كيم جونز مصمم «ديور أوم» الجديد

كيم جونز
كيم جونز
TT

كيم جونز مصمم «ديور أوم» الجديد

كيم جونز
كيم جونز

أعلن أمس خبر تعيين المصمم البريطاني كيم جونز مصمما فنيا لقسم «ديور أوم»، الذي غادر دار «لويس فويتون» في شهر يناير (كانون الثاني) السابق. فمن هو هذا المصمم؟ ما هي ميوله ومصادر إلهامه؟ وما هو دور السفر في عملية الإبداع بالنسبة له؟
ويحظى كيم جونز، مصمم دار «لويس فويتون» السابق للقسم الرجالي، باحترام أوساط الموضة، فقد أثبت نفسه على مر السنوات من دون أن يحتاج إلى نفش ريشه أو مغازلة الأضواء. السفر بالنسبة له ضرورة من ضرورات الحياة، من خلاله يتنفس الإلهام ويشحذ طاقته وروحه؛ بعبارة أخرى فإن الترحال يجري في دمه، كما يقول:
> إنه مصدر إلهام بكل معنى الكلمة، ولا أخفي أبداً أن السفر هو حبي الكبير والأول، إلى جانب الموضة. فرغم أني ولدت في لندن، فإني تنقلت في بلدان العالم، ونشأت في كينيا محاطاً بالألوان والطبيعة المتنوعة والكائنات البرية على اختلافها. وفي صغري، كنت أحلم أن أصبح خبيراً في علم الحيوان، فقد كان السير ديفيد أتنبره بطلي - ولا يزال - لأنه ثقف أجيالاً حول عالم الحيوانات.
> السفر يجري في دمي تقريباً، فوالدي كان خبيراً هيدرولوجياً، وبالتالي كنا دائمي التنقل من بلد إلى آخر؛ انتقلنا مثلاً إلى الإكوادور وعمري لا يتعدى 3 أشهر، وبعدها عشنا في إثيوبيا، ثم بوتسوانا وكثير من الدول الأفريقية. وتجاربي الغنية جعلتني أعشق الطبيعة والحياة البرية، كذلك ولدت بداخلي الرغبة في حماية الحيوانات. فعندما تكون في الخامسة من العمر وترى كل هذه الحيوانات على مرمى العين في كينيا، فإن هذه الصور تُشكل شخصيتك وتبقى معك للأبد.
> بحكم عملي مصمماً، فإن السفر جزء لا يتجزأ من حياتي. أحياناً، أزور 5 بلدان في شهر واحد. أحاول قدر الإمكان أن أغوص في ثقافات كل وجهة أزورها، لكني أستمتع برحلات السفاري أكثر لأني أعشق الكائنات البرية.
> السفر مهم لأنه يُشعل الخيال ويفتح آفاق الإنسان. بالنسبة لي، قد ألهمني كثيراً من تشكيلاتي، إن لم نقل كلها. مرة استلهمت من سهول بوتسوانا مثلاً، ومرة من نقشات قبائل الماساي، ومرة من قصور جايبور، وهكذا.
> من حسن حظي أني لا أمل من السفر ولا أتعب من المطارات، لهذا كان عملي مع «لويس فويتون» مناسباً بالنسبة لي، فهي تقوم على مفهوم السفر والترحال، وبالتالي سافرت معها إلى اليابان، وميانمار، وكمبوديا، وتايلاند، ونيوزيلندا، ولوس أنجليس، ومناطق متفرقة من أوروبا وأميركا. وطبعاً أحاول إقناع نفسي بأن سفريات العمل يجب أن تختلف عن سفرياتي الخاصة، لكن محاولاتي تبوء دائماً بالفشل. ففي الأولى، اجتهد لاكتشاف البلد وثقافته حتى أترجمه في تشكيلاتي. وفي الثانية، أحاول أن أنسى كل شيء وأركز على الاسترخاء والابتعاد عن العالم الخارجي، لكني أجد نفسي، ودون شعور، أقوم بالشيء نفسه، وأفكر في ما يمكن أن يكون مناسباً لتشكيلتي المقبلة.
> الجميل في السفر هو ذلك التبادل الحضاري والثقافي، عندما يتم بطريقة أنيقة راقية. فعندما التحقت بدار «لويس فويتون» أول مرة مثلاً وجدت تشابهاً بين نقشة دامييه، التي ابتكرتها الدار في عام 1888، وبطانية من ماساي ترافقني من الطفولة إلى الآن، وهو ما ترجمته أيضاً أخيراً عندما تعاونت مع شركة «نايكي».
> في الصيف الماضي، زرت ميانمار؛ كانت تجربة أكثر من رائعة لأن الطبيعة لا تزال وحشية فيها بحكم أن البلد لم ينفتح سياحياً على العالم إلا أخيراً. اشتريت قطعاً كثيرة من الأقمشة وبعض الملابس التقليدية، لأتعرف أكثر على الطرق المتنوعة التي تتعامل بها القبائل المختلفة معها، سواء من حيث الأشكال أو التصاميم أو التقنيات. شدني ذلك التقاطع بين أزياء يعود تاريخها إلى 50 عاماً والأسلوب السبور الحديث. وهذا ما يؤكد أن السفر يفتح عيونك على أشياء كثيرة لم تكن تخطر على البال. فملاحظة بسيطة مثل هذه وأنا أتمعن في سترة قديمة ولدت في خيالي مجموعة من التصاميم، وفي الوقت ذاته أكدت لي أننا على الرغم من الجغرافيا والميول لا نختلف كثيراً كبشر، وبالتالي يمكننا أن نتعلم كثيراً من بعضنا بعضاً، سواء تعلق الأمر بطريقة جديدة لغزل الصوف أو حياكة الأنسجة، أو اكتشاف تقنية من أربعينات القرن الماضي لم يعد لها وجود، لكن يمكن إحياؤها بطريقة عصرية.
> إلى جانب أفريقيا التي كبرت فيها، تُعتبر الهند من البلدان التي أثرت عليّ بثقافتها الغنية. أحب أيضاً ماتشو بيتشو التي زرتها 3 مرات، ولا أمانع في أن أزورها مرات أخرى، لأنه لا يمل منها. وقد زرت أيضاً اليابان نحو 70 مرة، وأعشق كل شيء فيها، من مطبخها إلى طبيعتها وثقافتها.
> نقطة ضعفي هي رحلات السفاري، فعندما تُذكر أمامي رحلة تكون فيها الحيوانات والكائنات البرية، فأنا لا أقاوم، مثل محمية تسوالو في كالاهاري، التي زرتها عدة مرات. فيها، يمكن مشاهدة كل أنواع الحيوانات، من الأسود إلى حيوان الميركاتس. وفي مرة، أخذت مجموعة من أصدقائي إلى نيوزيلندا لرؤية ببغاء الكاكابو النادر المهدد بالانقراض؛ 107 ببغاوات فقط في كل أنحاء العالم. ولا أخفي أني تعرضت لتجارب تقشعر لها الأبدان، لكنها لن تردعني أبداً عن حبي للسفر ورغبتي في الاكتشاف، فهناك أماكن كثيرة لم أكتشفها بعد، رغم أسفاري التي تتعدى مئات المرات، ولا شك أنها مثيرة رائعة.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».