بارني روناي: أعترف أني أسأت الحكم على محمد صلاح

الناقد الرياضي بـ«الغارديان» يؤكد ندمه على تشكيكه في موهبة نجم ليفربول

صلاح وجد مع كلوب ما افتقده مع مورينيو («الشرق الأوسط») - مدافعو واتفورد يتهاوون واحداً وراء الآخر أمام صلاح وهو يفتتح رباعيته (رويترز)
صلاح وجد مع كلوب ما افتقده مع مورينيو («الشرق الأوسط») - مدافعو واتفورد يتهاوون واحداً وراء الآخر أمام صلاح وهو يفتتح رباعيته (رويترز)
TT

بارني روناي: أعترف أني أسأت الحكم على محمد صلاح

صلاح وجد مع كلوب ما افتقده مع مورينيو («الشرق الأوسط») - مدافعو واتفورد يتهاوون واحداً وراء الآخر أمام صلاح وهو يفتتح رباعيته (رويترز)
صلاح وجد مع كلوب ما افتقده مع مورينيو («الشرق الأوسط») - مدافعو واتفورد يتهاوون واحداً وراء الآخر أمام صلاح وهو يفتتح رباعيته (رويترز)

الخطأ صفة بشرية - ويمكنني أن أضيف أن ارتكاب أخطاء كبرى ومضحكة صفة بشرية كذلك، الأمر الذي يمكن لأي شخص معني بالكتابة عن الرياضة التصديق على صحته. من التجارب الشائعة بالنسبة للعاملين في هذا المجال أن يجد المرء نفسه مصدوماً بعض الشيء إزاء الأحداث التي تتكشف على أرض الواقع، حتى عندما تكون هذه الأحداث مصدر متعة كبيرة على المستوى الرياضي.
وكل هذا بمثابة تمهيد للاعتراف التالي: نعم، لقد كنت من المتشككين في موهبة محمد صلاح - أو على الأقل كنت من المتابعين الذين فاجأهم مستوى أدائه. وخلال مقال طرحت خلاله تقييمي لصفقات انتقال اللاعبين في أغسطس (آب) الماضي قبل انطلاق الموسم ونشرته «الغارديان»، كتبت الفقرة التالية في تقييمي لصفقات يورغين كلوب: «ضم ليفربول إليه ظهيرا أيسر جيدا وأنفق مبلغا ضخما من المال على محمد صلاح». ودعونا اليوم نعيد قراءة العبارة الأخيرة من جديد: مبلغ ضخم من المال لضم محمد صلاح مقابل 35 مليون جنيه إسترليني.. حسناً لا أستطيع منع نفسي عن الضحك والبكاء معاً! هل حصلت حقاً على أجر مقابل كتابة مثل هذا المقال؟!
ومع هذا، تظل مثل هذه المواقف على وجه التحديد سر المتعة التي تضفيها علينا كرة القدم - بل ومشاهدة ولعب الرياضة بمختلف أنواعها، فالرياضة قادرة دوماً على إدهاشك وتحطيم توقعاتك وافتراضاتك بلا رحمة. إلا أنه من بين العوامل التي قد تخفف وطأة الإخفاق الكبير لتوقعي السابق أنني كتبته قبل إنجاز صفقات الانتقال الأربع الكبرى في تاريخ كرة القدم، وعدم الجدوى المالية التي تكشفت عنها صفقة انتقال نجم المنتخب البرازيلي وبرشلونة نيمار إلى باريس سان جيرمان. في أعقاب ذلك بفترة قصيرة، دفع برشلونة ثلاثة أضعاف سعر محمد صلاح مقابل ضم عثمان ديمبيلي. وبحلول نهاية الصيف، أصبح مبلغ الـ35 مليون جنيه إسترليني يبدو، إن لم يكن مبلغاً دون قيمة تذكر، فعلى الأقل بقيمة أقل عن ذي قبل. اليوم، تبدو صفقة ضم محمد صلاح مقابل هذا المبلغ واحدة من أبرز الصفقات الرابحة على مدار السنوات الـ10 الأخيرة.
ومع ذلك، فإنه في ذلك الوقت حتى من كانوا يدركون حقيقة مهارات محمد صلاح ويتابعون مسيرته بالتفصيل وتحدثوا بحماس عما حققه في بطولة الدوري الإيطالي الممتاز، كانوا بالتأكيد مندهشين بعض الشيء إزاء النجاح الفوري والضخم الذي حققه تحت قيادة كلوب - الأمر المثير للدهشة والذي يستحق الدراسة في حد ذاته.
وفي ظل وجود سبع مباريات فقط متبقية من مسابقة الدوري، يبدو صلاح اليوم أفضل لاعب خلال الموسم، وذلك لإحرازه 28 هدفاً خلال مباريات الدوري الممتاز، ما يعادل أربعة أضعاف عدد الأهداف التي سجلها مهاجم توتنهام هاري كين وأكثر بمقدار سبعة أهداف عما سجله مهاجم مانشستر سيتي الأرجنتيني سيرغيو أغويرو.
وتزامن هذا مع الرباعية الرائعة التي أسكنها صلاح شباك واتفورد د خلال عطلة نهاية الأسبوع. علاوة على ذلك، عاون صلاح في تسجيل تسعة أهداف، ولا يتفوق عليه في هذا الصدد سوى جناح مانشستر سيتي ليروي ساني ولاعب خط وسط مانشستر سيتي ديفيد سيلفا. كما أن لاعب خط وسط تشيلسي البلجيكي إدين هازارد وجناحي كريستال بالاس الايفواري ويلفريد زاها والإنجليزي أندروس تاونسند فقط هم من تفوقوا عليه من حيث توجيه الكرة نحو مرمى الخصم. كما أن كين اللاعب الوحيد على مستوى بطولة الدوري الممتاز الذي صوب عدد كرات أكبر باتجاه مرمى الخصم.
ومن بين الأمور الطيبة كذلك التي حققها صلاح أنه رغم مشاركته في صفوف فريق كبير يخوض منافسات شرسة، فإنه لم يتعرض لأية بطاقات إنذار أو طرد حتى هذه اللحظة خلال الموسم. ثمة حقيقة بديهية تقول إن اللاعبين البارعين بحاجة لأن يكون بداخلهم قليل من الشر والتمرد. ورغم أن صلاح يبدو بلا رحمة ولا هوادة في كثير من الجوانب، فإن اللافت بشأنه أنه يقتلك بابتسامة. وبطبيعة الحال تمثل الأرقام مجرد جزء من القصة. في الواقع، بداية صعود نجم صلاح على هذا النحو المتألق لم يأت مع هدف سجله أو حصوله ذات مرة على لقب أفضل لاعب بالمباراة، وإنما خلال المباراة التي انتهت بالتعادل السلبي أمام مانشستر يونايتد على استاد إنفيلد في أكتوبر (تشرين الأول) - مباراة هيمن عليها التنظيم الدفاعي الذي يتبعه جوزيه مورينيو.
حتى أثناء هذه المباراة، جاء أداء صلاح لافتاً، وكان اللاعب الوحيد داخل أرض الملعب الذي أظهر قدرته على تعزيز الضغط الهجومي عبر اختراق الصفوف الدفاعية. وخلال المباراة، نجح صلاح في تصويب الكرة نحو المرمى ثمانية مرات في غضون 73 دقيقة، ما يزيد على إجمالي ما حققه لاعبو خط وسط وهجوم مانشستر يونايتد بالكامل. إضافة لذلك، بدا صلاح شديد التفاؤل، وصال وجال عبر أرجاء الملعب برأس وصدر مرفوعين إلى الأعلى في شمم.
مع الانتقال سريعا إلى واتفورد خلال عطلة نهاية الأسبوع، كان صلاح جعل في أجزءا من المباريات تبدو وكأنها غير متطابقة أو غريبة - وفي النهاية جاء أداؤه على أفضل نحو ممكن. وستظل ثلاثية الأهداف التي سجلها في استاد إنفيلد واحدة من كبرى العلامات الفارقة خلال الموسم، خاصة عندما نجح محمد صلاح في سحق مدافعي واتفورد الثلاثة والذين تهاووا جميعاً أمامه واحداً تلو الآخر، في الوقت الذي حقق صلاح أمام الجميع معجزة في التوازن بانتقاله قفزاً من قدمه اليمنى إلى اليسرى رغم انطلاقه السريع، تاركاً خلفه أصحاب القمصان الصفراء في حالة تهاوٍ مستمر. حتى اللمسة النهائية تضمنت تفاصيل رائعة، مع انطلاق الكرة بقوة أمام حارس مرمى واتفورد أوريستيس كارنيزيس.
وهنا، ثمة تساؤلان يطرحان نفسيهما: كيف حدث ذلك؟ وإلى متى يمكن أن يستمر؟
يبدو التساؤل الأول مشروعاً، ذلك أنه في غضون سبعة أشهر فقط أحرز صلاح 36 هدفاً لحساب ليفربول، ما يزيد عن أي ناد آخر شارك في صفوفه. كما أن طبيعة كرة القدم التي يمارسها ولحظات تألقه البدني داخل الملعب والبهجة التي يضفيها أسلوب لعبه على المتفرجين والتي تثير في الأذهان صور تتعلق بلحظات تألق أسماء لامعة مثل مهاجم آرسنال السابق الفرنسي تيري هنري وكريستيان رونالدو جناح مانشستر يونايت السابق وريال مدريد حاليا وسواريز ومهاجم آرسنال السابق الهولندي دينيس بيركامب ومهاجم مانشستر سيتي الحالي أغويرو في الدوري الإنجليزي الممتاز.
ومع وضع هذا نصب الاعتبار، كان من السهل النظر إلى الفترة التي قضاها صلاح تحت قيادة مورينيو في تشيلسي ورؤية كم كان مورينيو، العاشق الأول للكرة الدفاعية، مخطئاً في عدم استغلاله قدرات الساحر المصري الموجود أمامه. ومع هذا، تظل الحقيقة أن مورينيو رأى ما يكفي من مهارات في صلاح لضمه إلى صفوف تشيلسي في المقام الأول. كان صلاح في الـ21 من عمره حينها، وكان إدين هازارد والبرازيليان ويليان واوسكار جميعاً قد حجزوا أماكنهم في التشكيلة الأساسية لتشيلسي. في الواقع، لم يحصل صلاح على الفرصة المناسبة قط، وشارك في إجمالي 19 مباراة، وكان جزءا من التشكيل الأساسي في 10 منها. وبالنسبة لأولئك الذين شاهدوا أداء صلاح عن قرب داخل استاد ستامفورد بريدج، تبقى الصورة العالقة في أذهانهم صورة كتلة من الطاقة الحبيسة، ولاعب لم يشعر مدربه قط بارتياح إزاء قوته الهجومية الكاسحة.
ويبدو أن ما كان صلاح في حاجة له يد دافعة وفرصة حقيقية. في روما، أشار لوتشيانو سباليتي مدرب فريق العاصمة الإيطالية في ذلك الوقت إلى إسهام صلاح خلال إحدى المباريات باعتباره نموذجاً للعب الجماعي النموذجي. وذكر صلاح أن سباليتي كان كثيراً ما يجلس معه بعد التدريب ليوجهه بشأن كيف ينبغي عليه الدفاع ومناقشة المسؤوليات الأخلاقية الكامنة وراء إدارة والعمل من أجل الفريق. وبينما وجد صلاح في سباليتي دعماً أبوياً، فقد وجد دعماً كروياً رائعاً في أسلوب اللعب الذي انتهجه كلوب ويعتمد على ثلاثة مهاجمين. والتساؤل القائم الآن: هل بإمكان صلاح المضي قدماً في تقديم هذا الأداء الرائع والاستثنائي؟ الحمقى فقط هم من سيراهنون ضد ذلك - تماماً مثلما كان الحال في الماضي.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».