قرعت طبول الحرب في المسرح الأثري الروماني بمدينة الجم التونسية وتحوّلت في فترة زمنية وجيزة إلى ساحة لنزال المجالدين وتهيأ الفرسان الأقوياء بملابسهم الرومانية القديمة للمبارزة بالسيوف بما أوحى أنّ حياة العهد الروماني قد استعادت نشاطها بعد أكثر من ألفي عام.
المناسبة كانت فعاليات «الأيام الرومانية بالجم 2018» في دورتها الثالثة التي دارت من 23 إلى 25 مارس (آذار) الحالي، ودارت المنازلات في أجواء حماسية قسمت الجمهور إلى قسمين يدعم كل منهما أحد المنافسين ممّا أضفى على التظاهرة أجواء احتفالية.
وفي هذا الشأن، قال رضا حفيظ رئيس جمعية «نحن نحب الجم» التي بادرت بتنظيم هذه التظاهرة الطريفة، «إن الأيام الرومانيّة تضمنت عدداً من الورشات المختصة في الفسيفساء والطين والرسم، وورشة للحلاقة الرومانية وأطواق الورود وصناعة الخوذة الرومانية فضلاً عن الألعاب التراثية ومعرضا للفسيفساء وآخر لمعدات وأسلحة المجالدين الرومان، وهو ما أعاد أجواء الحياة الرومانية إلى المدينة». واعتبر أن العودة بالحاضرين إلى العهد الروماني تتطلّب بحوثا علمية دقيقة حول طرائق العيش وأجواء المبارزة بالسيوف وكل مناهج الحياة في تلك الحقبة التاريخية.
وعن مدى تأثير هذه الأيام الرومانية على الناشئة وإمكانية الابتعاد بهم عن هويتهم الفعلية، قال حفيظ: إن «المسألة ليست معقدة إلى هذا الحد، بل هي تتخذ طابع الطرافة وتحاول تقديم دعاية سياحية لمدينة الجم التي تقدم للعالم ثاني أكبر مسرح روماني في العالم والأضخم في القارة الأفريقية على حد تعبيره.
وخلال اليوم الختامي، لم تكن طبول الحرب لتقرع لوحدها بل كانت مصحوبة بلوحة راقصة لفرقة الفنانة التونسية سهام بلخوجة، علاوة على موسيقى وأزياء تحيل على أفراح العهد الروماني تحت أعين القياصرة وهتاف الجماهير الذين غصّت بهم مدارج المسرح الأثري.
ووفق عدد من المصادر التاريخية، فقد أُسّس قصر الجم هذا المعلم التّاريخي على يد القائد الروماني «جورديان الثاني» الذي أعلن انتفاضة على الحاكم الروماني في إيطاليا في تلك الحقبة، مما دفعه إلى تشييد قصر عملاق متميز منافسا بذلك قصر «الكوليزي» في روما وكان ساحة لمصارعة أسرى الحرب مع الأسود والنمور في العهد الروماني.
وأدرج القصر الأثري بالجم منذ سنة 1979 على لائحة مواقع التراث العالمي من طرف اليونيسكو، وهو يتسع اليوم لنحو 40 ألف متفرج وتنظّم على مدارجه أحلى سهرات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية.
المسرح الاثري في الجم