«عدوى الحمل» بين الصديقات.. تنافس أم غيرة؟

دراسة طبية تشير إلى انتشارها بين أكثرهن قربا

«عدوى الحمل» بين الصديقات.. تنافس أم غيرة؟
TT

«عدوى الحمل» بين الصديقات.. تنافس أم غيرة؟

«عدوى الحمل» بين الصديقات.. تنافس أم غيرة؟

هل الأمر غيرة بين الصديقات؟ ربما نعم، وربما لا. يحصل لإحداهن حمل، وتخبر صديقاتها بالحدث السعيد؛ مما يدفع صديقتها الأخرى للغيرة منها، وبالتالي تحرص على أن تكون حاملا مثلها بأسرع وقت ممكن.
سلوكيات وأحداث كثيرة نراها تقع في حياتنا اليومية، ثم تقع، ثم يتكرر وقوعها في ظروف أخرى مشابهة، بما يشبه حصول وباء عدوى ميكروبية ما. ويعد الضحك أحد تلك الأمور، وكذلك التثاؤب، والملل، والاكتئاب.. كلها أيضا من الأمور التي لو حصلت لدى أحدهم بين مجموعة من الناس، فإنها تنتقل فيما بينهم كالعدوى؛ إذ يضحك أحدهم فيضحك بعض ممن حوله، أو يتثاءب أحدهم فيتثاءب بعض ممن حوله.

* «عدوى» انتشار الحمل

* ومن آخر الأمور التي تناولها العلماء في شأن أنواع العدوى هذه، الحمل!
الباحثون الطبيون بالولايات المتحدة تناولوا هذا الأمر بالدراسة أخيرا، واعتمدت دراستهم الطبية على فرضية تلاحَظ في كثير من المجتمعات، مفادها أن حصول الحمل لدى المرأة قد يكون شيئا مُعديا contagious يتسبب في حصول الحمل لدى صديقاتها اللاتي استمرت صداقاتهن معها منذ فترة طويلة، وتحديدا بين النساء المتزوجات اللاتي كن صديقات خلال المرحلة الدراسية الثانوية، فإن حالة الحمل قد تكون بينهن مُعدية بقصد؛ أي تعمّد المرأة حصول الحمل لديها أسوة بصديقة أخرى لها حصل لديها حمل خلال السنتين الماضيتين.
الباحثون من كلية الطب في سان دييغو التابعة لجامعة كاليفورنيا ومن جامعة بوكوني بميلانو في إيطاليا، قاموا بإجراء دراستهم حول هذا الموضوع عبر مراجعة المعلومات حول نحو 2000 امرأة بالولايات المتحدة. وقد جمعت المعلومات حولهن منذ تسعينات القرن الماضي إلى عام 2009؛ أي منذ أن كن في سنوات مرحلة الثانوية حتى بلوغهن نهايات العشرينات وبدايات الثلاثينات من أعمارهن. وتضمنت المعلومات، التي جرى جمعها من خلال استبيانات، معلومات حول حياتهن، وزواجهن، وصديقاتهن، والحياة الأسرية لهن ولصديقاتهن.

* قرارات «معدية»

* وقالت الدكتورة نيكوليتا بالبو، الباحثة الإيطالية المشاركة في الدراسة: «تظهر دراستنا أن الصداقة لها تأثيرات قوية ومهمة حينما تحمل المرأة لأول مرة، ومن المثير للاهتمام ملاحظة أن صداقات الثانوية قد تلعب دورا في قرارات الرغبة في الحمل». وأضافت قائلة: «نشاهد كثيرا في حياتنا اليومية تأثيرات الصديقات بعضهن على بعض في قرارات الحياة لديهن، مثل قرارات الزواج، وقرارات الحياة الأسرية، ولكن ربما الأمر يتعدى ذلك إلى قرارات الرغبة في الحمل، وهو ما يحتاج إلى إثبات علمي».
ولاحظ الباحثون أن 820 امرأة أصبحن زوجات من بين مجموعة تبلغ نحو 2000 امرأة مشمولات ضمن الدراسة، وكان متوسط أعمارهن حال حصول الحمل هو 27 سنة. وأفادت أكثر من نصفهن أن الحمل حصل لديهن عشوائيا دون تخطيط ورغبة مسبقة منهن أو أزواجهن. ومن بين اللاتي حصل لديهن الحمل بطريقة مخطط لها ومرغوب في حصولها، لاحظ الباحثون أن حملهن له تأثير على حصول حمل لدى إحدى صديقاتهن، منذ أيام المرحلة الثانوية، خلال السنتين التاليتين!
ووفق ما جرى نشره ضمن عدد يونيو (حزيران) الحالي من مجلة «المراجعة الأميركية لعلم الاجتماع» American Sociological Review، قال الباحثون: «حصول حمل لدى امرأة يرفع بشكل إيجابي من احتمالات حصول الحمل لدى صديقتها، وهو ما لاحظنا أنه تأثير مباشر على المدى القصير. وترتفع احتمالات حمل المرأة مباشرة بعد حصول الحمل لدى صديقتها، وتصل ذروة التأثير خلال سنتين لاحقا، ثم تخف قوة التأثير تدريجيا».
وتساءل الباحثون عن السبب وراء تأثير عامل حصول الحمل لدى الصديقة على حمل صديقتها، وقالوا إنه «ربما كان حصول الحمل لدى الصديقة هو مصدر للمعلومة والمعرفة لصديقتها حول الحمل، لأن حصول الحمل للصديقة يزيد صديقتها بمعرفة أمور مهمة ومفيدة حول كيفية تجاوز المرأة المتزوجة مرحلة عدم الأمومة الكاملة إلى مرحلة الأمومة الكاملة بالحمل والإنجاب. وإضافة إلى هذا، فإن حمل الصديقة هو أمر يثير سلوكيات المقارنة بين الصديقات؛ أي إن الصديقة غير الحامل تقارن نفسها بصديقتها الحامل».
وقالت الدكتورة باتريشيا أيست، الباحثة الأميركية المشاركة في الدراسة: «من المفيد إجراء مزيد من البحث في المستقبل للنظر في جوانب أخرى حول هذا الأمر، مثل علاقة هذا الأمر بمدى قوة الصداقة، أو وجود الغيرة والتنافس، أو القرب وقضاء كثير من الوقت في التواصل الاجتماعي بين الصديقات. والأمر المهم الآخر هو علاقة هذه الأمور بالأزواج».

* استشارية في الأمراض الباطنية



التعرُّف على اضطرابات الدماغ من شبكية العين

العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
TT

التعرُّف على اضطرابات الدماغ من شبكية العين

العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)

أظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون من معهد ماكس بلانك للطب النفسي بألمانيا، أنّ الشبكية بمنزلة امتداد خارجي للدماغ وتشترك في الجينات عينها، ما يجعلها طريقة سهلة للعلماء للوصول إلى دراسة اضطرابات الدماغ بمستويات أعلى من الدقة.

وأفادت النتائج بأنّ العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً، وهذا من شأنه جعل الشبكية بديلاً رائعاً لدراسة الاضطرابات العصبية وبطريقة فائقة السهولة؛ «لأننا نستطيع فحص شبكية العين لدى المرضى بدقة أعلى بكثير من الدماغ»، وفق الباحثين. وهم أكدوا على أن فهم الآليات البيولوجية حول هذا الأمر من شأنه مساعدتهم على تطوير خيارات علاجية أكثر فاعلية وأكثر شخصية.

وحلَّل باحثو الدراسة المنشورة في دورية «جاما سيكاتري»، الارتباط الجيني بين خلايا الشبكية وعدد من الاضطرابات العصبية النفسية. ومن خلال الجمع بين البيانات المختلفة، وجدوا أنّ جينات خطر الفصام كانت مرتبطة بخلايا عصبية محدّدة في شبكية العين.

وتشير جينات الخطر المعنيّة هذه إلى ضعف بيولوجيا المشابك العصبية، وبالتالي ضعف قدرة الخلايا العصبية على التواصل مع بعضها البعض. ويرجح الباحثون أن يكون هذا الضعف موجوداً أيضاً في أدمغة مرضى الفصام.

وبناءً على تلك الفرضية، أظهر الباحثون أنّ الاتصال العصبي يبدو معوقاً في شبكية العين لدى مرضى الفصام بالفعل.

وأوضحوا، في بيان، الجمعة أنّ «العثور على هذا الخلل في العين يشير إلى أنّ العمليات في الشبكية والدماغ متشابهة جداً؛ وهذا من شأنه جعل الشبكية بديلاً رائعاً لدراسة الاضطرابات العصبية، لأننا نستطيع فحص شبكية العين لدى المرضى بدقة أعلى بكثير من الدماغ».

في دراستهم السابقة، وجد باحثو معهد ماكس بلانك للطب النفسي، برئاسة فلوريان رابي، تغيّرات في شبكية العين لدى مرضى الفصام أصبحت أكثر حدّة مع زيادة المخاطر الجينية. وبناءً على ذلك، اشتبهوا في أنّ التغيرات الشبكية ليست نتيجة لأمراض مصاحبة شائعة مثل السمنة أو مرض السكري فحسب، وإنما قد تكون ناجمة عن آليات أمراض مدفوعة بالفصام بشكل مباشر.

إذا كانت هذه هي الحال، فإنّ معرفة مزيد عن هذه التغيّرات قد تساعد الباحثين على فهم الآليات البيولوجية وراء الاضطراب. وبالإضافة إلى الفصام، لوحظت تغيرات في الشبكية لدى مرضى الاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب والتصلّب المتعدّد ومرض ألزهايمر ومرض باركنسون والسكتة الدماغية.

باستخدام بيانات من دراسات كبيرة سابقة، دمج رابي والمؤلّف الأول إيمانويل بودريوت من معهد ماكس بلانك للطب النفسي وجامعة لودفيغ ماكسيميليان ميونيخ في ألمانيا، بيانات المخاطر الجينية من الاضطرابات العصبية النفسية مع بيانات تسلسل الحمض النووي الريبي للشبكية.

أظهرت النتائج أنّ جينات المخاطر كانت مرتبطة بخلايا شبكية مختلفة في الاضطرابات المذكورة أعلاه.

كما ارتبط الخطر الجيني للإصابة بالتصلّب المتعدّد بخلايا المناعة في الشبكية، بما يتماشى مع الطبيعة المناعية الذاتية للاضطراب. وكذلك ارتبطت جينات الخطر للإصابة بالفصام بفئة محددة من الخلايا العصبية الشبكية تشارك في الوظيفة المشبكية، وتحدّد قدرة الخلايا العصبية على التواصل مع بعضها البعض.