البرلمان التونسي يصوت ضد تمديد مهمة هيئة للعدالة الانتقالية

بغالبية 68 صوتاً وامتناع شخصين

TT

البرلمان التونسي يصوت ضد تمديد مهمة هيئة للعدالة الانتقالية

صوت البرلمان التونسي، في وقت متأخر ليلة أول من أمس، على عدم تمديد مهلة «هيئة الحقيقة والكرامة»، المكلفة بـ«كشف حقيقة انتهاكات حقوق الإنسان» بين 1955 و2013، ومحاسبة المسؤولين عنها، حسبما أعلنت عنه وكالة الصحافة الفرنسية أمس.
وبعد جلستين شهدتا توترا السبت والاثنين الماضيين، رفض النواب بغالبية 68 صوتا تمديد تفويض الهيئة، الذي سينتهي مبدئيا في31 مايو (أيار) المقبل، وامتناع شخصين، وعدم تصويت أي نائب لصالح التمديد، بحسب ما أعلن البرلمان على موقع «تويتر».
وغادر العديد من النواب، من بينهم أعضاء من حزب النهضة (إسلامي) الجلسة قبل التصويت، اعتراضا على الشوائب فيه بحسب تعبيرهم. فيما نددت جهات عدة بالتصويت، بينما اعتبرت الهيئة أنها ليست بحاجة إلى موافقة البرلمان لمواصلة عملها.
وقبل التصويت، شدد الباحث إريك غوب على أنه «منذ عام 2014، شهدت الحكومة عودة كبيرة لنخب النظام السابق، ويبدو من الصعب على أشخاص قد يجدون أنفسهم موضع تساؤلات، تقبل عمل الهيئة»، مشددا على أنها يمكن أن تفتقر إلى التمويل إذا لم تحصل على تفويض من البرلمان.
في فبراير (شباط) الماضي، أعلنت الهيئة أنها قررت بنفسها تمديد عملها لغاية نهاية العام الجاري، مبررة ذلك بعدم التعاون الكافي معها من جانب «جزء كبير من مؤسسات الدولة».
وكانت منظمات عدة قد دعت الأسبوع الماضي إلى إفساح المجال أمام الهيئة لإنهاء عملها، حيث اعتبرت منظمة «هيومان رايتس ووتش» أن رفض البرلمان التمديد للهيئة سيعني «تخريب عملية العدالة الانتقالية الهشّة، وضرب حقوق الضحايا في الحقيقة والعدالة، والتعويض عرض الحائط».
وتتكفل هيئة الحقيقة والكرامة بـ«كشف حقيقة انتهاكات حقوق الإنسان» الحاصلة منذ الأول من يوليو (تموز) 1955، أي بعد نحو شهر على حصول تونس على الحكم الذاتي من الاستعمار الفرنسي، وحتى 31 من ديسمبر (كانون الأول) 2013، و«مساءلة ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات وتعويض الضحايا، ورد الاعتبار لهم».
وتشمل هذه المرحلة فترات حكم الرئيس التونسي الأول الحبيب بورقيبة، والرئيس زين العابدين بن علي، وكذلك بعض الحكومات بعد ثورة 2011 التي أطاحت ببن علي.
وكانت الهيئة قد رفعت ملفها الأول أمام محكمة مختصة في الثاني من مارس (آذار) الحالي، ويشمل 14 حالة إخفاء قسري. وتلقت منذ بدء عملها أكثر من 62 ألف ملف بانتهاكات مفترضة لحقوق الإنسان. كما استمعت إلى نحو 50 ألف شخص.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».