من شأن الاتصالات الدبلوماسية المكثفة الجارية بين حركة طالبان الأفغانية، وبين بعض البلدان الإقليمية، من بينها إيران، والصين، وروسيا، أن تضفي قدراً من الشرعية على الميليشيات الدينية داخل المجتمع الأفغاني، فضلاً عن الصعيد الإقليمي.
ويقول المحللون إنه من المرجح للاتصالات التي جرت مؤخراً بين الدول الإقليمية البارزة وبين حركة طالبان الأفغانية، أن تقلل من اعتماد الميليشيا الدينية المسلحة على باكستان.
وعلى صعيد متصل، وفي ظل الاتصالات الدبلوماسية الجارية من جانب الصين وروسيا وإيران مع حركة طالبان الأفغانية، فهناك فرصة كبيرة تسمح بظهور الميليشيات الدينية ككيان سياسي يحظى بالمشروعية على المسرح المحلي الأفغاني، وعلى المستوى الإقليمي كذلك.
وكانت هناك دعوة موجهة من قبل الرئيس الأفغاني أشرف غني، خلال الشهر الماضي، إلى حركة طالبان الأفغانية لإجراء محادثات مباشرة مع الحكومة الأفغانية.
وجاء ذلك في أعقاب وزير خارجية باكستان، خواجة آصف، وإعرابه عن استعداد حكومة بلاده التوسط بين الحكومة الأفغانية وبين حركة طالبان، معلناً في الوقت نفسه أن إسلام آباد تلتزم مسافة سياسية واحدة إزاء الحكومة الأفغانية، وحركة طالبان، باعتبارهما كيانين سياسيين شرعيين. ورغم أن الاتصالات الجارية بين حركة طالبان الأفغانية والحكومة الروسية ليست سراً، لم يقر المسؤولون الروس العاملون في المنطقة إلا خلال الأسبوع الماضي فقط بوجود مثل هذه الاتصالات السياسية بين الطرفين. وقال المسؤول العسكري محمود شاه، وهو من رجال الاستخبارات الأفغانية المتقاعدين ومن خبراء الشأن الأفغاني البارزين: «أعلن الجانب الروسي علناً أن الأميركيين على اتصال مباشر مع حركة طالبان، وأنهم لا يحبذون اتصال أطراف إقليمية أخرى بالحركة الأفغانية المسلحة».
وبرزت الاتصالات ما بين الحكومة الإيرانية والأفغانية على سطح الأحداث مع مقتل الزعيم الأسبق لحركة طالبان، الملا أختر منصور، في غارة لطائرة أميركية مسيرة شُنت على الحدود الباكستانية الإيرانية أثناء محاولته دخول الأراضي الباكستانية عبر إيران.
وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، في تقرير لها، أن الغارة المشار إليها قد وقعت أثناء استقلال الملا منصور لسيارة أجرة انتقلت به من الحدود الإيرانية نحو مدينة كويتا الباكستانية بعد إقامة «مطولة» في إيران. وعلى نحو مماثل، صرح الخبير البارز في الشأن الأفغاني رحيم الله يوسف زاي لمراسل «الشرق الأوسط» أن الحكومة الصينية دخلت على مسار الاتصالات المكثفة مع كل من الحكومة الأفغانية وحركة طالبان و«ترغب الصين في لعب دور الوساطة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان في البلاد».
ومن شأن حالة الاتصالات الدبلوماسية المكثفة بين حركة طالبان الأفغانية وبين اللاعبين الإقليميين الرئيسيين في المنطقة، بما في ذلك إيران والصين وروسيا، أن تضفي قدراً من الشرعية السياسية على الحركة الدينية المسلحة داخل المجتمع الأفغاني، وفيما يتعلق أيضاً بالوضع الأمني الإقليمي.
نتيجة لذلك، يلقى الوجود والنشاط المتزايد لحركة طالبان على الصعيد المحلي الأفغاني المزيد من الزخم والمشروعية من قبل اللاعبين الإقليميين في المنطقة، وكما أردف الخبير رحيم الله يوسف زاي قائلاً: «يرغب الجميع الآن في التحدث إلى حركة طالبان وزيارة مقرهم في العاصمة القطرية الدوحة». ومن المثير للاهتمام، أن الولايات المتحدة الأميركية التي تلقي باللائمة على الأطراف الإقليمية لإجراء الاتصالات الدبلوماسية العلنية مع الحركة الأفغانية المسلحة، كانت على اتصال بالحركة نفسها، ومنذ فترة ليست بالقصيرة.
وكان أول اتصال معروف بين الحركة المسلحة، وبين الاستخبارات الأميركية، من خلال أحد قادة «طالبان» من المقربين للزعيم الأسبق للحركة الملا محمد عمر، الذي عمل كدبلوماسي للحركة أثناء سيطرتها على السلطة في كابل. ونتيجة لذلك، عُقدت جلسة محادثات مباشرة بين الاستخبارات الأميركية وعناصر بارزة من الحركة في ألمانيا عام 2012.
الاتصالات بين «طالبان» وقوى إقليمية تقلل من اعتماد الحركة على باكستان
الاتصالات بين «طالبان» وقوى إقليمية تقلل من اعتماد الحركة على باكستان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة