نوافذ ضوئية تحصد الطاقة من الشمس لناطحات السحاب

تؤمن احتياجات مختلف المباني

نوافذ ضوئية تحصد الطاقة من الشمس لناطحات السحاب
TT

نوافذ ضوئية تحصد الطاقة من الشمس لناطحات السحاب

نوافذ ضوئية تحصد الطاقة من الشمس لناطحات السحاب

تسلّط الإطلالة من مكتب يوانيس باباكونستانتينو في جامعة «يونيفرسيتي كوليد لندن» الضوء على الفرص الكبيرة المهدورة، إذ يطلّ المكتب على المستشفى الجامعي، المبنى المستطيل المزيّن بنوافذ زجاجية خضراء، تبدو عصرية الشكل، ولكنها لا تخدم أي هدف، ولا تسمح حتى للضوء بالدخول. ويتساءل باباكونستانتينو: «ماذا يفعلون بهذه النوافذ الخضراء؟ لا شيء. هل فكروا مثلاً بتركيب ألواح شمسية تقليدية هناك؟ أبداً».
باباكونستانتينو هو واحد من كثر حلموا بتحويل الألواح الزجاجية إلى وحدات ضوئية مدمجة بالأبنية بشكل مباشر، بهدف تحسين المنظر وإفساح المجال أمام الرؤية في آن معاً.
ومختبره هو واحد من مجموعات وشركات كثيرة تعمل على تطوير مناهج مختلفة للتحول باتجاه النوافذ الشمسية، حتى إن البعض بدأ فعلاً باعتمادها في مبانيه.
نوافذ الطاقة الشمسية
والمطالبة هنا واضحة، لأن هذا النوع من النوافذ يعمل بشكل غير مرئي على إنتاج الطاقة للمبنى، في الوقت الذي تتيح فيه لقاطنيه فرصة الاطلاع على ما يجري في الخارج، والاستمتاع بالضوء الطبيعي، ومشاهدة الغيوم التي تجوب السماء.
وأعلنت مجموعة «فريدونيا» في بريطانيا أنه وبحلول عام 2020، سيصار إلى تركيب نحو 8.3 مليار متر مربع من الزجاج المسطح سنوياً في الأبنية الجديدة في جميع أنحاء العالم. ومن المتوقع أن تنتج المنطقة المغطاة بألواح شمسية عالية الجودة وصحيحة الاتجاه أكثر من «تيراواط» (التيرا هي 10 قوة أو أس 12، أي ألف مليار) في أوجّ إنتاجها، حتى إن إنتاجها قد يقارب طاقة 2190 تيرا «واط. ساعة» خلال عام واحد. ويشكّل هذا الإنتاج 9 في المائة من الطاقة الكهربائية المستهلكة خلال عام 2016. وعام 2017، نجح استخدام الفحم كبديل لتوليد الطاقة في توفير نحو 1.6 في المائة من انبعاثات الكربون الناتجة عن الوقود الأحفوري والصناعة وتغيرات الغابات واستصلاح الأراضي.
تسعى الجهات المنظمة الفاعلة اليوم إلى اعتماد النوافذ الشمسية وفوائدها البيئية وتنفيذها على أرض الواقع. فقد دعا توجيه جديد أصدره الاتحاد الأوروبي على الأبنية الجديدة محاولة الالتزام بمعيار «صفر طاقة» بحلول أواخر عام 2020. أمّا اليابان، فقد ذهبت بعد كارثة فوكوشيما النووية أبعد من ذلك، وطلبت من جميع الأبنية العامة الجديدة أن تلتزم معيار أبنية صفر الطاقة بحلول عام 2020.
قد لا تتمتع النوافذ الشمسية بفاعلية الألواح الشمسية التقليدية نفسها، لأن النوافذ يجب أن تبقى شفافة ولو جزئياً، إلا أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى بناء شبكة كبيرة من المصادر الضوئية الصغيرة. يحرص المطورون اليوم على تعادل المبالغ التي ستتوفر من إنفاق الطاقة مع المبالغ التي دفعوها لتركيب هذه الألواح.
ولكن تجدر الإشارة إلى أن تكاليف تركيب هذه النوافذ لا تختلف كثيراً، بحسب ما يقول توماس براون من جامعة روما في إيطاليا، والذي سبق أن استخدم النوافذ الشمسية. ويقول إن إضافة بعض مكونات توليد الطاقة إلى مواد صناعة النوافذ يمكن أن يساهم في تسديد ثمن تركيبها في أقلّ من عقد من الزمن.
إن التقنيات المتوافرة في هذا المجال مختلفة، ولكلّ منها خصائصها وتكاليفها. ولكن التطورات الجارية اليوم على قدم وساق لاعتماد هذه التقنية هي التي ستحدد ما إذا كانت هذه الأخيرة ستنتشر أم لا، وأي من أشكالها سيكون الأكثر اعتماداً، في حال انتشرت.



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً