المناوشات والخلافات اليومية التي يشهدها الزوجان منذ اليوم الأول لارتباطهما تتناولها مسرحية «60 سنة و70 يوم»، من كتابة وإخراج غبريال يمين وبطولة الثنائي رولا بقسماتي وميشال أبو سليمان. وعلى الرغم من عنوانها الذي يعرفه اللبنانيون أبا عن جد كونه يشكل مقولة رائجة يستخدمونها عندما يريدون التخلص من حالة أو موقف ما إلى غير رجعة، إلا أنّها تعكس بأرقامها قصة حياة زوجية دامت 60 سنة و70 يوما مع كل ما يتخلّلها من معارك يومية تغذيها بطريقة إيجابية. فهي تدور في فلك الحب والأولاد والجيران وثرثرات المتزوجين النابعة من حالات ملل متكررة، نستنتج في نهاية المسرحية بأنّها تشكل تلقائيا عنوانا رئيسيا لرابط حب قوي يجمع ما بين الطرفين.
ويأخذ هذا العمل المسرحي على عاتقه تفسير معنى الزواج من خلال رسائل عميقة تلامس مشاعرنا عن قرب، يترجم على خشبة المسرح بأداء عفوي وطبيعي لبطليها. فتقدم خلاله رولا بقسماتي دورها المسرحي الأول الذي ينبئنا بولادة ممثلة جديدة في هذا المجال، بحيث لم يتردد غبريال يمين في الاستعانة بها، لأنّه وجد لديها كما يردد نواة فنانة مسرحية يتوقع لها مستقبلا واعدا في هذا المجال.
أمّا ميشال أبو سليمان الذي نعرفه ممثلاً ومعلقاً تلفزيونياً ساخراً، فنراه يتحول إلى مسرحي من الطراز الأول، معجونا بنص من نوع السهل الممتنع للمؤلف، استطاع أن يمتصه إلى حدّ الذوبان. فيمحي من ذاكرتنا مشوارا عمره 20 سنة أمضيناه معه في أعمال الشانسونييه التي اشتهر بها.
23 مشهدا تتوالى على خشبة المسرح ضمن إيقاع سريع وفي مدة لا تتجاوز الـ70 دقيقة، تدور في ديكور واحد بطله السرير الزوجي وطاولة وكرسيان، هي كافية لتأخذنا في مشوار اسكتشات طريفة وساخرة وهادفة معا. فهي تحثك على متابعتها باستمرار ضمن قالب مسرحي يشبه إلى حد كبير التصوير التلفزيوني. فتتحوّل عيناك إلى عدسات تصوير تلتقط المشهد تلو الآخر بسلاسة ومن دون استئذان لتخزنها في ذاكرتك المشتاقة لأعمال تنشط فكرك.
وضمن حركة مسرحية ترتكز على قفشات لا تنتظرها ورموز تستمتع في تفكيكها، ستسمح لك في التعرف على معاني الزواج من بابه العريض، فتقرأ رسائل مبطنة تتضح صورتها أمامك في الدقائق العشر الأخيرة من المسرحية تفتح عينيك على واقع تجهله في هذه العلاقة، ويمكن اختصاره بعبارة «أنت متزوج إذا أنت محظوظ»، لتقلب كل مفاهيم الزواج التقليدية رأسا على عقب وتتحول إلى فترة ذهبية عليك الاستفادة منها.
ويطل غبريال يمين من خلال قلمه اللاذع والصّادق معا على الدور الحقيقي الذي يلعبه كل من المرأة والرجل في هذه العلاقة. فصحيح أنّها تشكل عنصرا أساسيا فيه كونها تمسك بعصا الزواج من وسطه، كما تلعب فيه دور الأم والصديقة والحبيبة والعشيقة، وما إلى هناك من أدوار مطلوبة منها لإنجاح هذا الزواج، إلا أنّ يمين يصرّ على ترسيخ فكرة أساسية في عقولنا تفيد بأنّ المرأة تبقى محافظة على قوتها وجمالها وشخصيتها بفضل حب زوج لا يعوّض.
«60 سنة و70 يوم» تقيّم «القفص الذهبي» بابتسامة مؤثرة
«60 سنة و70 يوم» تقيّم «القفص الذهبي» بابتسامة مؤثرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة