قوتنا». اعتمد تيتي على نجوم آخرين مثل كوتينيو، وويليان أو غابرييل خيسوس لصناعة الفارق في غياب نجم باريس سان جيرمان الفرنسي. بالطبع لن يمحو هذا الفوز المعنوي السقوط المذل أمام ألمانيا 1 - 7 في نصف نهائي مونديال 2014 في عقر دار البرازيل، علما بأن ألمانيا غاب عنها سبعة لاعبين أساسيين. لكن البرازيل انطلقت في رحلة تعويض الخيبة على طريق النجمة السادسة في المونديال.
سامباولي يسابق الزمن لإعادة بناء منتخب الأرجنتين المنهار
إسبانيا والبرازيل الأكثر استفادة من جولة المباريات الودية الدولية استعداداً للمونديال
سامباولي يسابق الزمن لإعادة بناء منتخب الأرجنتين المنهار
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة