تشتت أصوات السنّة يعقّد مهمة خصوم «حزب الله» في دائرة الجنوب الثالثة

TT

تشتت أصوات السنّة يعقّد مهمة خصوم «حزب الله» في دائرة الجنوب الثالثة

يخوض الثنائي الشيعي المتمثّل بحركة «أمل» و«حزب الله» معركة محسومة النتائج في دائرة الجنوب الثالثة، التي تضمّ أقضية النبطية ومرجعيون وحاصبيا وبنت جبيل، مرتكزاً إلى 3 عوامل أساسية: الأول أن 90 في المائة من ناخبي هذه الدائرة البالغ عددهم 450 ألفاً هم من أبناء الطائفة الشيعية؛ والثاني قدرة الماكينات الانتخابية لـ«أمل» والحزب على إدارة توزيع الأصوات التفضيلية على مرشحي لائحتهما؛ والثالث غياب القوّة الحزبية المنافسة لهما، وعدم قدرة خصومهما الشيعة المتحالفين مع أحزاب وقوى من طوائف أخرى على خلق توازن، وإن كان ذلك لا يقطع الطريق على إمكانية الخرق بمقعد أو أكثر، إذا نجحت هذه الأحزاب في التكتل، وصبّت أصواتها لمرشحين محددين.
وإذا كان التعويل على معارضة شيعية وازنة غير متوفّر في الوقت الحاضر، يبقى الرهان على مدى قدرة الطوائف الأخرى على خلق شيء من التوازن، لا سيما لدى الطائفة السنيّة التي تشكّل أصواتها 7 في المائة من ناخبي تلك الدائرة، لكن هذه الفرضية باتت أقل تأثيراً مع إحجام تيّار «المستقبل» عن تسمية مرشح له، ما يدفع نحو تشتت الأصوات السنّية بين مرشحين كثر، سيكون للثنائي الشيعي نصيب منها، خصوصاً أن الأخير يحتفظ بالمقعد السنّي عن هذه الدائرة منذ عام 1992 حتى الآن.
وطالما أن كلّ دائرة تُخضع حساباتها لميزان الربح والخسارة، فإن هذه المقاربة دفعت «المستقبل» إلى الإعراض عن ترشيح أحد محازبيه، من دون أن تلغي قدرته على المناورة وتجيير أصواته للحلفاء، وفق تعبير مصدر في تيار «المستقبل» أوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه «من غير المفيد خوض معركة خاسرة في منطقة محسومة النتيجة سلفاً.
وبالتالي، الخسارة ستسجّل على (المستقبل) في السياسة»، مشيراً إلى أن التيار «قد يكون مؤثراً في توجيه أصواته في هذه المنطقة لمستقلين أو مرشحين تتقاطع معهم خياراتنا السياسية».
وتقدمت 7 شخصيات سنيّة بترشيحاتها عن دائرة الجنوب الثالثة، للتنافس على المقعد الوحيد الذي يمثله منذ 3 دورات انتخابية، عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم. ومع أن «المستقبل» لم يتبنَ أي مرشح سنّي له في الدائرة، خلال إعلان مرشحيه للانتخابات في نهاية الأسبوع الماضي، فإن اثنين من المرشحين هما من مناصريه، أحدهما عماد الخطيب ابن بلدة شبعا (وهو رجل أعمال لبناني كان قد اختطف في العراق قبل أشهر، وتم تحريره). أما خالد سويد، فمن بلدة كفر حمام، وهو ابن شقيق النائب السابق أحمد سويد، ونجل اللواء ياسين سويد.
وتقول مصادر محلية في منطقة العرقوب لـ«الشرق الأوسط» إن تقديم اثنين قريبين من التيار ترشيحهما في هذه الدائرة «سيزيد تشتيت الأصوات، في حال الاتفاق على دعم لائحة منافسة للثنائي الشيعي»، في ظل صراع مناطقي أيضاً، كون السنّة الذين يوجدون في 5 بلدات كبرى «يكاد يُختصر تمثيلهم في الدولة اللبنانية الآن بأبناء شبعا، بينما لا يتمثل الآخرون، الذين يقارب عددهم عدد سكان شبعا، بأي موقع بارز في وظائف الدولة»، علماً بأن النائب قاسم هاشم يتحدر من شبعا، كذلك مفتي حاصبيا ومرجعيون القاضي الشيخ حسن دلّي.
ويُعدّ «تيار المستقبل» الأكثر تمثيلاً بين السنّة في هذه الدائرة الانتخابية، ويؤكد خبراء في العمليات الانتخابية أن «إحجامه عن تبني ترشيح مرشح فيها من شأنه أن يشتت أصوات السنة في الدائرة».
ويؤكد خبير انتخابي لـ«الشرق الأوسط» أن «امتناع تيار (المستقبل) عن ترشيح أحد محازبيه قرار صائب، لأنه يرى المعركة من دون أفق»، ويشدد على أن «السنّة والمسيحيين حتى لو تحالفوا والتزموا لن يصلوا إلى الحاصل الانتخابي، وبالتالي لا جدوى من مواجهة بلا توازنات»، معتبراً «الأحزاب المناهضة للثنائي الشيعي تحتاج إلى جهد كبير لتثبيت وجودها انتخابياً في هذا الاستحقاق».
ولا تزال الاتصالات قائمة بين شخصيات مسيحية وسنيّة ودرزيّة مستقلة للاتفاق على لائحة مكتملة بـ11 مرشحاً، وهو العدد الكامل لمقاعد الدائرة. وتفيد المعلومات بأنه تم التوصل إلى اتفاق مبدئي يعطي الحزب الشيوعي الحق بتسمية 3 مرشحين، من دون التطرق إلى تقسيم المقاعد بين القوى.
وتتوزّع مقاعد الدائرة على الشكل التالي: 3 مقاعد شيعية لقضاء بنت جبيل، و3 شيعية أيضاً لقضاء النبطية. أما مرجعيون حاصبيا، فتضم مقعدين شيعيين، ومقعداً سنياً، وآخر درزياً، وآخر أرثوذكسياً.
وتكثّف الأحزاب والقوى المناهضة لـ«حزب الله» مشاوراتها لتشكيل لائحة عمادها تحالف يجمع «الحزب الشيوعي اللبناني» و«منظمة العمل الشيوعي» و«المجلس الثقافي للبنان الجنوبي» وتيار «المستقبل» وشخصيات مستقلة، من دون إغفال التأثير ولو بشكل محدود للصوت المسيحي، لا سيما لحزبي «الكتائب» و«القوات اللبنانية»، التي تمثّل أصواتها رسالة موجهّة ضدّ «حزب الله» ودوره العسكري في لبنان والمنطقة.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.