القاهرة: إلغاء حكم بتغريم مبارك في قضية «قطع الاتصالات»

TT

القاهرة: إلغاء حكم بتغريم مبارك في قضية «قطع الاتصالات»

قضت المحكمة الإدارية العليا، أمس، بإلغاء الحكم الصادر من القضاء الإداري الذي تضمن تغريم الرئيس الأسبق حسني مبارك، ورئيس وزرائه أحمد نظيف، ووزير داخليته حبيب العادلي، (متضامنين فيما بينهم) مبلغ 540 مليون جنيه لصالح الدولة، على خلفية الأضرار التي تسبب فيها قطع خدمات الاتصالات الجوالة وشبكة الإنترنت أثناء اندلاع ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، في وقت أجرى فيه الاتحاد الأوروبي تعديلاً على لائحة تجميد أرصدة مبارك وعدد من رموز نظامه. وكان مبارك ونظيف والعادلي تقدموا بطعون على حكم القضاء الإداري، وطالبوا فيها بإلغاء الحكم بتغريمهم، وصدر الحكم أمس، نهائياً وباتاً بقبول الطعن. وسبق لمحكمة القضاء الإداري (أول درجة) أن قضت في أواخر شهر مايو (أيار) 2011 بإلزام مبارك والعادلي ونظيف، بدفع تعويضات مالية قدرها 540 مليون جنيه لصالح الدولة، إثر الأضرار التي تسببوا فيها بقطع خدمات الاتصالات الجوالة وشبكة الإنترنت إبان الثورة.
ووزعت المحكمة مبلغ التعويض بين الثلاثة، على أن يتحمل العادلي النصيب الأكبر بمقدار 300 مليون جنيه، يليه مبارك 200 مليون جنيه، وأخيراً نظيف بمبلغ 40 مليون جنيه، واشترطت المحكمة أن يدفعوا المبلغ من أموالهم الشخصية الخاصة لصالح الخزانة العامة للدولة. وكانت هيئة المفوضين بالمحكمة الإدارية العليا أصدرت تقريراً بالرأي القانوني في الطعون المقدمة من الثلاثة على حكم القضاء الإداري، أوصت فيه بإلغاء حكم القضاء الإداري في ضوء ما اعتبره التقرير «أن حكم أول درجة قد خرج عن نطاق طلبات مقيمي الدعوى الأصلية بما يجعله باطلاً بطلاناً أساسياً»، موضحة أن مقيمي الدعوى لم يطالبوا بتعويض للخزانة العامة للدولة، حيث لا صفة لهم في ذلك، وإنما جاءت طلباتهم الختامية بتعويضات شخصية لهم جراء «الأضرار المادية والأدبية التي أصابتهم من وراء قرار قطع الاتصالات».
في سياق قريب، نشرت الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي في بروكسل، تعديلاً على لائحة التدابير التقييدية، التي أعلن عنها في 2011 ضد نظام الرئيس الأسبق مبارك، وشملت تجميد أرصدة مالية وحسابات وحظر سفر على أشخاص من بينهم عائلة مبارك ووزراء ومسؤولين في نظامه.
وشمل التعديل حذف أسماء 6 أشخاص؛ أبرزهم أحمد عز أمين التنظيم السابق بالحزب الوطني (المنحل)، وإدخال بعض البيانات على الأسباب التي تتعلق بوجود بعض الأسماء في اللائحة، ومنهم سوزان ثابت قرينة الرئيس الأسبق، وزوجات نجليها علاء وجمال، وغيرهم.
وقالت الجريدة إنه جرى إجراء التعديل مع مراعاة اللائحة 270 لعام 2011 التي تضمنت التدابير التقييدية ضد أشخاص وكيانات في ضوء الوضع في مصر، ومراعاة مقترح تقدمت بعه فيديريكا موغيريني منسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي حول هذا الصدد.
ولفتت إلى أنه «جرى تعديل في أسباب إدراج 4 أسماء موجودة في اللائحة الأولى، وإزالة 6 أسماء من قائمة الأشخاص والهيئات الموجودة في اللائحة»، مشيرة إلى أنه «ينبغي إجراء التعديل بتغيير سبب إدراج كل من سوزان ثابت، لأنها متزوجة مبارك الذي يخضع لإجراءات قضائية».
ويأتي هذا التصرف على أساس اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والاسم الثاني هو «هايدي راسخ زوجة علاء النجل الأكبر لمبارك للأسباب السابقة نفسها، وينطبق الأمر على خديجة الجمال قرينة جمال مبارك، ثم إلهام شرشر، زوجة حبيب العادلي، لارتباطها بشخص خاضع للإجراءات القضائية بشأن اختلاس أموال الدولة».
وتشمل التعديلات إلغاء أسماء كل من أحمد عز وزوجاته، بالإضافة إلى أحمد المغربي وزير الإسكان الأسبق وزوجته نجلاء الجزائرلي.
وأبقت الجريدة الرسمية الأوروبية على الأسماء الأخرى في القائمة التي لا تزال تضم إلى الآن بعد التعديل 13 شخصاً من بينهم الرئيس الأسبق، والعادلي، ووزيرا التجارة رشيد محمد رشيد، والسياحة زهير جرانة وأفراد من عائلاتهم.
ودخلت هذه التعديلات حيز التنفيذ أول من أمس، بعد نشرها في الجريدة الرسمية للاتحاد، وتكون ملزمة وقابلة للتطبيق في جميع دول الاتحاد. وأفادت الجريدة بأنه «يحق لكل من ورد اسمه باللائحة ويريد استخدام الأموال المجمدة لتلبية الاحتياجات الأساسية أو مدفوعات محددة يجب أن يتقدم إلى مقر مجلس الاتحاد الأوروبي في بروكسل بإذن في موعد أقصاه 1 ديسمبر (كانون الأول) المقبل من العام الحالي حتى يتم النظر فيه وإجراء التعديلات مع إرفاق الأدلة والوثائق المطلوبة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.