قطع المياه عن المدنيين سلاح النظام وبعض مناوئيه في الحرب السورية

منظمة حقوقية اتهمت دمشق بمنعها عن حي جوبر المحاصر في العاصمة

قطع المياه عن المدنيين سلاح النظام وبعض مناوئيه في الحرب السورية
TT

قطع المياه عن المدنيين سلاح النظام وبعض مناوئيه في الحرب السورية

قطع المياه عن المدنيين سلاح النظام وبعض مناوئيه في الحرب السورية

تحولت قضية قطع المياه عن بعض المدن في سوريا إلى سلاح بيد الأطراف المتحاربة، تستخدمه للضغط على بعضها البعض، ليدفع المواطنون المدنيون الثمن. وفي حين اتهمت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» النظام السوري قبل يومين بـ«قطع المياه بشكل كامل عن حي الحجر الأسود في العاصمة دمشق منذ أسبوعين»، نشر تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) على مواقع تابعة له تقريرا مصورا حول قطع الحكومة التركية المياه عن مناطق الرقة الخاضعة بكاملها لسيطرته.
«الشبكة السورية لحقوق الإنسان» وضعت قطع النظام السوري للمياه عن حي جوبر الدمشقي في سياق «عقوبة جماعية لما يزيد على 20 ألف مواطن من أهالي الحي، أكثر من نصفهم نساء وأطفال، بعد رفض أهالي الحي الدخول في عملية هدنة مع النظام السوري». وأوضحت الشبكة في تقرير لها بهذا الشأن أن «أحوال السكان تدهورت في الأيام الأخيرة على نحو كارثي، بعد أن حاول عدد من الأهالي في الأيام الأولى استخراج المياه من الآبار الموجودة في المنطقة، مما تسبب في إصابة العشرات منهم بحالات تسمم».
وتزامن تقرير «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» مع نشر تنظيم «داعش» تقريرا إعلاميا مصورا حول «قطع الحكومة التركية للمياه عن الرقة وحلب». وشكا التقرير من ضعف منسوب المياه لنهر الفرات نتيجة «نقصان واردات المياه القادمة من تركيا»، مشيرا إلى أهمية النهر والسد المقام عليه في «توفير مياه الري والشرب والطاقة الكهربائية لملايين الناس». ولفت إلى ازدياد ساعات انقطاع التيار الكهربائي، إذ في أغلب المناطق، لا تكاد تصلهم الكهرباء أكثر من ساعتين في اليوم. كما أدى قطع الحكومة التركية للماء إلى زيادة ساعات قطع مياه الشرب، وفق التقرير.
وتعاني ثلاثون قرية من العطش مثل قرية جعبر، وريف جعبر وقرية الرميلة وقرية جب عزيز وقرية مطلة وغيرها من القرى التي تسبب انحسار نهر الفرات في خروج المضخات التي تمدها بالمياه خارج الخدمة. ويوضح تقرير «داعش» أن «آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية شهدت جفافا شديدا بسبب توقف مضخات الري». وحذر تنظيم داعش في تقريره من أن «استمرار الحكومة التركية بمنع الماء من الدخول إلى أرض الشام سيسبب كارثة مستقبلية يعاني منها السكان في الشام والعراق».
ويعتبر الفرات نهرا دوليا، ينبع من تركيا ويمر بسوريا ومنها إلى العراق. وتتحكم بحصة كل من البلدان الثلاثة اتفاقيات لتقاسم مياه النهر، إذ أبرمت دمشق، بموجب بروتوكول عام 1987، مع أنقرة اتفاقا مؤقتا يقضي بأن تمرر تركيا ما يزيد على 500 متر مكعب بالثانية من المياه في النهر قرب جرابلس نحو 15.5 مليار متر مكعب سنويا. كما أبرمت سوريا مع العراق، في عام 1989، اتفاقية تأخذ سوريا بموجبها 42 في المائة من المياه و58 في المائة للعراق، وبذلك تبلغ حصة سوريا من مياه النهر ما يزيد على 6.62 مليار متر مكعب سنوي.
في غضون ذلك، أشارت شبكة «حلب نيوز» إلى أن «مياه الشرب في حي الشيخ خضر باتت غير صالحة للشرب بعد اختلاطها بمياه المجاري إثر تضرر أنابيب المياه الرئيسة في حي الميدان». وسبق لجبهة النصرة أن أوقفت في منتصف شهر مايو الماضي عمل مضخة توزع المياه إلى الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة شرق حلب، وتلك الخاضعة لسيطرة القوات النظامية غرب حلب أيضا، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وأدى ذلك إلى «انقطاع المياه على مدى أسبوع وأجبر الأهالي على الانتظار في طوابير أمام آبار المياه، وصنابير مياه المساجد».
وتعاني أحياء حلب القديمة من انقطاع المياه بشكل مستمر خاصة في أحياء أقيول وباب النصر وباب الحديد، مما دفع الأهالي لاستخدام مياه الآبار، الأمر الذي أدى أيضا لانتشار بعض الأمراض.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».