إردوغان: عملية «غصن الزيتون» ستسيطر على تل رفعت «خلال وقت قصير»

طالب الأميركيين بتسليم منبج إلى «أصحابها الحقيقيين»

دبابة تركية خلال دورية في مدينة عفرين أول من أمس السبت (أ.ب)
دبابة تركية خلال دورية في مدينة عفرين أول من أمس السبت (أ.ب)
TT

إردوغان: عملية «غصن الزيتون» ستسيطر على تل رفعت «خلال وقت قصير»

دبابة تركية خلال دورية في مدينة عفرين أول من أمس السبت (أ.ب)
دبابة تركية خلال دورية في مدينة عفرين أول من أمس السبت (أ.ب)

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، مجدداً، أن عملية «غصن الزيتون» العسكرية لن تقتصر على عفرين التي انتهت السيطرة عليها أول من أمس، بل ستمتد إلى منبج وإدلب وغيرهما من المناطق في الشمال السوري. وكشف إردوغان عن أن 302 من عناصر «الجيش السوري الحر» قتلوا خلال عملية «غصن الزيتون» التي نفذها الجيش التركي وفصائل سورية معارضة ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية في عفرين بريف حلب. وقال إن بلاده ستحقق أهداف عملية «غصن الزيتون» من خلال السيطرة على مدينة تل رفعت بريف حلب «خلال وقت قصير» أيضاً.
ودعا، في كلمة خلال مؤتمر لفرع حزب العدالة والتنمية الحاكم في ولاية طرابزون شمال شرقي تركيا، أمس، الولايات المتحدة إلى تسليم السيطرة على منبج من «وحدات حماية الشعب» الكردية إلى «أصحابها الحقيقيين»، وأكد أنه في حال عدم إخراج «الوحدات» الكردية من منبج، فإن تركيا ستضطر لتحقيق ذلك بالتعاون مع سكان المنطقة.
وكان إردوغان قال أول من أمس إن «إخوتنا يبعثون برسائل يطالبون فيها تركيا بإحلال الأمن والاطمئنان والاستقرار، بدءاً من تل رفعت ومنبج وتل أبيض ورأس العين وكل المناطق هناك... ولن نقف متكوفي الأيدي تجاه نداءاتهم وسنلبي طلبهم». وجاءت تصريحات إردوغان عقب مظاهرة نظمها أهالي تل رفعت بمحافظة حلب، شمال سوريا، تطالب قوات «غصن الزيتون» بتحرير مدينتهم من أيدي «الوحدات» الكردية.
وفي خطاب آخر أمس في ولاية جيرسون بشمال البلاد، أشار إردوغان إلى أنه تم «تحييد» 3747 مسلحاً منذ انطلاق عملية «غصن الزيتون» في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي. ووجه انتقادات حادة إلى حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، بسبب مواقفه السابقة من «الجيش السوري الحر» حيث زعم الحزب أن فصائل «الحر» تضم من بين أفرادها «عناصر إرهابية».
وقال إردوغان مخاطبا منتقدي «الجيش الحر»: «الجيش الحر الذي لا يعجبكم فقد 302 من عناصره في عملية غصن الزيتون»، متهماً بعض الأطراف (لم يسمها) بتقديم الدعم لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية.
ويهاجم إردوغان والمسؤولون الأتراك واشنطن باستمرار بسبب دعمها المالي والعسكري لـ«الوحدات الكردية» التي تعتبرها أنقرة امتداداً لـ«حزب العمال الكردستاني»، المصنف تنظيماً إرهابياً.
في المقابل، اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» قوات الأمن التركية بالقيام، بشكل روتيني، بترحيل مئات، وأحياناً آلاف، من طالبي اللجوء على الحدود بين تركيا وسوريا، إلى محافظة إدلب السورية التي تمزقها الحرب. وأشارت إلى أن قوات حرس الحدود التركية أطلقت النار على طالبي اللجوء الذين حاولوا دخول تركيا عبر طرق التهريب، وأوقعت بينهم مصابين وقتلى، ورحّلت إلى إدلب السوريين الذين وصلوا حديثاً إلى مدينة هطاي التركية، على بعد 30 كيلومتراً من الحدود السورية.
وأشارت المنظمة إلى 10 حوادث وقعت بين سبتمبر (أيلول) الماضي وأوائل مارس (آذار) الجاري أطلق خلالها حرس الحدود التركي النار على سوريين أثناء محاولتهم العبور، وقتلوا 14 شخصاً، بينهم 5 أطفال، وأصابوا 18 آخرين. كما وقع مدنيون في إدلب في مرمى النيران المُتبادلة بين القوات الكردية والتركية خلال عملية «غصن الزيتون» في عفرين.
وتنفي تركيا هذه التقارير وتؤكد احترامها مبدأ عدم الإعادة القسرية. ورداً على الاتهامات الموجهة إلى تركيا، التي تستضيف نحو ثلاثة ملايين ونصف المليون لاجئ سوري، بعثت المديرية العامة لشؤون الهجرة التابعة لوزارة الداخلية التركية لـ«هيومن رايتس ووتش» بياناً مطولاً قالت في جزء منه إنه «مع الحفاظ على أمن الحدود ضد المنظمات الإرهابية، تواصل تركيا قبول السوريين المحتاجين القادمين إلى الحدود، وعدم إطلاق النار أو استخدام العنف ضدهم». وأضاف البيان أن المديرية سجلت 510 آلاف و448 سورياً قدموا عبر البوابات الحدودية في عام 2017 كما سجلت منذ بداية العام الجاري 91 ألفاً و866 سورياً ووفرت لهم حماية مؤقتة وأن الادعاءات التي تشير إلى عدم تسجيل السوريين غير صحيحة.
في سياق متصل، نفى المتحدث باسم الخارجية التركية حامي أكصوي، تقارير عن استهداف قوات الجيشين التركي و«السوري الحر»، المشاركة في «غصن الزيتون»، مناطق أثرية وكنيسة بمنطقة عفرين. وكذّب أكصوي، في بيان مكتوب، الأنباء التي تناقلتها وسائل إعلام حول قصف طائرات تركية موقع «براد» الأثري جنوب مدينة عفرين، وكنيسة «جوليانوس» التاريخية الموجودة ضمنه. وأكد المتحدث التركي أن المقاتلات التركية لم تنفذ أي غارة جوية على المنطقة، مشيراً إلى أن الكنيسة سبق أن تعرضت لأعمال تخريب من قبل مجموعات مسلحة عام 2013. وهي معلومة «يمكن التأكد من صحتها بكل سهولة من مصادر عدة».
وأضاف أكصوي أن اتهام بلاده باستهداف الآثار والكنيسة، يصب في إطار سلسلة من «الأخبار الكاذبة» التي تروجها وسائل إعلام أجنبية ضد تركيا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».