تكتلات التصويت في الأرياف تتفوق على المدن

نسب مشاركة القرى في «البرلمانية» أكثر من «الرئاسية»

لافتات تأييد السيسي منتشرة في معظم المدن المصرية
لافتات تأييد السيسي منتشرة في معظم المدن المصرية
TT

تكتلات التصويت في الأرياف تتفوق على المدن

لافتات تأييد السيسي منتشرة في معظم المدن المصرية
لافتات تأييد السيسي منتشرة في معظم المدن المصرية

حجم الدعاية الانتخابية البارز في المدن المصرية الكبرى بالانتخابات الرئاسية الجارية، لا يعكس بشكل دقيق نسب التصويت، وتكتلات الناخبين في مصر، فبينما تتركز معظم الحملات الدعائية للانتخابات الرئاسية على المناطق الحضرية مثل المدن والمراكز، في الدلتا وصعيد مصر، ومدن القاهرة الكبرى، فإن «الريف المصري» يمثل الكتلة التصويتية الأكبر، متفوقاً على المدن رغم أن حجم الدعاية الانتخابية به ضعيفة جداً. التمييز الدعائي بين الريف والحضر، يعكس مدى اهتمام رجال الأعمال والسياسيين في المدن بالانتخابات الرئاسية، عكس المناطق الريفية التي تهتم أكثر بالانتخابات البرلمانية؛ إذ يتبارى كبار رجال العائلات، والقيادات المحلية، في إعلان تأييدهم للمرشحين، الذين يزيد عددهم في بعض الأحيان على 20 مرشحاً لكل دائرة انتخابية.
ويقول الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، عن هذه الفروق: «عدد سكان الريف المصري يُمثلون 58 في المائة من تعداد السكان، بينما يمثل سكان الحضر 42 في المائة، وبالتالي فإن نسبة التصويت في الانتخابات البرلمانية للريف أكثر من الحضر». ولفت إلى أن «مرشحي الانتخابات البرلمانية في المدن، يعتمدون على الدعاية الإلكترونية؛ لأنهم يفتقدون التواصل المجتمعي الذي يحظى به أهل الريف».
وأضاف صادق لـ«الشرق الأوسط»: «أهل الريف يحظون أيضاً بتربيطات عائلية وقبلية، ويستمعون أكثر لكبرائهم في التوجيه لمرشح معين، وبالتالي من الممكن أن نجد قرية بأكملها تعطي صوتها لمرشح واحد فقط في الانتخابات البرلمانية، أما في الرئاسية يأتي دور المحليات والأحزاب في الحشد الجماهيري للمرشح، إلا أنها لا تحظى بنسب المشاركة المرتفعة مثل البرلمانية».
وتابع: «صادق»: «الريف المصري محافظ اجتماعيا على عاداته وتقاليده، أكثر من أهل الحضر، وله ظروفه الاجتماعية والاقتصادية وأساليبه الخاصة في اختيار المرشحين البرلمانيين، أبرزها خدمة المركز أو القرية التابع له، وبالتالي فإن الانتخابات الرئاسية لا تعنيه بالشكل الذي تمثله البرلمانية، لأنه ينظر إلى الخدمات الخاصة التي تهمه في المقام الأول عن الخدمات العامة التي تمثلها الدولة.
وأوضح، أن رجال الأعمال في الحضر، تربطهم علاقات مباشرة بالحكومة، ويهمهم في المقام الأول مسايرة أعمالهم؛ ولذلك يلجأون إلى تعليق لافتات التأييد، وينظمون الكثير من المؤتمرات للحشد الجماهيري.
الأساليب الترويجية للانتخابات الرئاسية المصرية، التي رصدتها «الشرق الأوسط»، لم تقتصر على اللافتات فقط، بل شملت لمسات تكنولوجية أيضاً؛ إذ يتوسط الميدانين الشهيرين في وسط القاهرة (التحرير، ورمسيس) شاشتا عرض، يُقدمان على مدار اليوم مادة مصورة وأغاني وطنية، وعرضاً لأهم إنجازات الرئيس السيسي. في المقابل، تختفي هذه المشاهد من القرى والنجوع المصرية، حيث تقتصر الدعاية بها على لافتات صغيرة، مُعلقة دائماً على مداخل القرى فقط، وربما صور صغيرة على أعمدة الكهرباء. ويبلغ من لهم حق التصويت في الانتخابات الحالية نحو 59 مليون ناخب.
من جهتها، قالت الدكتورة هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع، بجامعة بنها، إن «أهل الحضر يختارون مرشحهم في الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية، عن طريق آرائهم وقناعاتهم الشخصية فقط؛ نظراً للوعي السياسي الذي يحظون به بسبب التعليم والثقافة، أما في الريف فيتحركون غالباً على شكل كتل لتأييد مرشح بعينه، بناءً على توصيات أو توجيهات من كبار العائلات الموجودة، أو بناءً على خدمات تخص القرية نفسها؛ وهو ما يعزي السبب إلى اختلاف الدعاية وشكل التصويت في الريف عن الحضر».
وأضافت منصور لـ«الشرق الأوسط»: «أهل الريف يهمهم في المقام الأول الخدمات المقدمة لهم، من صرف صحي، ومياه شرب، وغاز طبيعي، وكهرباء، وغيرها، وبالتالي فإن نسبة مشاركتهم في الانتخابات البرلمانية أكبر من الرئاسية؛ لأنهم ينظرون إلى أن المرشح البرلماني أقرب لهم وأعلم بمشكلاتهم عن الرئاسي، وبالتالي فإن مشهد الدعاية البرلمانية يحظى بنسبة كبيرة في القرى عن الحضر».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».