في شوارع وميادين مصر، لا يتسابق مواطنون وتجار ورجال أعمال، على تأييد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية التي بدأ التصويت بها خارج القطر المصري اليوم (الجمعة)، بقدر تنافس بعضهم على الدعاية الشخصية لأنفسهم، والترويج لأنشطتهم التجارية والصناعية، من خلال لافتات التأييد متنوعة الأحجام والأشكال... يبرز بها بشكل واضح صور المعلنين الذين «يدعمون بأسمى معاني الحب والتأييد الرئيس السيسي لفترة رئاسية ثانية»، على أحد جانبي اللافتات؛ إذ يطبع معظمهم صورة السيسي في أحد جانبي اللافتة، وصورهم الشخصية في الجانب الآخر... وبين الصورتين يكتب «المؤيد» عبارات الدعم والثناء والشكر، مسبوقة باسم التاجر، أو رجل الأعمال، أو اسم الشركة.
لافتات تأييد المرشحين في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، أمرٌ اعتاد عليه المصريون منذ عقود؛ إذ برع الكثير من مؤيدي المرشحين في كتابة عبارات المساندة والتأييد، التي تجاوز بعضها حد الطرافة، ووصل إلى الغرابة، وبرزت تلك الظاهرة في الانتخابات الرئاسية المصرية عام 2005، والانتخابات البرلمانية عام 2010، وتكررت في الانتخابات الرئاسية عام 2012، التي فاز فيها محمد مرسي مرشح جماعة «الإخوان» التي تعتبرها مصر تنظيماً إرهابياً، ثم انتخابات الرئاسة الماضية في عام 2014، التي أسفرت عن فوز ساحق للرئيس السيسي ضد منافسه السابق حمدين صباحي.
الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، بالجامعة الأميركية بالقاهرة، يقول لـ«الشرق الأوسط»: إن «بعض أصحاب لافتات التأييد، لا ينفقون كل تلك الأموال على الدعاية الانتخابية من أجل الوطن أو الشعب؛ بل ينفقونها وأعينهم على المكاسب الشخصية والسياسية المتوقعة بعد نتيجة الانتخابات».
ولفت: «يريد كل واحد منهم أن يسجل موقفه السياسي عند أجهزة الدولة المختلفة، لاستغلاله في أنشطته التجارية، أو لتحقيق شهرة واسعة بين المواطنين في المنطقة، التي يقطن بها، وتسويق نفسه على أنه صاحب علاقة قوية بالحكومة».
ووفق صادق، فإن «رجال الأعمال وأصحاب الشركات التجارية الكبيرة، هم أصحاب نصيب الأسد من لافتات التأييد، ليس فقط لأنهم أصحاب قدرة مالية كبيرة، لكن لأنهم يبحثون عن تحقيق مكاسب سياسية وتجارية وراء هذا التأييد». مضيفاً: يشترك معظم هؤلاء في كتابة عبارات تأييد للاستقرار والبناء».
ورصدت «الشرق الأوسط» انتشار اللافتات المؤيدة للرئيس السيسي في معظم شوارع وميادين القاهرة قبيل أيام قليلة من الانتخابات الرئاسية التي تنطلق في الداخل يوم 26 من الشهر الحالي، وتستمر لمدة ثلاثة أيام. فبجوار قسم شرطة بولاق الدكرور، الذي يقع في الجهة المقابلة لسور جامعة القاهرة خلف خط مترو الأنفاق، التقطت «الشرق الأوسط» صورة لافتة غريبة، قام صاحب مقهى شعبي بمنطقة أبو قتادة بالجيزة، بتعليقها، وكتب عليها: «في هذا الزمان المظلم يا سيسي، مصر أمانة بين أيديك». وذيّلها باسمه «مع تحيات علي الجيزاوي».
وفي شارع جامعة الدول العربية بمنطقة المهندسين، قام الكثير من رجال الأعمال وأصحاب المحال التجارية بتعليق لافتات تأييد للسيسي وسط غياب تام للافتات تأييد المرشح الآخر، موسى مصطفى موسى. وفي ميدان العتبة وسط القاهرة، تكرر الأمر نفسه؛ إذ سارع الكثير من أصحاب المحال التجارية في تعليق لافتات مؤيدة للرئيس السيسي، الأوفر حظاً في الانتخابات الرئاسية.
من جانبه، فسّر الدكتور عمرو هاشم ربيع، المحلل السياسي، ونائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، استمرار ظاهرة تأييد المواطنين للمرشحين في الانتخابات بوسائل الدعاية التقليدية، ومن بينها لافتات الشوارع، بقوله: «المصريون يعشقون أساليب الدعاية التقليدية، وأبرزها اللافتات».
وأوضح أن «بعض المرشحين أو الناخبين يتجهون أحياناً إلى شاشات العرض، والوسائل التكنولوجية في الدعاية السياسي، لكن تظل لافتات الشوارع الوسيلة الأهم، سواء في الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية المصرية».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لافتات تأييد المرشح الأبرز في الانتخابات الحالية الرئيس السيسي تحمل في طياتها أموراً غير طبيعية تصل إلى حد الطرافة والغرابة أو التهريج، وبعضها يثير جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي».
لافتاً إلى أن «هذا لا يمنع وجود بعض المؤيدين الذين ينشدون الاستقرار، وهم ليس لهم مصلحة، أو هدف من الإنفاق على الدعاية، لكن هذه النوعية قليلة جداً مقارنة بالآخرين».
لافتات تأييد السيسي دعم شعبي... ودعاية شخصية
لافتات تأييد السيسي دعم شعبي... ودعاية شخصية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة